سلسلة قل كلمتك وامشِ- الانتخابات اليهودية – الأستاذ أبي محمد الأمين
وأخيراً تمت الانتخابات اليهودية ففاز من فاز وسقط من سقط ولنا معها وقفة قصيرة فيما يلي:
إن المسألة الفلسطينية هي تتحكم بالأوضاع السياسية في فلسطين وفي منطقة العالم العربي، كما أن الصلح مع اليهود هو الذي يحرك التيارات السياسية يمينا وشمالا وهو الذي يقتل قادة ويأتي بقادة وهو الذي يبعد ساسة ويأتي بآخرين.
منذ مكن الكافر المستعمر وأعوانه اليهود على إقامة دولة لهم في فلسطين ومحاولات عقد معاهدات صلح بينهم وبين العرب أعني حكام العرب الذين ساعدوا على إقامة دولة اليهود في فلسطين، وفيما يلي استعراض سريع لبعض محاولات الصلح بين الحكام العرب وبين ودولة يهود.
إن أول محاولة للصلح كانت التي اتفق فيها الملك عبد الله بن حسين مع الأمريكان على عقد معاهدة صلح مع اليهود على وعد بإرجاع الحجاز إلى ما يسمى بالهاشميين, وما أن سمعت بريطانيا بالخبر حتى صعقت من جرأة عميلها عبد الله عليها وعلى مخالفتها بعقد اتفاق مع الأمريكان فتآمرت عليه وقتلته على مدخل المسجد الأقصى في القدس وقتلت معه الاتفاق وهذه المحاولة التي أفشلتها بريطانيا بقتل الملك عبد الله.
بعد هذه المحاولة عينت أمريكا سفيرا لها في مصر اسمه هنري بايرود بدلا من جيفرسون كافري الذي رسخ النفوذ الأمريكي في القاهرة بثورة 23 يوليو والذي بقي في منصبه حتى أشرف على عقد معاهدة الجلاء والتي تنص على جلاء القوات البريطانية من منطقة قناة السويس. هذا السفير الذي أشرف أيضاً على ترحيل الملك فاروق والوقوف في صف المودعين وكأنه يقول للانجليز ها قد أشرفت على رحيل آخر نفوذ لكم في مصر. أقول عينت أمريكا السيد بايرود خلفا لكافري.
أخذ بايرود يقوم باتصالات لترتيب مفاوضات الصلح بين مصر واليهود، وكان الرجل المكوك بين الطرفين أحد رجال الدين النصارى، لكن الأيام لم تمهله والأحداث تسارعت وحصل العدوان الثلاثي على مصر فتوقفت العجلة عجلة الصلح عن الدوران، أوقفت أمريكا العدوان على مصر وأتت بالبوليس الدولي ليشرف على خطوط الهدنة وعلى سيناء، وفي حينها قيل بأن القضية وضعت في ثلاجة ولمدة عشر سنوات.
المهم انتهى العهد الجمهوري بمجيء كيندي الديموقراطي بدلاً من أيزنهاور الجمهوري. وما أن بدأ كيندي العمل في البيت الأبيض إلا وبدأ بمحاولات إجراء صلح بين مصر أولاً واليهود على أن تتبعها البلدان العربية الأخرى، لكن كيندي هو الآخر لم تمهله الأيام فاغتيل في أواخر تشرين ثاني نوفمبر من عام 1963م فتوقفت العجلة مرة أخرى.
وفي عام 1964 أرسل الانجليز عميلهم بورقيبة إلى الضفة الغربية معلنا خطة للصلح بين العرب واليهود، لكن الأمريكان وعملاءهم أفسدوا عليه خطته ورحلته غير الموفقة. وهنا أدرك الإنجليز أن كيانا يهوديا منفصلاً لا يمكن قبوله في العالم العربي ولذلك فلا بد من خطة أخرى تجعل اليهود مقبولين في العالم العربي وحتى في جامعة الدول العربية، فصارت توعز إلى عملائها ومنهم بورقيبة بالتحدث عن ما ورد في الكتاب الأبيض لعام 1939 والذي يقضي بإقامة دولة متعددة الأديان والأعراق، دولة علمانية تقسم فيها السلطة بين اليهود والمسلمين والنصارى. هذه الخطة التي قاومها الأمريكان الذين يريدون دولتين في فلسطين واحدة لليهود وأخرى للفلسطينيين، ومن أجل ذلك أوعزوا لعملائهم بإيجاد ما يسمى بمنظمة التحرير الفلسطينية لتتولى مفاوضات الصلح وتوقيع الاتفاقيات من قبل الفلسطينيين أنفسهم، لأنه إذا لم يوقع الفلسطينيون المعاهدات فلا قيمة لها باعتبار أن أهل فلسطين هم أهل القضية وهم المخولون بالتوقيع وهم وحدهم الذين يستطيعون التنازل عن فلسطين.
أراد الإنجليز وعملاؤهم إنهاء القضية وتوقيع الصلح فقاموا بإشعال حرب ما يسمى بالأيام الستة والتي في حقيقتها لم تتعد الساعات الثلاث فاحتل اليهود سيناء ووقفوا على الضفة الشرقية لقناة السويس وسلمت لهم الضفة الغربية بغير قتال يذكر وبذلك سلمت لهم هضبة الجولان بأكملها دونما حرب أو قتال. بدأ الانجليز مفاوضات الصلح بين الأردن واليهود وكان الذي فاوض عن الأردن في ذلك الوقت أنور الخطيب الذي كان محافظاً للقدس وقت التسليم ومن قبلها كان وزيراً لأكثر من مرة، وبدأت المفاوضات في شهر يونيو شهر الهزائم والتسليم فقد أذاع التلفزيون البريطاني بتاريخ 27/6/1967 أن المفاوضات تجري بين الأردن واليهود.
فطن الأمريكان لذلك فأوعزوا لعملائهم بالدعوة لمؤتمر قمة فكان مؤتمر الخرطوم الذي خرج باللاءات الثلاث لا مفاوضات، لا صلح، لا اعتراف بدولة يهود فجمدت اتفاقية الصلح بين الأردن واليهود وقامت أمريكا بتسمية القضية بقضية الشرق الأوسط أي أن القضية هي قضية نفوذ بين الأمريكان والإنجليز وهي أكبر من أن تكون قضية صلح بين العرب واليهود ومنذ ذلك الوقت وأمريكا تحول دون أي صلح لا يحقق مصالحها في الانفراد بالنفوذ في الشرق الأوسط ولا تريد منازعا. وكم من المفاوضات حدثت، وكم من المباحثات جرت دونما طائل ودون الوصول إلى نتيجة تذكر.
والآن وبعد العدوان الغادر على غزة وحدثت الانتخابات ارتفعت وتيرة أبناء أوسلو والمحافظين على ذلها وإذلالها بالخوف من الآتي في الانتخابات النيابية حتى احدهم قال مخاطباً المقاومة في غزة قائلاً شكرا لكم فقد أتيتم لنا بنتنياهو المتشدد.
عجباً لهؤلاء الخونة الذين يصرون على التنازل عن فلسطين لليهود ليجلسوا على خوازيق أعدها لهم أسيادهم وسموها بالكراسي والعروش وما إليها.
وإننا نريد أن نسألهم ماذا حققوا من نتائج في المفاوضات دامت سنوات طويلة؟ وهل حقاً أنهم يأملون أن يحصلوا على شيء؟ أو أنهم يتوقعون أن يعطيهم اليهود شيئاً؟ وهم الذي قال عنهم رب العزة أنهم يعتبرون كل فلسطين لهم وقالوا ليس علينا في الأميين سبيل. وقال عنهم أنهم { لا يؤتون الناس نقيرا }.
إنهم رجال السلطة وعلى رأسهم محمود عباس ميرزا قد جربوا التفاوض مع اليهود لسنين وكان اولمرت يأخذ عباس بالأحضان والقبل ولا يعطيه شيئاً وإنما هي مفاوضات تراوح مكانها وكما يقال في الجيوش مكانك سر.
إن الذي يمنع ضياع القضية والتفريط بها إنما كان النزاع بين الأمريكان والإنجليز في المنطقة، وفي السنوات الأخيرة فإن الذي يمنع من إتمام الصلح إنما هو وطنية اليهود بالإضافة إلى المحاولات الواهنة من الإنجليز.
ولهذا فإننا نراهن على وطنية اليهود في إبقاء القضية معلقة حتى يأتي راعيها الخليفة الراشد الذي يرفع راية الجهاد لتحرير البلاد والعباد والقضاء على اليهود القضاء المبرم الذي لن تقوم لهم من بعده قائمة.
وختاماً فالله نسأل أن يوفق العاملين لإيجاد الخليفة الراشد وأن يهيئ لهم على الحق أعواناً وأنصاراً، إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته