سلسلة قل كلمتك وامش – بطرس الناسك (4)
سنتكلم في حديثنا هذا الأخير يا سيادة الرئيس عن أفكار كفر جئت تبشر بها في بلادنا وبين ظهرانينا دون أن تبدي أي احترام لمن تخاطبهم ولا لعقائدهم ولا لأفكارهم، وسميت أفكارك المسمومة هذه بأنها أفكار وقيم عالمية.
إن أول ما نريد أن نتحدث عنه هو الديمقراطية، وإننا لا ندري عن أي ديمقراطية تتحدث وهل حقا ً توجد ديمقراطية في أبسط مظاهرها وهي الانتخاب وحرية الاختيار؟ فبالله عليك أية ديمقراطية أتت بك إلى كرسي الرئاسة؟ أهي حرية الاختيار التي تركت للناخب الأمريكي فأتت هذه الديمقراطية بأول رئيس من أصل أفريقي؟ هل صحيح أنك تعتقد ذلك؟ أم أنها ديمقراطية الدولار هي التي توجتك رئيسا ً لأكبر دولة عرفها تاريخ الإنسانية المعاصر.
إن الذي مهد لك السبيل للنجاح هو الذي يقف وراء أكثر من ثلاثمائة مليون دولار صرفتها على حملتك الانتخابية، وبالتالي، ستكون محكوما ً لمصالح هذ القلة القليلة من الذين ساعدوك ماليا ً على حملتك الانتخابية.
إننا لا نريد هذه الديمقراطية التي تجعل الدولار هو المتحكم في مصائر الناس، كما أننا لا نريد ديمقراطية تعطي حق التشريع للبشر ذوي العقل المحدود، والقدرات على الفهم المحدودة، لأن التشريع الذي نريده إنما هو التشريع الإلهي الذي نزل به جبريل الأمين – عليه السلام- على قلب محمد بن عبد الله رسول الله وخاتم الأنبياء والمرسلين.
ثم بعد هذا انتقلت إلى الحديث عن المرأة حديثا ً ظاهره الرحمة وباطنه سم زعاف. إننا لا نريد للمرأة المسلمة ما حل بالمرأة الأمريكية أو الغربية على وجه العموم، وقبل أن نوضح لكم ما نريده للمرأة المسلمة في بلادنا وفي باقي أقطار العالم نضع أمامكم صورة موجزة لما وصلت إليه أوضاع المرأة في بلدكم راعية الصليبية الحديثة وفي البلدان الصليبية الأخرى في أوروبا وباقي الأقطار.
في عام 1992م كان هنالك في بلدكم راعي الديمقراطية والحريات 65 حالة اغتصاب لكل عشرة آلاف امرأة، وفي عام 1995م كان هناك 82 ألف حالة اغتصاب. 82% في محيط الأسرة والأصدقاء، وتقول دوائر الشرطة إن العدد يبلغ 25 ضعفا ً. وفي عام 1997م أعلنت جمعية الدفاع عن حقوق المرأة في بلدكم أنه تغتصب امرأة كل 3 ثوان، وفي هذا العام عانى ستة ملايين من النساء من سوء المعاملة النفسية والجسدية بسبب الرجال، وأن 70% من الزوجات يعانين من الضرب المبرح، وكذلك تقتل 4 آلاف امرأة كل عام على أيدي أزواجهن، وخلال المدة من عام 1980م إلى عام 1990م كان يوجد في الولايات المتحدة ما يقارب المليون من النساء يعملن في الدعارة والبغاء، هذا عدا عن الأرقام الهائلة من الجنسين الذين يقيمون علاقات غير شرعية تحت مسميات عدة، ويعزو التقرير هذه الأمور وتفشي الطلاق بشكل كبير بلغ نسبا ً مخيفة إلى فقدان القيم والتحولات الفكرية ونزول المرأة إلى سوق العمل.
هذه هي أوضاع المرأة في بلدكم بحيث أنه أصبح لا ينظر إليها إلا على أنها خلقت للمتعة لا أكثر، ولا تعدو أن تكون مكبا ً لنفايات الرجال. إن هذه الأوضاع لا تناسبنا يا سيادة الرئيس لأننا نريد المرأة زوجة لنا وأما ً فاضلة وأختا ً أو ابنة عفيفة تصان كما يصان أغلى ما يملك الإنسان. نريدها امرأة فاضلة طاهرة تقوم على تربية الأجيال وينظر على أنها عرض يجب أن يصان وأنه يراق على جوانبه الدم.
ثم جئت يا سيادة الرئيس تطلب المعاملة الحسنة للأقليات التي تعيش بين المسلمين وضربت مثلا ً بالمارونيين في لبنان والأقباط في مصر، ولا ندري من هو المغرض الذي همس في أذنك لتقول هذا الكلام، لأن ترديد مثل هذا الطلب إنما يدل على جهل في التاريخ وجهل في معرفة المسلمين، وكيف يعاملون من يعيش معهم في ظل دولة الإسلام التي تطبق أحكام الشرع على جميع من يحمل تابعية الدولة.
