Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف  الصَّبْرُ وَالْحِلْمُ

 

    عَنْ ‏ ‏الزُّهْرِيِّ ‏ ‏قَالَ أَخْبَرَنِي ‏ ‏عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ ‏ ‏أَنَّ ‏ ‏أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ ‏ ‏أَخْبَرَهُ أَنَّ أُنَاسًا مِنْ ‏ ‏الْأَنْصَارِ ‏ ‏سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَلَمْ يَسْأَلْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا أَعْطَاهُ حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُمْ حِينَ نَفِدَ كُلُّ شَيْءٍ أَنْفَقَ بِيَدَيْهِ (‏ ‏مَا يَكُنْ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ لَا أَدَّخِرْهُ عَنْكُمْ وَإِنَّهُ مَنْ يَسْتَعِفَّ يُعِفَّهُ اللَّهُ وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ وَلَنْ تُعْطَوْا عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنْ الصَّبْرِ ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ

    ذَكَرَ الْإِمَامُ ابْنُ حجْرٍ فِي فَتْحِهِ ( وَفِي الْحَدِيثِ الْحَضُّ عَلَى الِاسْتِغْنَاءِ عَنِ النَّاسِ وَالتَّعَفُّفُ عَنْ سُؤَالِهِمْ بِالصَّبْرِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ وَانْتِظَارِ مَا يَرْزُقهُ اللَّهُ , وَأَنَّ الصَّبْر أَفْضَلُ مَا يُعْطَاهُ الْمَرْءُ لِكَوْنِ الْجَزَاءَ عَلَيْهِ غَيْرَ مُقَدَّرٍ وَلَا مَحْدُودٍ . وَقَالَ اِبْنُ الْجَوْزِيِّ : لَمَّا كَانَ التَّعَفُّفُ يَقْتَضِي سَتْرَ الْحَالِ عَنِ الْخَلْقِ وَإِظْهَارِ الْغِنَى عَنْهُمْ فَيَكُونُ صَاحِبَهُ مُعَامِلًا لِلَّهِ فِي الْبَاطِنِ فَيَقَعُ لَهُ الرِّبْحُ عَلَى قَدْرِ الصِّدْقِ فِي ذَلِكَ , وَإِنَّمَا جُعِلَ الصَّبْرُ خَيْرَ الْعَطَاءِ لِأَنَّهُ حَبْسُ النَّفْسِ عَنْ فِعْلِ مَا تُحِبُّهُ وَإِلْزَامُهَا بِفِعْلِ مَا تَكْرَهُ فِي الْعَاجِل مِمَّا لَوْ فَعَلَهُ أَوْ تَرَكَهُ لَتَأَذَّى بِهِ فِي الْآجِلِ . وَقَالَ الطِّيبِيُّ : وَمَنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَأَظْهَرَ الِاسْتِغْنَاءَ فَتَصَبَّرَ وَلَوْ أُعْطِىَ لَمْ يَقْبَل فَذَاكَ أَرْفَعُ دَرَجَةٍ , فَالصَّبْرُ جَامِعٌ لِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ ) .

                              

    الصَّبْرُ هُوَ تَحَمُّلُ الْأَذَى وَالْمَكْرُوهِ، وَتَوْطِينُ النَّفْسِ عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ يَنْتُجُ عَنِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ مَا يَتَأَذَّى بِهِ الْآمِرُ وَالنَّاهِي وَيكْرَهُهُ مِنْ ضَرَرٍ مَعْنَوِيٍّ أَوْ مَادِّيٍ، فَعَلَيْهِ بِالصَّبْرِ عَلَى ذَلِكَ وَبِاحْتِسَابِ الْأَجْرِ مِنَ اللهِ. قَالَ تَعَالِى: { يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (. وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْخَطْمِيِّ أَنَّ جَدَّهُ عُمَيْرٌ بْنُ حَبِيبِ بْنُ حَمَاشَةَ وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ احْتِلاَمِهِ، أَوْصَى وَلَدَهُ فَقَالَ: ( يَا بُنَيَّ إِيَّاكَ وَمُجَالَسَةَ السُّفَهَاءِ فَإِنَّ مُجَالَسَتَهُمْ دَاءٌ، وَمَنْ يَحْلُمُ عَنِ السَّفِيهِ يُسَرُّ، وَمَنْ يُجِبْهُ يَنْدَمُ، وَمَنْ لاَ يَرْضَى بِالْقَلِيلِ مِمَّا يَأْتِي بِهِ السَّفِيهُ يَرْضَى بِالْكَثِيرِ، وَإِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ أَوْ يَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، فَلْيُوَطِّنْ نَفْسَهُ عَلَى الصَّبْرِ عَلَى الْأَذَى، وَلْيَثِقْ بِالثَّوَابِ مِنَ اللهِ تَعَالَى، فَإِنَّهُ مَنْ وَثِقَ بِالثَّوَابِ مِنَ اللهِ عَزَّ َوَجَلَّ لَمْ يَضُرُّهُ مَسُّ الْأَذَى ).