مع الحديث الشريف- يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ يَا ابْنَ آدَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلَأْ صَدْرَكَ غِنًى وَأَسُدَّ فَقْرَكَ وَإِلَّا تَفْعَلْ مَلَأْتُ يَدَيْكَ شُغْلًا وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي
قَوْلُهُ : ( إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ يَا اِبْنَ آدَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي )
أَيْ تَفَرَّغْ عَنْ مُهِمَّاتِك لِطَاعَتِي
( أَمْلَأْ صَدْرَك )
أَيْ قَلْبَك
( غِنًى )
وَالْغِنَى إِنَّمَا هُوَ غِنَى الْقَلْبِ
( وَأَسُدَّ فَقْرَك )
أَيْ تَفَرَّغْ عَنْ مُهِمَّاتِك لِعِبَادَتِي أَقْضِي مُهِمَّاتِك وَأُغْنِيك عَنْ خَلْقِي , وَإِنْ لَا تَفْعَلْ مَلَأْت يَدَيْك شُغْلًا . وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَك أَيْ إِنْ لَمْ تَتَفَرَّغْ لِذَلِكَ وَاشْتَغَلْت بِغَيْرِي لَمْ أَسُدَّ فَقْرَك لِأَنَّ الْخَلْقَ فُقَرَاءُ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَتَزِيدُ فَقْرًا عَلَى فَقْرِك .
عجبا لمن لا يتفرغ لعبادة الله سبحانه بحجة السعي للرزق أو طلب نصيب أكبر من الدنيا! والعبادة هنا طبعا لا تعني فقط أركان الإسلام الخمسة، ويكفي لبيان لذلك قوله تعالى (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين).
ألا يعلم ألئك الذين يقدمون الإشتغال بالرزق على التفرغ لعبادة الله، أنهم يتعدون على الله وأمره بفعلهم هذا والعياذ بالله! أليس الغنى والفقر من أمر الله العليم القدير؟ أليس الرزق مكفول من الله الزراق الكريم! فكيف نرضى لأنفسنا أن نشتغل بما هو أمر الله سبحانه، ونترك ما طلب منا سبحانه أن نشتغل به، وهو التفرغ لعبادته عز وجل، وعلى رأس ذلك التفرغ لإقامة دين الله عز وجل وإظهاره على الدين كله!