لقد عاش النصارى بيننا مئات السنين كأهل ذمة لنا نسوسهم بالعدل ونطبق عليهم قاعدة لهم ما لنا من الإنصاف وعليهم ما علينا من الانتصاف، حتى أن خلفاءنا – رحمهم الله تعالى- كانوا يفرضون راتبا ً شهريا ً لفقراء أهل ذمتنا، ويسقطون عنهم الجزية. هذا وإننا لنتحدى أي إنسان يشير بإصبعه إلى حادثة واحدة أسأنا فيها إلى نصراني أو يهودي يعيش بيننا.
قد تقول يا سيدي الرئيس إن الخلفاء العثمانيين قتلوا الأرمن، فنقول: صحيح، وما ما ذلك إلا لأن الأرمن باعوا أنفسهم للصليبيين من الروس والإنجليز والفرنسيين وغيرهم ليثوروا على الدولة العثمانية فقامت الدولة بتأديبهم.
أما بالنسبة للمارونيين في لبنان، ورغم أنهم أكثر النصارى مشاكسة إلا أن المسلمين قد أحسنوا إليهم مرات ومرات حتى أنهم حينما نقضوا العهد زمن أبي جعفر المنصور – رحمه الله تعالى- وأراد أبو جعفر إرسال جيش لتأديبهم قام إمام بلاد الشام الإمام الأوزاعي – رحمه الله تعالى- يشفع لهم عند الخليفة فقبل الخليفة شفاعته وعفا عنهم وبقوا يعيشون بيننا في ود ووئام إلى أن أصبحت قناصل الدولة تتحرك في الدولة العثمانية في القرن التاسع عشر فباعوا أنفسهم للفرنسيين وصاروا يتنقلون إلى أحضان الإنجليز، وإننا نتحدى المارونيين أن يأتوا بحادثة أسأنا فيها لهم.
أما الأقباط فهم أهل ذمتنا والرسول أمرنا أن نحسن إليهم فهم – أي الأقباط- أخوال إبراهيم ابن رسولنا -صلى الله عليه وسلم- من أمنا أم المؤمنين مارية القبطية، ويكفي أن نسمي ابنتهم – أي الأقباط- بأمنا حتى نقوم بالإحسان إليهم ندفع عنهم كل سوء ونحمي أعراضهم ونذود عنها كما نحمي أعراض المسلمين ونذود عنها. وكذلك ايتنا بحادثة واحدة تدل على أننا لم نحسن معاملتهم. وصدقني يا سيادة الرئيس أنهم لم يرتفع لهم صوت إلا بعد احتلال البريطانيين الصليبيين لمصر وصاروا يبذرون بذور الفرقة والخلاف بين المواطنين وخصوصا ً بين المسلمين والنصارى. وإننا نطمئنك يا سيادة الرئيس فإن هذه الفرقة إنما هي سحابة صيف ستنقشع يوم تعود دولة الخلافة تظلل الرعايا جميع الرعايا بالعدل والإحسان.
كان يجب – يا سيادة الرئيس- أن تكون قد أزلت مظاهر العنصرية في بلدكم أمريكا قبل أن تتكلم على حقوق الأقليات في العالم الإسلامي. صحيح يا سيادة الرئيس أن اللافتات التي كانت ترفع على المطاعم والمحلات العامة والتي تحظر دخول السود وفي بعضها السود والكلاب، ولكن التفرقة العنصرية لا تزال موجودة وبشكل لا يستطيع إنكاره أي إنسان، فيكفي دليلا ً على العنصرية أن يقال هذا أمريكي أفريقي، أو افريقي أمريكي لا فرق من ذوي البشرة السوداء، وغيرهم أمريكي.
وأختم حديثي هذا بالقول بأن بلدكم قد بلغت القمة وبدأت تنهار، وتهبط عن القمة وهي أسرع دولة في التاريخ هبوطا ً عن القمة، حتى أن العراب كيسنجر قال: نحن ننحدر عن القمة بتسارع كبير فلنحاول أن نبطئ من هذا الانحدار، وإنكم تتبجحون بأن القرن الحادي والعشرين هو قرن أمريكا.
لا يا سيادة الرئيس، فإن هذا القرن لن يكون لأمريكا لأنها غير مؤهلة لقيادة العالم لما تتصف به من جشع وصلف وغطرسة واستحواذ على ثروات العالم. إن هذا القرن يا سيادة الرئيس إنما هو قرن المسلمين ودولتهم، دولة الخلافة الراشدة التي تحمل الإسلام رحمة للعالمين.
وختاما ً أسأل الله – تعالى- أن ينصر الإسلام والمسلمين وأن يعزهم بالإسلام وأن يكرم المسلمين بدولة الخلافة الراشدة التي توحدهم وتتولى قيادة العالم آخذة بيده إلى شاطئ الأمان.. إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أخوكم، أبو محمد الأمين