مع الحديث الشريف أَمُتَهَوْكِنٌ فِيهَا يا ابْنَ الْخَطّابِ؟!
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُتُبِ فَقَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَضِبَ فَقَالَ أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً لَا تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي” وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي مَرَرْتُ بِأَخٍ لِي مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ فَكَتَبَ لِي جَوَامِعَ مِنْ التَّوْرَاةِ أَلَا أَعْرِضُهَا عَلَيْكَ قَالَ فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ ثَابِتٍ فَقُلْتُ لَهُ أَلَا تَرَى مَا بِوَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عُمَرُ رَضِينَا بِاللَّهِ تَعَالَى رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا قَالَ فَسُرِّيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ أَصْبَحَ فِيكُمْ مُوسَى ثُمَّ اتَّبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِي لَضَلَلْتُمْ إِنَّكُمْ حَظِّي مِنْ الْأُمَمِ وَأَنَا حَظُّكُمْ مِنْ النَّبِيِّينَ“. رواه أحمد والدارمي
روى خالد بن عُرْفُطَة قال:( كنت عند عمر بن الخطاب إذ أُتي برجل من عبد القيس مسكنه السوس، فقال له عمر: أنت فلان بن فلان العبدي؟ قال:نعم. قال:وأنت النازل بالسوس؟ قال:نعم، فضربه بقناة معه ثلاث ضربات، ثم قال له عمر: أنت الذي انتسخت كتاب دانيال؟ قال نعم. قال:اذهب فامحه بالحميم والصوف الأبيض ولا تقرأه ولا تُقرئه أحداً من الناس ) .
إن من أسماء الحاكم على الناس القائم على أمورهم”المهيمن”، قال المبرد والجوهري وغيرهما: المهيمن في اللغة المؤتمن، وقال الخليل: الرقيب الحافظ، وقال بعض أهل اللغة: الهيمنة: القيام على الشيء والرعاية له.
فعمر رضي الله عنه كان حاكماً على الناس مؤتمناً على دين الله قائماً بتبعات الحكم والرعاية للناس بحسب أمر الله فكان لا يسمح بوجود كل ما يُلوّث عقول المسلمين من أفكار وثقافات تناقض الإسلام وتستزل ميولهم نحو الانحراف عن منهج الله، فعاقب كل من حاول العبث بثوابت الأمة فاستقر الدين وسَلِم الناس.
أما اليوم فحكام المسلمين مُهَيْمَنٌ عليهم من قوى الاستعمار، خانوا الله ورسوله والمؤمنين، يضعوا الخطط والوسائل والأساليب هم ومن معهم من بطانة السوء والمكر لِيُلَوِّثوا عقل الأمة وميولها فيشيعوا فيها أفكار الديمقراطية والحريات والفلسفات والقومية والوطنية وغيرها يُركِّزون ذلك في الإعلام المسموع والمقروء في مناهج التعليم في المكتبات، فتخلخلت ثوابت الأمة واضطرب المجتمع، ولن يستقر الدين ويتميز المجتمع بالإسلام إلا بوجود حاكم كعمر يُهيمن على الناس من خلال الحكم بدولة الخلافة على منهاج النبوة فيضرب العابثين ويُصفِّد المُلوّثين فيأمن الناس على دينهم ودنياهم.