مع الحديث الشريف – نَضَّر َاللهُ امْرَءاً سَمِعَ مَقالَتِيْ
عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَبَلَّغَهَا فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ زَادَ فِيهِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ وَالنُّصْحُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ” رواه ابن ماجه
جاء في شرح سنن ابن ماجه للسندي بتصرف يسير ” قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( ثَلَاث لَا يُغِلّ عَلَيْهِنَّ) أَيْ ثَلَاث خِصَال مَخْصُوصَة بِالْإِضَافَةِ أَوْ التَّوْصِيف حَال كَوْنه كَائِنًا عَلَيْهِنَّ أَيْ مَا دَامَ الْمُؤْمِن عَلَى هَذِهِ الْخِصَال الثَّلَاث
قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( قَلْب اِمْرِئٍ ) لَا يَدْخُل فِي قَلْبه خِيَانَة أَوْ حِقْد يَمْنَعهُ مِنْ تَبْلِيغ الْعِلْم فَيَنْبَغِي لَهُ الثَّبَاتُ عَلَى هَذِهِ الْخِصَال حَتَّى لَا يَمْنَعُهُ شَيْءٌ مِنْ التَّبْلِيغ وَبِهَذَا ظَهَرَ مُنَاسَبَة هَذِهِ الْجُمْلَة بِمَا قَبْلهَا
قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِخْلَاصُ الْعَمَل لِلَّهِ ) أَيْ جَعَلَ الْعَمَل خَالِصًا لِلَّهِ لَا لِغَيْرِهِ مِنْ مَحَبَّته أَيْ بِلَا عَدَاوَة
قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَالنُّصْح ) أَيْ إِرَادَة الْخَيْر وَلَوْ لِلْأَئِمَّةِ وَفِيهِ أَنَّ إِرَادَة النُّصْح لِلْأَئِمَّةِ يَكْفِي فِي إِرَادَته لِكُلِّ أَحَد لِأَنَّ فَسَاد الرَّعَايَا يَتَعَدَّى آثَاره إِلَيْهِمْ وَيُؤْخَذ مِنْ هَذَا أَنَّ رَئِيس الْأَئِمَّة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُصْحُهُ مَطْلُوبٌ بِهَذَا الْحَدِيث أَوَّلًا وَنُصْحُهُ يَتَضَمَّنُ النُّصْح لِتَمَامِ أُمَّته صَلَّى اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
إن حاجة الأمة في هذا الزمان لإشاعة مفهوم التناصح والعمل به كبيرة، سواء أكان على صعيد الأفراد والعلماء أم على صعيد الحركات والأحزاب، فالتناصح والمناظرة المبنية على النصيحة لا على التغالب مطلوب بين الحركات الإسلامية، وكل صاحب صلاحية بحاجة إلى النصيحة، وذلك لأنك لا تبصر كل عيوبك، ولا تعرف كل ذنوبك، فإذا طلبت منه النصح؛ بصرك بها، فعرفتها وتجنبتها. قال الغزالي لأنه يرى منه ما لا يرى من نفسه، فيستفيد من أخيه معرفة عيوب نفسه، ولو انفرد لم يستفد، كما يستفيد بالمرآة الوقوف على عيوب صورته الظاهرة، وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “المؤمن مرآة المؤمن”، وفي رواية “إن أحدكم مرآة أخيه، فإن رأى به أذى فليمطه عنه”. وقد كان عمر رضي الله تعالى عنه يستهدي ذلك من إخوانه، ويقول رحم الله امرءا أهدى إلى أخيه عيوبه، ويقول الحسن“قد كان من قبلكم من السلف الصالح يلقى الرجل الرجل، فيقول يا أخي: ما كل ذنوبي أبصر، وما كل عيوبي أعرف، فإذا رأيت خيراً فمرني، وإذا رأيت شراً فانهني”