مع الحديث الشريف اللهم إني أعوذ بك من الخيانة
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ”اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُوعِ فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ وَمِنْ الْخِيَانَةِ فَإِنَّهَا بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ” رواه النسائي
وروى أحمد عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ”
جاء في عون المعبود شرح سنن أبي داود بتصرف يسير (( قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وأعوذ بك من الخيانة ) وهي ضد الأمانة. قال الطيبي: هي مخالفة الحق بنقض العهد في السر والأظهر أنها شاملة لجميع التكاليف الشرعية كما يدل عليه قوله تعالى { إنا عرضنا الأمانة } الآية , وقوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) }(لأنفال:27) شامل لجميعها.
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فإنها بئس البطانة ) أي الخصلة الباطنة هي ضد الظاهرة, وأصلها في الثوب فاستعير لما يستبطنه الإنسان من أمره ويجعله بطانة حاله. قال في المغرب: بطانة الرجل أهله أو خاصته مستعارة من بطانة الثوب.))
الإسلام ليس كلمات تقال باللسان وابتهالات وتضرع بل هو منهج حياة وضابط للسلوك في كل أمر جلّ أو دقّ وهو شهادة وقناعة وتبليغ؛ فالقناعة أمانة والتبليغ أمانة والعمل لإيجاده في واقع الحياة أمانه، ورد المجتمع من الاحتكام إلى الطاغوت إلى حاكميه الله أمانه وكلها أمانات ومن لم ينهض بها فقد خانها وخان عهده مع الله الذي عاهده عليه ونقض بيعته التي بايع بها رسول الله. وصاحب البدعة الذي أحدث في الإسلام أو نسب إلى الإسلام ما ليس فيه خائن وهو يعلم أنه خائن، والذي يعين الظالم على ظلمه لتكون له يد عنده خائن، والذي يوالي من نهى الله عن موالاتهم خائن وهو يعلم أنه خائن. وقد روى أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ وَالْكُفْرُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ وَلَا يَجْتَمِعُ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ جَمِيعًا وَلَا تَجْتَمِعُ الْخِيَانَةُ وَالْأَمَانَةُ جَمِيعًا.
أما نهاية الخونة في الدنيا فحكمة الله اقتضت أن تكون على أيدي أسيادهم ومن والوهم حتى تكون الحسرة عليهم أشد وأوقع في النفس، فهذا الوزير مؤيد الدين أبو طالب ابن العلقمي الذي خان الله ورسوله وأمير المؤمنين المستعصم ومالأ هولاكو أذله الله على يد سيده هولاكو حتى مرّت به امرأة وهو راكب برذوناً وسائق يسوق به ويضرب فرسه، قالت له : يا ابن العلقمي هكذا كان يعاملونك بنو العباس …؟؟
وشاه ايران وغيره وغيره والعبرة قائمة متجددة تحمل البشرى لبداية ظهور الحق ونهاية الباطل يتجرع فيها الخائن الذل على أيدي من طلب العزّ منهم وصدق الله العظيم (لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ) (الرعد:34)