الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحُ
قال تعالى: ]الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ @ الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ @ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ @ إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ[ [آل عمران: 172 ـ 175]
قال ابن كثير في تفسير هذه الآيات: «هذا كان يوم حمراء الأسد، وذلك أن المشركين لما أصابوا ما أصابوا من المسلمين ـ في أحد ـ كروا راجعين إلى بلادهم، فلما استمروا في سيرهم ندموا لم لا تمموا على أهل المدينة وجعلوها الفيصلة، فلما بلغ ذلك رسول الله r ندب المسلمين إلى الذهاب وراءهم ليرعبهم ويريهم أن به قوة وجلداً، ولم يأذن لأحدٍ سوى من حضر الوقعة يوم أحد سوى جابر بن عبد الله رضي الله عنه فانتدب المسلمون على ما بهم من الجراح والأثخان طاعة لله عز وجل ولرسوله r.
قال ابن هشام في السيرة: «قال ابن إسحاق: فخرج رسول الله r حتى انتهى إلى حمراء الأسد، وهي من المدينة على ثمانية أميال، واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم… فأقام بها الاثنين والثلاثاء والأربعاء ثم رجع إلى المدينة ـ وكانت موقعة أحُد يوم السبت النصف من شوال ـ». قال: «وقد مر به… معبد بن أبي معبد الخزاعي، وكانت خزاعة مسلمهم ومشركهم عيبة نصح ـ أي مكمن سر ـ لرسول الله r بتهامة، صفقتهم معه، لا يخفون عنه شيئاً كان بها، ومعبد يومئذٍ مشرك، فقال: يا محمد، أما والله لقد عز علينا ما أصابك، ولوددنا أن الله عافاك فيهم، ثم خرج ورسول الله r بحمراء الأسد، حتى لقي أبا سفيان بن حرب ومن معه بالروحاء، وقد أجمعوا الرجعة إلى رسول الله r وأصحابه، وقالوا: أصبنا حد أصحابه وأشرافهم وقادتهم، ثم نرجع قبل أن نستأصلهم، لنكرّنَّ على بقيتهم فلنفرغنّ منهم. قلما رأي أبو سفيان معبداً قال: ما وراءك يا معبد؟ قال: محمد قد خرج في أصحابه يطلبكم في جمعٍ لم أَرَ مثله قط، يتحرقون عليكم تحرقاً، وقد اجتمع معه من كان يتخلّف عنه في يومكم، وندموا على ما صنعوا، فيهم من الحنق عليكم شيء لم أَرَ مثله قط. قال: ويحك، ما تقول؟ قال: والله ما أرى أن ترحل حتى أرى نواحي الخيل. قال: فوالله لقد أجمعنا الكرّة عليهم لنستأصل بقيتهم، قال: فإني أنهاك عن ذلك».
وقال: فثنى ذلك أبا سفيان ومن معه. ومرّ به ركب من عبد القيس، فقال: أين تريدون؟ قالوا: نريد المدينة… قال: فهل أنتم مبلغون عني محمداً رسالة أرسلكم بها إليه… قالوا: نعم. قال: فإذا وافيتموه فأخبروه أنا قد أجمعنا السير إليه وإلى أصحابه لنستأصل بقيتهم، فمرّ الركب برسول الله r وهو بحمراء الأسد، فأخبروه بالذي قال أبو سفيان، فقال: «حسبنا الله ونعم الوكيل».
قال ابن كثير رحمه الله: ]الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا[ أي الذين توعدهم الناس بالجموع وخوفوهم بكثرة الأعداء فما اكترثوا لذلك بل توكلوا على الله واستعانوا به وقالوا: ]حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ[ وقال البخاري… عن ابن عباس «حسبنا الله ونعم الوكيل» قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار وقالها محمد r حين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل.
]فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ[ أي لما توكلوا على الله كفاهم ما أهمهم وردّ عنهم بأس من أراد كيدهم.
]إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ[ أي يخوفكم أولياءه ويوهمكم أنهم ذو بأس وذو شدة.
قال تعالى: ]فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ[.
إن كل من يثبط عزيمة المسلمين الآن هو شيطان من شياطين الإنس الموالين لأميركا ولدول الكفر يبث الذعر في نفوس المسلمين ليخافوا أميركا وحلفاءها ويستسلموا لها.
هذه الآيات توجهنا لأن نصبر ونصابر رغم ما يلحق بنا من تجويع وتخويف وحرب وضرب. وأن نقتدي برسول الله r وأصحابه يوم حمراء الأسد حين استجابوا لله وللرسول من بعد ما أصابهم القرح. ويجب أن تكون نفوسنا خالصة مع الله حسب شرع الله لإعلاء كلمة الله ولكسر شوكة أميركا وإذلال كبريائها مع حلفائها وعملائها.