سلسلة قل كلمتك وامشِ- مشاهدات متصورة لأرواح الشهداء ح4 – غزة – الأستاذ أبي محمد الأمين
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
في هذا الموضوع سنتحدث عن مشاهد متصورة فيها اجتمع بعض من أرواح الشهداء بإذن الله في الملأ الأعلى، وأخذت هذه الأرواح تتذاكر فيما جرى لها نتيجة عدوان غاشم لئيم من أجبن خلق الله، وكيف أن إخوانا ً لهم تركوهم لمصيرهم عزلا ً إلا من إيمان بالله وثقة بعفوه.
استجمع الوفد قواه، وطار مرفرفا ً فوق أطراف الجزيرة العربية، فابتدأت بقطر، هذه الدويلة التي لم يكن فيها وفاء للآباء فكيف يكون فيها الوفاء لأبناء الأمة الإسلامية وبالذات أبناء غزة المنكوبة، غزة الصابرة، غزة الصامدة أمام أشرس هجمة عرفها التاريخ، هجمة يقوم أجبن خلق الله، هجمة يقوم بها من ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة، وباؤوا بغضب منه إلى أن تقوم الساعة ، هؤلاء الجبناء إن ضربوا فإنهم يضربون ضرب الذليل الذي إن تمكن فتكون ضربته مؤلمة. المهم رفرف الوفد فوق قطر فرأى ويا ليته لم ير، لقد رأى علم دولة العدوان يرفرف في سمائها مدنسا ً هواءها، ويكسوها بالظلمة والهوان.
قالت الروح المستنيرة: ألم أقل لكم أننا سنرى في رحلتنا هذه العجب العجاب؟ لقد رأينا وسمعنا كلاما ً حماسيا ً لا يقوله إلا كل مخلص أبى أن تكون بلده محطة انطلاق لضرب واحتلال العراق، أو أن يكون للكفار الأمريكان أعداء المسلمين والإنسانية بأسرها وجود ٌ وقواعد عسكرية ومخازن أسلحة.
سكتت الروح وقالت: هل تسمعن ما أسمع؟ إنني أسمع اقتراحا ً يخرج من فم واسع، يدعو إلى اجتماع قمة عربية لبحث موضوع غزة، وعارضه عميل الأمريكان رقم (1) في المنطقة، حاكم مصر. قالت الأرواح: وما الرأي؟ قالت الروح المستنيرة: إن الموضوع لا يحتاج إلى طول تفكير فعملاء الإنجليز يريدون إحراج عملاء أمريكا، لا أكثر ولا أقل، وحتى لو اجتمعوا فلن يخرج عن الاجتماع إلا كل ذل وخزي وعار ونذالة. أما الداعي إلى المؤتمر فلو كان جادا ً في دعوته وحرصه على نجدة أهل غزة الصامدة، لأغلق مكتب دولة العدوان، ولأنزل علمها من سماء بلاده قبل أن يدعو إلى أي شيء ولكنها الأيام تبدي لك العجب من هؤلاء الحكام الذين يظنون أن الشعب لا يدرك ماذا يجري حوله، فدعونا نذهب فقد أصابنا الغثيان مما نرى ونسمع من تناقض وخيانة.
ذهبت الأرواح إلى ما تسمى بدولة الإمارات المنعوتة ظلما ً بالعربية والمتحدة، وما هي كذلك. رأت الأرواح أن كل شيء يسير على ما يرام، وكأنما يحدث في غزة لا يعنيهم، فالوافدون مشغولون بهموم العيش والحفاظ على البقاء لأن جهاز أمن الدولة جاهز للقبض على أي إنسان، وسجنه وتعذيبه ثم تسفيره من البلد. أما أهل البلاد فقد اشغلوهم بأمور أخرى، ففريقا ً من الناس اشغلوهم بسباق الهجن، وطبقة الشباب بكرة القدم ومن سيفوز بالدوري، وقسم أخير انشغلوا بالأسهم وتجارة الأسهم ومحاولة تعويض خسارة الأمس، وهكذا لم نسمع أن قامت مظاهرة واحدة للتأييد والتنديد تذكر اللهم إلا المظاهرة الرسمية التي دعا إليها الشيخ القرضاوي، وما قيل عن الإمارات يقال عن عًُمان، فالحكام لا يحتملون أن يعلو صوت في الشارع، ولا أن يتجمع أي عدد.
تركت الأرواح هذه الأمكنة، وطارت نحو أرض الحرمين، الحرم المكي الذي هو أول بيت وضع للناس، وحرم الرسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
قالت إحدى الأرواح: دعونا نمر بمدينة الرياض أولا ً، الرياض عاصمة ما يسمى بالدولة السعودية، هذه الدولة التي لن يغيب عن بالنا أن الذي أقامها ومكن لها هم الإنجليز أعداء الإسلام والمسلمين، فقد أتوا بمن يسمى بالمؤسس الثاني عبد العزيز بن عبد الرحمن من الكويت، وأمدوه بالمال والسلاح لفتح الرياض، وحصل ما خططت له بريطانيا لتكون هذه الدولة سكينا ً يضاف إلى السكاكين الأخرى التي سخرتها بريطانيا لتعمل في جسد الدولة الإسلامية – دولة خلافة بني عثمان- في الآستانه – تقطيعا ً وتمزيقا ً. ولقد قام عبد العزيز وأولاده من بعده بخدمة الذين أسدوا لهم معروفا ً بإيجاد دولتهم. وجدت الأرواح في حكام الرياض كل غلظة وجلافة، وجدت فيهم النفاق بعينه، ينافقون بإظهار التدين ويعملون ضده في الخفاء يعلنون أنهم دولة إسلامية تحكم بالإسلام والربا يفشو في كل شارع، وكل زاوية في جزيرة العرب التي يتحكم بها أولاد عبد العزيز حتى أن إشراك من هم من غير العائلة لا يكاد يظهر لهم أثر في الحكم والسلطان. ولقد ساعد عبد العزيز على إقامة دولة اليهود وأولاده يحاولون تثبيتها بما يسمى بالمبادرة العربية للسلام مع يهود، ويتولون أعداء الإسلام والمسلمين من أمريكان وإنجليز، ويمدونهم بالنفط والمال لمساعدتهم في أزماتهم، ولقد وجد هؤلاء الحكام من آل سعود كل تأييد وتبرير لأعمالهم من بعض العلماء الذين باعوا دينهم بدنيا غيرهم، هؤلاء العلماء الذين تركوا الحكام من آل سعود يعملون ما يشاؤون في البلاد والعباد، وأخذوا بالتمسك بالنوافل وترك الفروض، ومراقبة عقائد أبناء المسلمين، وينصبون أنفسهم حكما ً على هذه العقائد، فسار هؤلاء الحكام في غيهم لا يردعهم رادع حتى أن بعض العلماء يعتبرونهم أمراء للمؤمنين.
وعندما وصلت الأرواح إلى بلاد الحرمين ما كان من الحرمين إلا أن قالا بصوت واحد: ” إننا نجأر إلى الله بالدعاء أن يخلصنا من هؤلاء الحكام الخونة الذين سربلونا بالخزي والعار، وجللونا بثياب الذل بتركهم الجهاد. إنهم يسمون أنفسهم خدام الحرمين متشبهين بخلفاء بني عثمان وشتان بين الثرى والثريا، شتان بين خادم للحرمين كان يقود جيوش الفتح في أوروبا وغيرها، وكان الأعداء يقولون إن الجيش الإسلامي لا يقهر، وبين خادم يسخر جيشه لقتل الناس، وإرهابهم، لا لحماية الإسلام والمسلمين.
وأضاف الحرمان:” نطالبكم أيها الأرواح أن تلحوا بالدعاء إلى الله أن يأخذ هؤلاء الحكام ويوفق العاملين لإيجاد دولة الخلافة الراشدة، لمبايعة خليفة يرفع راية الجهاد لتحرير الحرم الثالث الذي تشد إليهم الرحال، والله نسأل أن يمن على المسلمين بنصر عزيز مؤزر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أخوكم أبو محمد الأمين