يوم أن كان للمسلمين دولة.. يوم أن كان للمسلمين خليفة!!
كان العرب في الجاهلية قبائل متناحرة، تثور بينها الحروب، وتراق الدماء لأتفه الأسباب، أو إرضاء لأسيادهم من فرس وروم، رغم أنهم كانوا خامات بحاجة إلى صانع حاذق ماهر يصوغهم لقيادة العالم، ويقودهم لعز الدنيا والآخرة، وهذا ما حصل عندما جاء رسول الله، فانتقلوا من التبعية إلى السيادة، ومن العبودية إلى الحرية ومن الذل إلى العز ومن الفرقة إلى الوحدة ومن هموم الصغار إلى هموم القادة الكبار العظام، وكانت النقلة نوعية، فكرياً وعقائدياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً، حتى أصبحوا أعظم ساسة وأعز قادة وحملة أرحم رسالة عرفها التاريخ البشري، وانتشلوا البشرية من عبادة البشر إلى عبادة رب البشر ومن رجس الجاهلية إلى طهارة الإسلام.
لقد أسس رسول الله صلى الله عليه وسلم دولة الإسلام في المدينة، وبدأت الأحكام تنزل عليه تترى، وينزلها على أرض الواقع ليسعد ويسعد غيره من أبناء جلدته وأتباع رسالته، وتم بناء عقيدة الأمة على ضوء ما يقرره القرآن من حقائق، فتم هدم عقائد الشرك والجاهلية، وتم هدم وتصحيح ما ادعاه أهل الكتاب من عقائد باطلة زائفة، فأصبحت القدسية لأحكام وعقائد الإسلام وحده لا غير، وكان اليهود محوراً أساسياً من محاور هذه العقائد، وبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم يتعامل معهم على ضوء ما تقرر من عقائد قرآنية، ولا ينظر إلى ما كان شائعاً من عقائد وأفكار بين الناس من محاسن أو مساوئ.
أيها المسلمون: يوم أن كان لكم حاكماً يحكم بكتاب الله وسنة رسوله….
قام يهودي من بني قينقاع بكشف سوأة امرأة مسلمة، فقام مسلم غيور على أعراض المسلمين بقتل اليهودي، فشد اليهود على هذا المسلم الغيور فقتلوه فقام الرسول صلى الله عليه وسلم بحصار بني قينقاع وأجلاهم عن المدينة ثأراً لدم المسلم الغيور وعرض المسلمة العفيفة.
أيها المسلمون: يوم أن كان لكم حاكماً يحكم بكتاب الله وسنة رسوله…..
قام يهود بني النضير بمحاولة اغتيال الرسول صلى الله عليه وسلم عندما جاءهم يطلب سهمهم في دية امرئ قتيل، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجلاهم عن المدينة المنورة وذلك لمجرد التفكير في الغدر والخيانة.
أيها المسلمون: يوم أن كان لكم حاكماً يحكم بكتاب الله وسنة رسوله…
نقض يهود بني قريظة العهد في غزوة الأحزاب كعادة يهود في ذلك فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتل مقاتلتهم، وسبى ذراريهم ردعاً لغيرهم وانتقاماً منهم على أفعالهما الخسيسة الوضعية.
أيها المسلمون: يوم أن كان لكم حاكماً يحكم بكتاب الله وسنة رسوله…..
حاول يهود خيبر تأليب القبائل العربية لاستئصال شأفة المسلمين في المدينة المنورة، فجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشاً وسار به إلى مكة فعقد مع أهلها صلح الحديبية، وسار بهذا الجيش إلى حصون يهود في خيبر فدكها ودمرها وجعلها غنيمة للمسلمين ولم يقم بعدها لليهود قائمة.
أيها المسلمون: يوم أن كان لكم حاكماً يحكم بكتاب الله وسنة رسوله…..
أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولاً إلى ملك الروم، فقتل هذا الرسول، فجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشاً لتأديب الروم، وانتقاماً لدم رسوله، وكانت غزوة مؤتة التي كسر المسلمون فيها هيبة الروم وأزالوا رهبتهم من نفوس أبناء المسلمين وكانت فتحاً في تاريخ الإسلام والمسلمين.
أيها المسلمون: يوم أن كان لكم حاكماً يحكم بكتاب الله وسنة رسوله…..
نقضت قريش صلح الحديبية فأغارت حليفتها قبيلة بنو بكر على حليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم قبيلة خزاعة، وفور وصول رسول خزاعة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم قال كلمته المشهورة: ( نصرت يا عمرو بن سالم ) وجهز جيشاً عرمرماً وسار به إلى مكة وفتحها، فلم يشجب ولم يستنكر فعل قريش كعادة الجبناء والأنذال والخونة، بل تصرف تصرف القادة العظام الغيورين على أبناء جلدتهم وعلى حلفائهم، وما يمليه عليه عظم مسؤوليته.
