سلسلة قل كلمتك وامشِ – حصاد العدوان على غزة (2) – رسالة لليهود – الأستاذ أبي محمد الأمين
حصاد العدوان العدوان على غزة
(2)
رسالة لليهود
بعد أن قضت رأس الكفر بريطانيا على الدولة العَلِيَّة العثمانية دولة الخلافة وقطعت أوصالها إلى دويلات عديدة، التقت رغبتها في الحيلولة دون توحيد العالم الإسلامي مرة ثانية مع حلم اليهود في إقامة دولة لهم في الأرض المقدسة فلسطين.
بعد أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها عملت بريطانيا جاهدة وبكل ما أوتيت من قوة نفوذ في مؤتمر فرساي على أن تتولى الانتداب على فلسطين، ولقد تحقق لها ما أرادت، وأصبحت الدولة المنتدبة على فلسطين، ومن أول ساعة تولت الإنتداب عينت مندوباً سامياً يهودياً على فلسطين.
أخذ هذا اليهودي في تشجيع هجرة اليهود إلى فلسطين بعد أن كانت ممنوعة منعاً باتاً بموجب قوانين للهجرة أصدرتها الدولة العلية العثمانية، فبدأت قطعان اليهود تتوافد على فلسطين بشتى السبل، ولقد وجدت أوروبا بشرقها وغربها الفرصة سانحة لها بالتخلص من الجنس اليهودي الذي كان يعتبر فاسداً مفسداً، فشجعت هي الأخرى الهجرة بكل السبل الممكنة.
قامت ثورات متعددة في فلسطين ضد الهجرة اليهودية، وكانت أول هذه الثورات ثورة البراق عام 1929م، وكانت ثورة عارمة قمعتها جيوش الانتداب بكل قسوة وضراوة، وفي عام 1936م اندلعت ثورة أخرى وأعلن الإضراب العام في فلسطين استمر لستة أشهر ولم ينته إلا بمناشدة بعض الحكام العرب في ذلك الوقت لأهالي فلسطين بإنهاء الإضراب، لكن الثورة استمرت بين مد وجزر إلى عام 1939م حين اندلعت الحرب العالمية الثانية فطلبت بريطانيا من عملائها حكام الدول العربية في ذلك الوقت أن يطلبوا من أهل فلسطين التوقف عن الثورة والوثوق ببريطانيا لإنصافهم وعدم التفريط بفلسطين وعدم محاباة اليهود وتشجيع الهجرة.
صدَّقت جماهير أهل فلسطين الكذبة الكبيرة وأوقفوا الثورة طمعاًَ بالإنصاف الموعود.
وما أن وضعت الحرب العالمية أوزارها إلا وقد بدأت بريطانيا تغذ السير وتواصل العمل الدؤوب لإقامة دولة يهود في فلسطين بفتح باب الهجرة على مصراعيه وتمليك ما يسمى بالأراضي الأميرية لليهود وهي الأراضي المشاع التي تملكها.
وما إن وصلت المسألة إلى أوائل عام 1948 إلا وقد تهيأت الفرصة لبريطانيا لتفي بوعدها لليهود وتنفيذ خطتها الرامية إلى ترسيخ التجزئة في العالم الإسلامي بوضع فاصل عازل بين جناحيه الشرقي والغربي، فسلمت القضية إلى الأمم المتحدة التي قامت بإصدار قرار تقسيم فلسطين بين العرب واليهود، فثار أهل فلسطين على هكذا قرار محاولين افشاله، لكن رأس الكفر بريطانيا الماكرة أوعزت إلى عملائها أعضاء ما سمي بالجامعة العربية باتخاذ قرار الدخول عسكرياً في فلسطين لنصرة أهلها ومنع قرار التقسيم، فرح أهل فلسطين بذلك القرار وخرجوا إلى الشوارع يرقصون ويهزجون فرحين مرحبين بدخول الجيوش العربية التي ظنوها قد أتت لنصرتهم، ولم يدروا أن هدف هذه الجيوش إنما دخلت لتمكن اليهود من أخذ مساحات من فلسطين أكثر بكثير مما أعطاهم قرار التقسيم وما بقي عربياً فقد كان قسمان، قسم دعوة الضفة الغربية ضمت إلى الشرقية من نهر الأردن لتتكون من الضفتين ما سمي بالمملكة الأردنية الهاشمية، والقسم الآخر وهو قطاع غزة وضع تحت الإدارة المصرية، وهكذا أعلن عن قيام دولة اليهود في فلسطين، وكل ذلك كان بمساعدة بريطانيا الدولة المنتدبة وكذلك مساعدة العملاء من حكام العرب في ذلك الوقت، أي كما وصفهم رب العزة بأنهم (اليهود) لا يعلون إلا بحبل من الله وحبل من الناس ونحن نعلم أن حبل الله معهم قطع منذ زمن طويل فلم يبق لهم إلا حبل الناس.
ثم جاءت حرب عام 1967 فتسلم اليهود هضبة الجولان دونما قتال وكذلك الضفة الغربية دونما قتال يذكر، وللآن والأمور تراوح مكانها واليهود يحتلون الضفة الغربية وغزة، كل هذه الإجراءات وقعت ووسائل الإعلام لا تزال في بداياتها، فلم تنشر القصص كاملة عن فظائع اليهود وطغيانهم وإفسادهم في الأرض.
وفي العدوان الأخير على غزة حصل الإفساد والعلو في الأرض لكن الفارق أن في هذه المرة فإن وسائل الإعلام ترسخت وانتشرت فهناك الفضائيات والانترنت والصحف والإذاعات، هذه الوسائل كلها قد تضافرت جهودها وتعاونت على إظهار حقيقة اليهود وطغيانهم وعلوهم في الأرض وفسادهم وإفسادهم فانتشرت الأخبار ونشرت الصور فقام الناس في كل أرجاء العالم ينددون بما يحدث ويلعنون اليهود واصفين إياهم بأبشع الصفات، وصارت دول الغرب التي ساعدت على إقامة اليهود ترسل الوفود واللجان إلى غزة للتحقيق وجمع الأدلة على جرائم اليهود حتى أن الكثير من ساستهم وعسكرييهم (أي اليهود) صاروا يحسبون ألف حساب قبل أن يغادروا فلسطين إلى أي بلد في الخارج خوفاً من الاعتقال والتحقيق.
وفي الحقيقة فإننا نعتقد أن اليهود لو كانوا يعقلون لما قاموا بهذه الحرب التي أوهنت الحبل مع الناس الذي به يعلون حتى قارب على الانقطاع، ولكنها سنة الله فيهم فإنهم يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين وبهذا يكون اليهود قد أتموا حفر قبورهم ليقبروهم داخلها الجيش المسلم أحفاد خالد وأبي عبيدة وغيرهم من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبهذا فإنهم لن يجدوا من يبكي عليهم أو يأسف لموتهم.
حقاً إن نهايتهم قد قربت وما ذلك إلا بغطرستهم وعدم تقديرهم للعواقب فإنهم لا يعقلون ماذا فعلوا وماذا سيحل بهم، وصدق الله العظيم (وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم
أبو محمد الأمين