مع القرآن الكريم – قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ
يقول تبارك وتعالى : {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} .
( مَالِكَ الْمُلْكِ) أي تملك جنس الملك تتصرف فيه تصرف املاّك. (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ) أي تعطي من تشاء النصيب الذي قسمت له، وتنزع النصيب الذي سبق أن أعطيته، والله سبحانه وتعالى إذ يفعل ذلك يرفع به أقواما ويضع آخرين دون أن يعجزه شيء لأن قدرته جل وعلا لا حدود لها.
وقد روي في سبب النزول: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خط الخندق عام الأحزاب وقطع لكل عشرة أربعين ذراعا، وأخذوا يحفرون خرج من بطن الخندق صخرة كالتل العظيم لم تعمل فيها المعاول، فوجهوا سلمان الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره، فأخذ المعول من سلمان فضربها ضربة صدعتها وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم، وكبر وكبر المسلمون، وقال: أضاءت لي منها قصور الحيرة كأنها أنياب الكلاب، ثم ضرب الثانية فقال: أضاءت لي منها قصور الحمر من أرض الروم، ثم ضرب الثالثة فقال: أضاءت لي قصور صنعاء، وأخبرني جبريل عليه السلام أن أمتي ظاهرة على كلها، فأبشروا ! فقال المنافقون: ألا تعجبون يمنيكم ويعدكم الباطل ويخبركم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى وأنها تفتح لكم وأنتم إنما تحفرون الخندق من الفرق لا تستطيعون أن تبرزا! فنزلت الآية!
ولقد حقق الله تبارك وتعالى للمسلمين ما وعدهم به حتى ملكوا الدنيا! فلما تنكبوا عن الصراط ذلوا وضاع ملكهم! ولن يعودوا إلى عزهم وملكهم إلا إذا رجعوا إلى مالك الملك المعز المذل !