أيها المسلمون: يوم أن كان للمسلمين دولة …. يوم أن كان للمسلمين خليفة….
صرخت امرأة مسلمة أسيرة في بلاد الروم مستغيثة بخليفة المسلمين قائلة “وامعتصماه” لينقذها من أسر الروم ويرد لها اعتبارها، فلامست صرختها أذن ونخوة المعتصم فانتفض ثائراً “لبيك يا أختاه” وجهز جيشاً جراراً كان هو على رأسه فهزم الروم وفتح عمورية وأذل من أسرها واستهزأ بها وسخر، وأعاد للمرأة وللأمة عزتها وكرامتها.
أيها المسلمون: يوم أن كان للمسلمين دولة …. يوم أن كان للمسلمين خليفة….
أراد ملك الروم نقفور أن لا يدفع الجزية للمسلمين بل زاد بأن طلب ما دفعته سلفته زاعماً أنها كانت امرأة، فرد عليه خليفة المسلمين قائلاً: (من هارون الرشيد أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، سترى بعينك ما لا تسمع بأذنك) وجهز جيشاً أذل به جيش الروم وحاكمهم نقفور وأجبره على دفع الجزية وضعفها.
أيها المسلمون: يوم أن كان للمسلمين دولة …. يوم أن كان للمسلمين خليفة….
أسرت ألمانيا ملك فرنسا فاستنجد الفرنسيون بخليفة المسلمين العثماني لتحرير ملكهم، لأنهم يدركون أن لا أحد يحرره إلا خليفة المسلمين فكتب خليفة المسلمين لملك ألمانيا… (أطلق سراحه فوراًً، وإلا فإن حوافر خيلي ستدك باحات قصرك) وأطلق سراحه فوراًً لأنه كان يعلم أن المسلمين يتبعون أقوالهم بالأفعال.
أيها المسلمون: يوم أن كان للمسلمين دولة …. يوم أن كان للمسلمين خليفة….
كان المسلمون يعيشون في عز ومنعة، ولكن عندما فقدوا تاج فرائضهم وأضاعوا خلافتهم ودولتهم هانوا على كل الناس… بل هانوا على أخس وأذل الناس هانوا على اليهود.
ولن يعود للأمة كرامتها وعزتها إلا بإعادة ما فقدته، إعادة الخلافة الإسلامية إلى واقع الحياة ليستأنفوا بها عزهم وقيادتهم للعالم، وهذا لن يكون إلا بإزالة هذه الأنظمة وهؤلاء الخونة من الحكام الأذلاء والذين كانوا السبب الأول والأخير في هواننا على أذل الخلق وأخسهم.
وراعي الشاة يحمي الذئب **** عنها فكيف إذا الرعاة لها ذئاب
أيها المسلمون: لو كانت لكم دولة إسلامية …. لو كان لكم خليفة مسلم….
فهل سيتجرأ الغرب الصليبي الكافر باقتطاع أقصاكم وإعطائه ليهود…؟
وهل سيتجرأ الغرب الصليبي الكافر بتنصيب هؤلاء الحكام الخونة عليكم…؟
لو كانت لكم دولة خلافة إسلامية …. لو كان لكم خليفة مسلم…..
هل سينتهك اليهود مقدساتكم ويهتكوا أعراضكم ويسفكوا دماءكم….؟
هل سيفعل اليهود ما يفعلونه في غزة من قتل أطفال ونساء وشيوخ وتدمير بيوت وما فعلوه من قبل في مخيم جنين وفي دير ياسين وكفر قاسم؟
لو كان قادتكم كعمر بن الخطاب الراشدي وعمر بن عبد العزيز الأموي وهارون الرشيد العباسي ومحمد الفاتح العثماني فهل سيفكر الغرب الصليبي قبل اليهودي بالاقدام على ما يقومون به منذ أن زالت خلافتكم ودالت على يد بريطانيا الصليبية.
أيها المسلمون:
إن مأساتكم في حكامكم …. فهؤلاء لو كانوا من رحم أمتكم لما رضوا بما حصل وما يحصل لإخوانكم في غزة…..
إن هؤلاء هم أس البلاء وشره، وهم سبب ضعفكم وتفرقكم وهوانكم على الناس… إنهم أموات فعجلوا بدفنهم ولا تأسفوا عليهم…
أيها المسلمون:
إن سعادتكم في الدنيا والآخرة هو في إزالة هؤلاء الحكام الخونة، أعوان وعملاء الغرب الصليبي وإقامة دولة الخلافة لاستئناف حياة إسلامية فلا تبخلوا بالعمل لما يرضي الله ورسوله ولما فيه سعادتكم في الدنيا والآخرة.
اللهم عجل لنا بقيام دولة الخلافة على منهاج النبوة …. اللهم آمين اللهم آمين.