تفجير طرابلس الثاني جزء من مخطط يستهدف اتهام طرابلس بالإرهاب تمهيداً لقمع أهلها
عندما وقعت جريمة التفجير في شارع المصارف يوم 13 من آب الماضي ووقع ضحيتها عشرات القتلى والجرحى معظمهم من عناصر الجيش، أعلنّا بوضوح أن تلك الجريمة أتت في سياق الصراع السياسي الدائر بين الأطراف المحلية المرتبطة بالأطراف الخارجية التي تتخذ من أرواح الناس ودمائهم وأمنهم أداة لتبادل الرسائل والضغوط. ففيما يحاول أحد الفريقين توظيف مشاعر أهل طرابلس وتديّنهم وهواجسهم في مواجهة خصمه، يعمد الفريق الآخر إلى قطع الطريق أمام خصمه وحرمانه من إحدى أهم أوراقه، من خلال توجيه ضربة أمنية لأهل طرابلس، ولا سيما لشبابها المتديّن، بذريعة محاربة الإرهاب. وقد اتضح هذا الهدف الأخير من خلال مسارعة بعض السياسيين والأبواق الإعلامية إلى اتهام التيارات الإسلامية بذلك التفجير دونما استناد إلى أي دليل أو حتى أي شبهة. ثم أتى بعد ذلك التهديد الصريح أمام العالم كله وبحضور مجموعة من رؤساء الدول بأنه “لا استقرار في لبنان دون القضاء على التطرف والقوى السلفية في شمال لبنان”.
واليوم يتكرر المشهد من جديد إذ يقع تفجير وحشي جديد، يستهدف بشكل مباشر عناصر الجيش من أهل طرابلس والشمال، ثم في سياق تكامل الأدوار تتسارع الاتهامات الجاهزة مستهدفة طرابلس وأهلها وتديّنها، من خلال توجيه الاتهام إلى (المتطرفين) و(الإرهابيين) فيها.
خلاصة الكلام: إن هذه المجزرة الإجرامية الجديدة التي سقط ضحيتها فوج جديد من الأبرياء من أهل طرابلس والشمال، من عسكريين ومدنيين، هي محاولة أخرى للإيقاع بطرابلس وأهلها، ولزجِّ ضباط الجيش وعناصره في مواجهة مأساوية مع أهلهم وإخوانهم وأبناء بلدهم، تحت ذريعة محاربة الإرهاب. وإنه في حال نجاح هذه الخطة، لا سمح الله، فإن المخططين يكونون قد أحرزوا وساماً جديداً يعلقه على صدرهم السيد الأمريكي مكافأةً لهم على محاربة (الأصولية) و(الإرهاب الإسلامي)، فوق إحرازهم تقدماً على خصومهم في لبنان.
إن من شأن وضوح الصورة وخلفيتها السياسية أن يحول دون انجرار الرأي العام والأوساط السياسية والإعلامية إلى تحقيق مآرب المخططات الإجرامية التي تسترخص أرواح الناس ودماءهم وأمنهم في سبيل تحقيق أهدافهم وأهداف أسيادهم. وخير واعظ لنا في هذا الشأن كتاب الله تعالى القائل: (وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً)