قضايا مصيرية في حياة الأمة الإسلامية- القضية الثالثة- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – الأستاذ أبي إبراهيم
الحمدُ للهِ حَمْدَ الشاكِرينْ, وَالعَاقبَة ُ للمُـتقينْ, وَلا عُدوانَ إلا َّ عَلى الظـَّالِمينْ, وَالصَّلاة ُ وَالسَّلامُ عَلى المَبعُوثِ رَحْمَة ً لِلعَالمِينْ, وَعَلى آلهِ وَصَحْبـِهِ الطـَّيبينَ الطـَّاهِـرينْ, وَمَن ِاهـْـتـَدَى بـِهَديـِهِ, وَاستنَّ بسُنـَّـتِهِ, وَسَارَ عَلى دَرْبـِهِ, وَدَعَا بـِدَعْوَتـِهِ إلى يَوم ِ الدِّينْ , وَاجعَلنـَا مَعَهُم, وَاحشُرنـَا في زُمرَتـِهمْ, بـِرَحْمَتِكَ يَا أرْحَمَ الرَّاحِمينْ. أمَّا بَعدُ:
قـالَ اللهُ تعَالى في مُحكـَم ِ كِتـَابـِهِ وَهُوَ أصْدَقُ القـَائلينْ:
{ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }آل عمران104
إخوَة َ الإيمان :
الأمرُ بالمَعرُوفِ وَالنـَّهْيُ عَن ِ المُنكـَر ِ وَاجبَان ِ عَـلى المُسلِمِينَ بـِمُـقتـَضَى هذِهِ الآيَةِ الكـَريمَةِ, وَذلِكَ مِنْ أجْـل ِ نـََقـَاءِ المُجتـَمَع ِ الإسْلامِـيِّ مِنْ شـَتـَّى أنوَاع ِ المُنـْـكـَرَاتِ وَالمُخَالـَفاتِ الشـَّرعِيَّةِ, صَغيرِهَا وَكـَبيرهَا, فإذا تـُركَ الأمْرُ بـِالمَعرُوفِ والنـَّهيُ عَن ِ المُنكـَر ِ ظـَهَرَ الفسَادُ وَعَمَّ البَلاءُ, وَفـُـقِدَ الأمْنُ عَلى الأنفـُس ِ وَالأعْرَاض ِ وَالأمْوَال ِ, وَفـَسَدَتِ الذمَمُ, وَظـَهَرَ الكـُـفرُ وانحـَلــَّتِ المُجتـَمَعاتُ, وانتـَشَرَتِ المُوبـِقاتُ.
والنـَّاسُ بالنـِّسبَةِ لِهذا الأمْر ِ الجـَـلِيل ِ عَـلى ثــَلاثةِ أضرَابٍ :
- صِنفٍ يَفعَـلُ المُنكـَرَاتِ يُجَاهِرُ بهَا وَيَتـَحَدَّى مُجتـَمَعَهُ وَلا يُبَالي, وَالعِيَاذ ُ بالله ِمِنْ ذلكَ الصِّنفِ.
- وصِنفٍ يَأمُرُ بالمَعرُوفِ وَيَنهَى عَن ِالمُنكـَر ِ وَيَعمَـلُ عَـلى تـَغييرهِِ وَإزَالـَتِهِ, وَهَؤلاء ِ هُمُ الرَّحمَة ُ المُهدَاة ُ, والنـِّعمَة ُ المُسدَاة ُمِـنَ اللهِ لِعبَادِهِ في الأرضْ.
وَهَذا الصِّنفُ مِنَ النـَّاس ِهُمْ أرْهَفُ النـَّاس ِ إحْسَاسَا ً, وَأمْضَاهُمْ عَزيمَة ً, وَأقوَاهُم إيمَانا ً, وَأكثــَرُهُم صَبرا ً, جَعَلـَـنـَا اللهُ وَإيَّاكـُم مِنهم.
وَقـَد ذكـَرَاللهُ سُبحَانـَهُ وَتعَالى الأمرَ بالمَعرُوفِ وَالنـَّهيَ عَن ِالمُنكـَر ِ فـَقـَالَ عَلى لِسَان ِلـُـقمَانَ وَهُوَ يُخَاطِبُ وَلـَدَهُ:
{ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ }لقمان17
فـَالأمْرُ بالمَعرُوفِ, وَالنـَّهيُ عَن ِالمُنكـَرِ يقتضِي وَيَتطلبُ أربَعَة َ أمُور ٍ, ذكـَرَهَا اللهُ لنـَا في سُورَةِ العَصْر ِ, والذي يفتقدُهَا أو يَفتقدُ وَاحِدا ً مِنهَا يَكونُ مِنَ الخَاسِرينَ ألا وَهِيَ: الإيمانُ باللهِ, وَالعَمَـلُ الصَّالحُ, والتواصِي بالحَقِّ, وَالتواصِي بالصَّبر, وَيَنبَغي أنْ تكونَ هذهِ الأمُورُ مُجتمِعَة,ً وَمُـكتمِلة ً غَيرَ مَنقـُوصَةٍ, حَتى يُؤتيَ العَمَلُ ثِمَارَهُ المَرْجُوَة َ مِنهُ, وَحَتى يَكونَ كمَا أرَادَهُ اللهُ سُبحَانـَهُ وَتعَالى.
فقالَ جَلّ مِنْ قائل: { وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} العصر
- أمَّا الصِّنفُ الثالثُ فهُم السَّاكتونَ عَنْ قول ِالحَقّ, الذينَ لا يُحَركـُونَ سَاكنا مُؤثِـرينَ السَّلامَة عَلى تـَحَمُّّـل ِ تـَبـِعَاتِ هَذا الوَاجبِ العَظيم ِ. وَلقد صَوَّرَ لنـَا اللهُ تبَارَكَ وَتعَالى في كتابـِهِ العَزيز ِ المُجتـَمَعَ مِنْ خِلال ِ ضَرْبِ الأمثـلةِ الوَاضِحَةِ الجَـليّةِ,
يَقولُ اللهُ جَلَّ وَعَلا: {واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ }الأعراف163
فهَذِهِ القريَة ُ, قريَة ُ الصَّيادينَ ابتلاهُمُ اللهُ بابتعادِ السَّمكِ عَن ِ الشَّاطئ في أيـَّام ِالأسبُوع, فـَيُلاقـُونَ العَناءَ وَالعَـنـَتَ الشديدين ِفي صَيدِهِ, وَأمَّا في يَوم ِالسَّبتِ فكانَ السَّمكُ يأتِيهم إلى الشاطئ يتلاعبُ أمامَ أعيُنـِهمْ, فمَا عَـليهم إلا أنْ يَمُدّوا أيديَهُمْ ليَصْطادُوهُ دُونَ شِبَاك.
ففي هَذا الإمتحان ِ تـُظهـِرُ التصَرَفاتُ النـُّـفوسَ :
- فمَرضَى النفوس ِ لا يَصْبرُونَ, فلا بُدَّ مِنْ حِيلةٍ أو وَسِيلةٍ لكي يَعْدُوا في السَّبتِ, فأغوَتهُم شَيَاطينُهُم بحَفر ِ بـِركةٍ عَظيمَةٍ وَشقـُّوا لهَا قناة ً تـَصِلـُهَا بالبَحر ِ فعندَمَا تأتي الحِيتانُ شُرَّّّّّعا ً في يَوم ِ السَّبتِ يَدفـَعُهَا المَوجُ إلى القناةِ فالبـِركةِ حَتى لا يَرجعَ السَّمَـكُ إلى البَحر ِ.
- وَهُـنـَا تـَحَركَ العُـقلاءُ المُـتقونَ فنـَصَحُوهُم, وَأنكرُوا عَـليهم, فقالـُوا لهُم: نـَحنُ لا نـَعدُوا في السَّبتِ, فبيَّـنـُوا لهُم أنَّ حِيلتـَهُم لا مُسوِّغ لهَا, فإن ِ انطلـَتْ عَلى السُذََّج ِ مِـنَ النـَّاس ِ, فإنـَّها لا تنطلِي عَلى اللهِ تعَالى رَبِّ النـَّاس ِ, وَشدَّدُوا عليهـِم أمْرَهُم وَنـَهيـَهُم.
- وهُـنا بَرَزَ الصِّنفُ الثالثُ, وَهُمُ الشَّياطينُ الخُرْسُ, الذينَ يَطلبُونَ مِنَ الناصِحِينَ أنْ يَكفـُّوا عَن ِ النـَّصِيحَةِ, وَالمَوعِظةِ لِهؤلاء ِ العُصَاةِ, لأنَّ هَذا الأمرَ فِي نـَظرهِمُ القاصِر ِ الأعمَش ِ لا يُجدِي فتيلا ً, وَسَيذهَبُ سُدىً, فمَا كانَ مِنَ النـَّاصِحِينَ إلا َّ أنْ بَيـَّـنـُوا لهَمْ أنَّ القيَامَ بالأمر ِ بالمَعرُوفِ وَالنَّهي ِعَن ِ المُنكر ِحُكمٌ شرعيٌ, وَلا يَجُوزُ تركـُهُ, وَهُوَ مَعذِرَة ٌ إلى اللهِ عَنْ فِعْـلةِ هَؤلاء ِ القوم ِ, وَلعلــَّهُم يَرتـَدِعُونَ عَنْ غـِيِّـهـِم,
قالَ اللهُ تعَالى: { وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }الأعراف164
إلا َّ أنَّ القومَ تـَمَادَوا في غِـيِّهـِم وَمُنكـَرَاتـِهـِم, فكانتِ النتيجُة ُ أنْ نـَجََّى اللهُ الآمِرينَ بالمَعرُوفِ, النـَّاهينَ عَن ِ المُنكـَرْ, وَأخـَـذ الذينَ ظلمُوا بالعذابِ الأليم ِ, وَلمْ يذكـُر ِالمَولى جَـلَََّ وَعَلا الصِّنفَ الثالثَ وَهُمُ الشياطينُ الخُرسُ تـَحقيرا ً لِشأنـِهـِم, بَـلْ جَعَـلهُم مَعَ الظلمَةِ, وَجَعَلَ مِنهُمُ القِرَدَة َ والخَنَازيرَ ،
قالَ تعَالى: { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ (165) فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166) } الأعراف
إخوَة َ الإيمان :
صُورَة ٌ أخرَى مِنْ صُوَر ِ المُجتمَع ِ يُصَوِّرُهَا لنـَا رَسُولـُنا الكريمُ عَـليهِ أفضلُ الصلاة ِ وأزكى التـَّسليم ِ, ففي الحديثِ الشريفِ الذي رَوَاهُ البُخَاريُّ عَن ِالنـُّعمان ِ بن ِ بَشير ٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا عَن ِالنـَّبي صلى الله عليه وسلم أنـَّهُ قالَ:
( مَثـلُ القائِم ِ في حُدُودِ اللهِ, وَالوَاقِع ِ فيهَا كمَثـل ِقوم ٍ استهَمُوا عَلى سَفينةٍ, فصَارَ بَعضُهُم في أعْلاهَا, وَبَعضُهُم أسفلهَا , فكانَ الذينَ في أسفلهَا إذا استقـَوا مِنَ المَاء, مَرّوا عَلى مَنْ فوقـَهُم, فقالـُوا: لـَو أنـَّا خَرَقنـَا في نَصِيبـِنـَا خَرقا ً وَلمْ نُؤذِ مَنْ فـَوقـَنا, فإن تـَرَكـُوهُم وَمَا أرَادُوا, هـَـلـَكـُوا وَهَـلـَكـُوا جَمِيعا ً, وَإنْ أخـَذوا عَلى أيدِيهـِم, نـَجَوا وَنـَجَوا جَميعا ً).
في هَذا الحَديثِ النبويِّ الشريفِ تـَصْويرٌ دَقيقٌ وَصَادِقٌ للمُجتمَع ِ, فهَؤلاء القـَومُ اقترَعُوا فيمَا بَينـَهُم عَلى رُكوبِ السَّـفينةِ, أيـُّهُم يَركـَبُ في أعلاهَا, وَأيـُّهُم يَركـَبُ في أسفلـِهَا, وَللحُصُول ِ عَلى المَاء كانَ لا بُـدّ لِمَنْ هُم في أسفل ِالسَّـفينةِ مِنَ المُرُور ِ عَلى مَنْ فـَوقـَهُم فـَيتـَسَبـَّـبُـونَ لهُم ببعض ِ الأذى, وَلكي يَحُولـُوا دُونَ ذلكَ رَأوا أنْ يَخرقـُوا في نـَصيبـِهـِمْ مِنَ السَّـفينةِ خـَرقا ً حتى لا يُؤذوا مَنْ فـَوقـَهُم, وَذلكَ بنيـَّـةٍ حَسَنةٍ , لا بنيـَّـةٍ سَيئةٍ كمَا يـَفعَـلُ مُـفسِدُوا زَمَانـِنـَا.
فلو تـَرَكـُوهُم يفعَـلونَ ذلكَ, لـَغـَرقتِ السَّـفينة ُ بمَن فيهَا, مِنَ الصَّالِحينَ وَالطالِحينَ, أي لـَعَمََّ الفسَادُ, وََحَـلَّ العَذابُ بكـُـلِّ مَنْ في السَّـفينةِ, وَصَدقَ اللهُ العظيمُ إذ يَقولُ:
{ وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }الأنفال25
فالفِتنةُ عندَمَا تقعُ وَتعُمُّ تـُخـَرِّبُ المُجتمعَاتِ, وَعندَهَا لا تـَنفعُ الاستغاثاتُ, وَلا يُستجَابُ الدُّعَاءُ. وَلقدْ أخبَرَنا الحَبيبُ المُصطفى عليهِ الصَّلاة ُ وَالسَّلامُ, بخَبَر ِ القوم ِ مِنْ بني إسْرائيلَ, لنعتبرَ ونتعظ َ, وَلا نقعَ فيمَا وَقعُوا فيهِ. فعَن ِ ابن ِمَسعُودٍ رَضيَ اللهُ تعَالى عنهُ قالَ: قالَ رَسُولُ الله ِ صلى الله عليه وسلم:
( إنَّ أولَ مَا دَخلَ النقصُ عَلى بني إسرائيلَ أنـَّهُ كانَ الرَّجلُ يلقـَى الرَّجُـلَ فيقولُ: يَا هَذا اتـّق ِاللهَ وَدَع ْ مَا تصنعُ فإنـَّهُ لا يَحِـلُّ لكَ, ثـُمَّ يلقاهُ مِنَ الغـَدِ, وَهُوَ عَلى حَالـِهِ, فلا يَمنعُهُ أنْ يكونَ أكيلـَهُ وَشريبَهُ وقعيدَهُ, فلمَّا فـَعـَـلـُوا ذلكَ ضَرَبَ اللهُ قلوبَ بَعضِهم ببعض ٍ).
ثمّ تلا قولـََهُ تعَالى: { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ(78) كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ (79) تَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَـكِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ (81) } المائدة
هذا وإنّ مِنْ أعظم ِالمنكراتِ التي تعيشُها أمتـُنا اليومَ هُو فـُرقتـُها إلى نيـِّـفٍ وخمسينَ دُويلةٍ هزيلةٍ تابعةٍ للكافر ِالمُستعمر ِ, تدُورُ في فلكِهِ وَتـُواليهِ, وَتفعَلُ كلَّ شيءٍ يُرضِيهِ, وَلو كانَ في ذلكَ غضبُ ربِّ العالمينْ.
وكما ذكرنا في الحلقة السابقةِ أن الأصلُ في الأمةِ أنْ تكونَ أمة ً واحدة ً, فرَبُّها واحدٌ, ونبيُها واحدٌ, ودينُها واحدٌ, وقرآنُها واحدٌ, وقبلتـُها واحدة ٌ, وَينبغي أنْ يكونَ لهَا خليفة ٌ أو إمامٌ واحدٌ, يَحكـُمُها بالإسلام, يُطبقه على نفسِهِ وعليها, وَيحمِلـُهُ إلى العالم جَميعا ً بالجهادَ في سبيل ِ اللهِ. لقولِهِ تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ } الأنبياء92. ولقولِهِ: { وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ }آل عمران103.
وختاماً إخوة الإيمان نسأل الله عز وجل أن يستخلـِفـنـَا فى أرْضِه، وأن يمَـكـِّنْ لنـَا دِينـَنـَا الذي ارتضاه لـَنـَا, وأن يجْعَـلنـَـا مِنَ الذينَ إنْ مَكـَّـنـتـَهُم في الأرض ِ أقامُوا الصَّلاة َ, وآتـَوُا الزَّكاة َ وَأمَرُوا بالمَعْرُوفِ, وَنـَهَوا عَن ِالمُنكر ِ, وَجَاهَدُوا في اللهِ حَقَّ جـِهَادِهْ.
وَالسَّلامُ عَليكـُم وَرَحمَة ُ اللهِ وَبَرَكاتهُ.