Take a fresh look at your lifestyle.

  شرح مواد النظام الاقتصادي في الإسلام، ح4 المادة 126

 

شرح لمواد الدستور المتعلقة بالنظام الاقتصادي في الإسلام

من مشروع  دستور دولة الخلافة (من منشورات حزب التحرير)

(الحلقة الرابعة)

شرح المادة 126

نص المادة 126: 

      المال لله وحده,وهو الذي استخلف بني الإنسان فيه فصار لهم بهذا الاستخلاف العام حق ملكيته, وهو الذي أذن للفرد بحيازته فصار له بهذا الإذن الخاص ملكيته بالفعل.

      المال على الحقيقة لله سبحانه وتعالى وهو خالقه ورازقه للبشر, وهو وحده سبحانه الذي استخلف بني الإنسان فيه بشكل عام, فأستحق الإنسان أن يتملكه وان يتصرف به ولكن, بإذن من الله سبحانه وتعالىه.

      المال كلمة عامة تشمل ما يُمول للانتفاع به, بالشراء أو الإجارة أو الإعارة, إما بالاستهلاك إفناء كالرغيف, أو بعدم استهلاكها كالسيارة, وإما بالانتفاع به مع بقاء عينه كالكتاب إعارة, وكسكنى الدار التي في حيازة غيره إجارة.

      ويشمل المال النقد كالذهب والفضة ويشمل السلع والعقارات والمصانع وغير ذلك مما يتمول, والمال هو الذي يشبع حاجات الإنسان, لهذا كان الإنسان بفطرته يسعى للحصول على هذا المال ليحوزه.

      فالدليل على أن المال لله وحده كما هو مذكور في نفس المادة (122) من الدستور, هو قوله سبحانه وتعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً…. }البقرة29، وقوله: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ…..}النحل53، وقوله:{…. وَآتُوهُم مِّن مَّالِ ..}النور33، وقوله: {وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ…..}نوح12، وآيات أخرى كثيرة تسند الملك والخلق والتدبير لله وحده.

      ثم إن الله تعالى قد استخلف الإنسان بشكل عام بهذا المال, فهذا دليل على أن أصل المال هو لله والإنسان مستخلف, فيقول سبحانه وتعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً….}البقرة30، ويقول سبحانه: {…. وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ …. }الحديد7 فجعلهم خلفاء في المال عن الله تعالى, ولكنه سبحانه بجعله الناس مستخلفين فيه لهم حق  ملكية المال, ولهذا فإن آية الاستخلاف, ليست دليلا على ملكية الفرد, بل هي دليل على أن للإنسان من حيث هو إنسان حق الملكية للمال.

      وأما ملكية الفرد الفعلية, أي كونه يحوز المال فعلا ملكية له, فإنها آتية من دليل أخر, وهو السبب الذي أباح للفرد التملك بالفعل من مثل قوله عليه الصلاة والسلام: (من أحاط حائطا على شئ فهو له)، ومن مثل قوله عليه السلام: (من أحيا أرضا ميتة فهي له)، ومن مثل قوله تعالى: {لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ …}النساء7، ومن قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ … }المائدة96، وغير ذلك من النصوص, فحق الملكية ثابت لكل إنسان فيما خلقه الله تعالى من الأشياء, لأنه سبحانه سخر له ما في الأرض: {وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً …}الجاثية13

      ثم ان الملكية الفعلية للأشياء, تحتاج إلى إذن الشارع المالك الحقيقي في كيفية الملك, وفي المال المراد ملكه, أي تحتاج دليلا من الشرع يبيح هذه الملكية بالفعل, لذلك فالتملك المشروع له شروط لا بد من تحقيقها كي لا تخرج الملكية عن مصلحة الجماعة, ومصلحة الفرد باعتباره جزءا من الجماعة, لا فردا منفصلا, أي إن أصل الملكية للشارع وهو الذي أعطاها للفرد, بترتيب منه على أساس السبب الشرعي في التملك, فالإذن من الله تعالى هو الذي أباح للفرد أن يتملك, ولولا هذا الأذن لما حق له أن يتملك أبدا.

      فكل شيء أذن به الله سبحانه وتعالى حق للفرد تملكه, وكل شيء حرمه الشارع يعني لم يأذن بتملكه, فلا تجوز حيازته كالخمرة والخنزير.

    فتكون المادة حوت ثلاثة أمور:

      احدها: إن الملكية لله, وأدلتها مستفيضة جداً, وهي كل ما اسند اليه الله تعالى من ملك {وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم … }المنافقون10.

      وثانيها: إن للإنسان حق الملكية في المال, ودليلها أية الاستخلاف: {…. وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ …. }الحديد7

      وثالثها: إن الملكية بالفعل للفرد تحتاج إلى إذن من الشارع, أي إلى دليل يجيز الملكية فعلا, وأدلتها النصوص الدالة على إباحة التملك بالفعل من مثل قوله تعالى:   {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ ….. }المائدة96

      والى حلقة قادمة ومادة أخرى من مواد النظام الاقتصادي في الإسلام نستودعكم الله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أبو الصادق