مع الحديث الشريف – كل المسلم على المسلم حرام ج2
عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَالِمًا أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ”الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ” رواه البخاري
جاء عند الإمام ابن حجر في فتحه بتصرف يسير ((قَوْله ( الْمُسْلِم أَخُو الْمُسْلِمِ ) هَذِهِ أُخُوَّة الْإِسْلَامِ.
قَوْله : ( لَا يَظْلِمُهُ ) هُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ فَإِنَّ ظُلْم الْمُسْلِمِ لِلْمُسْلِمِ حَرَام,
وَقَوْله : ” وَلَا يُسْلِمُهُ ” أَيْ لَا يَتْرُكُهُ مَعَ مَنْ يُؤْذِيه وَلَا فِيمَا يُؤْذِيه, بَلْ يَنْصُرُهُ وَيَدْفَعُ عَنْهُ, وَهَذَا أَخَصّ مِنْ تَرْك الظُّلْم, وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ وَاجِبًا وَقَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا بِحَسَبِ اِخْتِلَاف الْأَحْوَالِ,
قَوْله : ( وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِم كُرْبَةً ) أَيْ غُمَّة, وَالْكَرْب هُوَ الْغَمُّ الَّذِي يَأْخُذُ النَّفْسَ,
قَوْله : ( وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا ) أَيْ رَآهُ عَلَى قَبِيحٍ فَلَمْ يُظْهِرْهُ أَيْ لِلنَّاسِ, وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَقْتَضِي تَرْك الْإِنْكَار عَلَيْهِ
يمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ, وَيُحْمَلُ الْأَمْرُ فِي جَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ عَلَى مَا إِذَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ وَنَصَحَهُ فَلَمْ يَنْتَهِ عَنْ قَبِيحِ فِعْلِهُ ثُمَّ جَاهَرَ بِهِ , كَمَا أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِأَنْ يَسْتَتِرَ إِذَا وَقَعَ مِنْهُ شَيْء , فَلَوْ تَوَجَّهَ إِلَى الْحَاكِمِ وَأَقَرَّ لَمْ يَمْتَنِعْ ذَلِكَ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ السَّتْرَ مَحَلّه فِي مَعْصِيَةٍ قَدْ اِنْقَضَتْ , وَالْإِنْكَارَ فِي مَعْصِيَةٍ قَدْ حَصَلَ التَّلَبُّس بِهَا فَيَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ وَإِلَّا رَفَعَهُ إِلَى الْحَاكِمِ , وَلَيْسَ مِنْ الْغِيبَةِ الْمُحَرَّمَةِ بَلْ مِنْ النَّصِيحَةِ الْوَاجِبَةِ , وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَرْكِ الْغِيبَةِ لِأَنَّ مَنْ أَظْهَرَ مَسَاوِئَ أَخِيهِ لَمْ يَسْتُرْهُ .
وَفِي الْحَدِيثِ حَضّ عَلَى التَّعَاوُنِ وَحُسْن التَّعَاشُر وَالْأُلْفَة, وَفِيهِ أَنَّ الْمُجَازَاةَ تَقَعُ مِنْ جِنْس الطَّاعَات, وَأَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنَّ فُلَانًا أَخُوهُ وَأَرَادَ أُخُوَّةَ الْإِسْلَامِ لَمْ يَحْنَثْ. ))
أن الحديث قد بدأ بأن المسلم أخو المسلم وله حق فرضته هذه الأخوة في العقيدة, فحق المسلم المترتب على أخيه بوصفهما إخوانِ نصيران ينصر كل واحد منهما الآخر، إننا نفهم أن عبارةَ كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه تستغرق ما كان متعلق بهيبته وكرامته أو ما كان متعلق بجسده وماله:
فاحتقاره حرام وهو تعدٍ على حرمته لقوله صلى الله عليه واله وسلم (بحسب امرئٍ أن يحقر أخاه المسلم)
والسخريةُ والاستهزاء حرام وتعدٍ على حرمته لقوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ }.
وإظهار الشماتةِ به حرام وتعدٍ على حرمته لقول صلى الله عليه واله وسلم (لا تُظهر الشماتةَ لأخيك فيرحمه الله ويبتليك).
أن تغدر به حرام وتعدٍ على حرمته لقوله صلى الله عليه واله وسلم (لكل غادرٍ لواء عند إسته يوم القيامة يرفع له بقدر غدره, ألا ولا غادر أعظم غدراً من أمير عامه)
وأن تحسد أخاك المسلم حرام وتعدٍ على حرمته لقوله صلى الله عليه واله وسلم ( لا يجتمع في جوف عبد مؤمن غبارٌ في سبيل الله وفيح جهنم, ولا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد ).
وغشه وخديعته حرام وتعدٍ على حرمته حرام وتعدٍ على حرمته لقوله صلى الله عليه واله وسلم (من غشنا فليس منا, والمكر والخداع في النار).
وسوء الظن به حرام وتعدٍ على حرمته لقوله صلى الله عليه واله وسلم (إياكم وسوء الظن فإن الظن أكذب الحديث) متفق عليه رواه أبو هريرة.
وظلمه حرام وتعدٍ على حرمته لقوله صلى الله عليه واله وسلم ( الظلم ظلمات يوم القيامةِ )، وقوله ( اتقِ دعوةَ المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب).