أعداء الحق يتكررون في كل الزمان
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين سيدنا محمد عليه وعلى آله وأصحباه أجمعين .
إن كثيراً من الناس لفاسقون، يعرفون الحق مثلما يعرفون أنفسهم وأبناءهم إلا أنهم يتعامون، ويتجاهلون، ويصرون على الباطل، ويستمسكون بالضلال، يؤثرون متاع الدنيا وزخرفها، وصحبة أرذال الناس، وموالاة ألد الأعداء من الكافرين الحاقدين على الإسلام والمسلمين، هؤلاء الخلق ممن أعطاهم الله نعمة الملك، وأمانة الحكم، وخزائن الأموال، وقوة السلطان، هم العدو، والخصم الألد، ومعهم أشياعهم وأتباعهم من العلماء، علماء السلاطين الذي لا يفارقون أبواب أسيادهم، ولا يهجرون مجالسهم، يقرؤون ما في قلوبهم بما يرونه على صفحات وجوه أسيادهم، فيلبون طائعين بما يخطر ببال أولياء نعمتهم يفتون، ويخضعون آيات الله في كتابه العزيز بما يطيب لهم، وتهدأ به جوارحهم، وإن كان الأمر واضحاً جلياً في تحريمه وتقبيحه ولا يحتاج إلى بينة أو فتوى.
أيها المسلمون: فمن فرعون الطاغية، هذا اللقب الذي يطلق على عتل متكبر جبار، على ظالم.
من فرعون وأذنابه المجرمين، وأشياعه المرتزقة السحرة الفاسدين، أمثال هامان وقارون، ومن كل على شاكلتهم إلى حكام العصر، عصر الجاهلية في القرن الحادي والعشرين، دعاة العلمانية والإلحاد، دعاة الديمقراطية والقومية، موالي الغرب والشرق من اليهود والنصارى من المغضوب عليهم ومن الضالين.
حكام العصر من عرب وعجم يبيعون شعوبهم برضى أسيادهم، يتاجرون بأعراض بني جلدتهم من أجل المقعد والمنصب، إرضاء لشهواتهم واسترضاءا لأسيادهم ويتآمرون ويدسون ويتجسسون لتبقى عروشهم، وتضنك شعوبهم، ففرعون الطاغية يقتل أبناء قومه ويستحيي نساءهم ويصد عن موسى ودعوته، يتوعده بالتنكيل والقتل، إلا أن القدر لم يمكنهم من الغلبة وقهر موسى ومن آمن معه.
إن فرعون في بطشه وجهله، في كفره واستكباره أقل أذى، وأخف قمعاً من كثير من حكام المسلمين في هذا القرن الظالم أهله.
كثير من حكام المسلمين قتلوا بأيديهم المئات والآلوف من أبناء المسلمين بسلاح أعدائهم لا لسبب إلا أنهم مسلمون، يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويؤمنون بالله ويحملون دعوة الله لنهضة الأمة والارتقاء بعباد الله.
كم هجمة مسعورة بالطائرات والصورايخ، هدمت آلاف البيوت من بيوت المسلمين على رؤوسهم، ومن خرج حياً ماتوا في جراحهم، وجوعة بطونهم وعري أجسادهم، والجيوش مكبلة قاعدة في نواديهم، من غير حس وطني ولا إسلامي ولا قومي.
وما زالت قضايا المسلمين بأيدي مجلس الأمن، والجمعية العمومية، وشفقة جمعيات حقوق الإنسان والطفل والمرأة.
ما أكثر شباب المسلمين، وشيوخ المسلمين وأموال المسلمين، زبد يذهب جفاء وما أكثر أموال المسلمين، نهب وسلب وخدمة لأعداء المسلمين.
فراعنة الماضي لم يمتلكوا ولم يعرفوا وسائل القمع والتنكيل والقهر، وعيبهم أنهم لم يقروا بخالق الكون، أما فراعنة العصر في القرن العشرين يعرفون الحق، ويعرفون العدو، ويدركون الحق، ويؤمنون بخالق الكون، ومع هذا وقفوا بكل ما أوتوا من قوة ووسيلة وصيلة في وجه الحق، ووصفوا دعاة الحق بالمتطرفين، وصفوا الحق بالإرهاب، فشنوا حقدهم وحربهم على الإسلام وأتباعه، وآثروا العلمانية القبيحة والديمقراطية الزائفة على الإسلام المبدأ العظيم، الذي فيه استنقاذ للبشرية كلها من ظلم الطواغيت وعبادة الرأسمالية، هذا النظام الذي أهلك العباد ونشر الفساد.
فراعنة الماضي يلتقون مع فراعنة العصر وان اختلفت الهويات والوجوه في وحدة الهدف، هو الصراع بين الحق والباطل، بين الكفر والإيمان، عداء دفين كلما لاح أو أشرق نور الهدى، التقى الحق بنوره وتصدى للباطل والكفر بظلامه وظلمه يتكرر على مر الأيام وانصرام السنين.
ظلم الظالمين اليوم هو ظلم الفراعنة الجبابرة بالأمس، وجه واحد، وسوط واحد، وهدف واحد أن تنطفئ نار المسلمين بهدم عقيدتهم في أفئدة المسلمين.
إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالاً يعملون بغير علم فضلوا وأضلوا، ما جاء فساد هذه الأمة إلا من قبل الخواص وهم خمسةٌ العلماء والغزاة والزهاد والتجار والولاة، أجل اتخذ المسلمون اليوم حكاماً عِلمُهم من تعليمات أعدائهم وحكمهم من نظام أعدائهم، حكاماً لا إرادة لهم ولا رأي لهم لا يملكون من الأمر إلا ما يأمر به الأعداء، من خلال تعليماتهم ووجهات نظرهم من غير مناقشة ولا رأي لمن لا إرادة له.
فإذا كان العلماء، علماء المسلمين في الماضي القريب ورثة الأنبياء وأمناء الرسل، وأمناء الأمة قد أخلصوا لدينهم وقادوا الأمة مع حكامهم للبناء والنهضة والإعمار، وحمل الدعوة والجهاد في سبيل الله أوقفوا أنفسهم للاجتهاد والمحاسبة، والمراقبة، للنصح والإرشاد والأخذ على يد الظالم، أوقفوا أنفسهم للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كانوا لمحاسبة الرعاة، لا للمعارضة ولا للإفتاء، ولا للي النصوص ولا لتحريف معاني الآيات من أجل الأعطيات لرضى الحكام.
أما زهاد المسلمين تميزوا بالخشية من الله والمعلمون في المساجد، والوعاظ لكل مخالف أو جاهل وهم أعمدة الأمة لكل ملمة، وأما الغزاة فجند الله في الأرض لرفع راية الإسلام وحمل دعوة الإسلام، بطريقتها الشرعية، طريقة الجهاد في سبيل الله.
هم سياج الأمة، وأداة اجتثاث فسادها، وآلة حربها على الأعداء، يتنافسون في الفتوحات، وصد الهجمات ودحر المعتدين.
وأما التجار فهم عصب الاقتصاد وحركة الحياة أمناء الله في البيع والشراء والاستثمار أهل الصدقات الخفية، والصدقات المجزية تطوعاً وفرضاً.
أما الولاة فهم أس التطبيق لشريعة الله، والأمل الكبير في إعزاز المسلمين، هم الذين يتقى بهم، ويقاتل المسلمون من ورائهم، هم الذي يستنفرون المسلمين لإعلاء كلمة الله ونصرة المستضعفين في الأرض.
أيها المسلمون: هذا في العصر الذي كان فيه المسلمون مسلمين حقا، يؤثرون دينهم، وقيادتهم على كل غال ونفيس فاستحقوا الثناء والحب والثواب العظيم، وبقي ذكرهم وذكرياتهم أنشودة يتغنى المسلمون بها، ويقولون وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر.
فإذا كان العالم في هذا الزمن المقهور أهله واضعاً للدين، مفتياً للسلاطين متسامحاً مع أعداء الدين مبرراً لظلم المعتدين، وللمال مستجدين آخذين، وللبدع باحثين فبمن يقتدي الجاهل وإلى من ينقاد الأعمى.
وإذا كان الزاهد في الدنيا راغباً وللمساجد هاجراً وللعبادة تاركاً فبمن يقتدي التائب.
فإذا كان الجيش يؤمل فيه نصرة المسلمين وإذا به لحدود الأعداء مرابطاً ولدخول المجاهدين مقاتلاً وللحكام الظالمين حارساًَ وللمخلصين منكلاً وقامعاً وللسياح مرحبا وحاميا، فكيف يكون الظفر وكيف يمنح النصر؟ وكيف تحرر الأوطان؟ وكيف يعيش المسلمون في عزة وأمان؟
وإذا كان التاجر جشعاً محتكراً ولسلعة المسلمين غاشاً ولطعامهم غالياً وللزكاة شحيحاً مانعاً فأين توجد الأمانة وأين تكون الرحمة والحنان؟
وإذا كان الراعي ذئباً شرساً لا هم له إلا ان الكلب القطيع ويذبح الرضيع ويرجم الوضيع فكيف تأمن الرعية، ومتى تشبع الرعية، وتعتز الرعية.
أيها المسلمون:
إذا كان مولاك هو خصمك، وقاضيك فيكف تنال حقك؟ وهل ينهض البازي من غير جناح، فإن جز يوماً يشبه فهو واقع وإن ارتفع في طيرانه.
يقول صلى الله عليه وسلم: ” ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء ممكن أخذ المال أمن حلال أم من حرام”، وقال صلى الله عليه وسلم: «ما من نبي بعثه الله في أمة إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون لسنته ويقتدون بأمره ثم أنهم تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل».
أيها المسلمون:
لا بد من العمل لعودة الإسلام إلى حياتكم، وكان حقاً على المسلمين أن يستعيدوا سلطانهم ليحكمهم بدينهم، بعقيدتهم.
وكما يقول صلى الله عليه وسلم. : «لا ينبغي لامرئ شهد مقاماً فيه حق إلا تكلم به فإنه لا يقدم أجله ولي يحرمه رزقاً هو له»
وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من صدقة أحب إلى الله من قول الحق”
فاعملوا مع العاملين لاستئناف الحياة الإسلامية ورعاية خليفة المسلمين في ظل راية العقاب راية رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما من صدقة أحب إلى الله من قول الحق.