Take a fresh look at your lifestyle.

سلسلة قل كلمتك وامش – سنون من عمر النكبة ح4 – الأستاذ أبو محمد الأمين

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

قلنا في الحلقة الماضية إن جامعة الدول العربية وأعضاءها السبعة عام 1948م قاموا بتسليم أكثر أراضي فلسطين لليهود من خلال مسرحية هابطة مثلوها على أهل فلسطين معلنين أنهم جاؤوا لحماية فلسطين من اليهود، ودخلت الجيوش العربية في ذلك الوقت في معارك صورية لم توقف اليهود ولن تحم الأرض ولا الأعراض من اعتداءات قطعان يهود.

وما أن حصل الاحتلال اليهودي وتسليم معظم الأراضي إلا وبدأت المفاوضات بين حكام الدول العربية وقادة الكيان اليهودي الغاصب في جزيرة رودس حيث وقعت اتفاقيات الهدنة بين اليهود والدول العربية.

هذه الاتفاقيات مكنت لليهود في فلسطين الذين أصبح وجودهم وكيانهم شبه الشرعي باعتراف الأمم المتحدة وحكام الدول العربية.

نقول شبه الشرعي لأن كيان يهود لن يكون شرعيا ً إلا باعتراف أهل فلسطين أو من يمثلهم في هذا الكيان.

وحتى يطمئن الصليبيون على بقاء هذا الكيان في فلسطين بدأوا يتحركون لعقد صلح دائم بين العرب واليهود، يكون أبناء فلسطين هم الأساس في هذا الاعتراف والتنازل عن فلسطين لليهود، فبدأ الأمريكان بالتحرك وعقدوا مؤتمرا ً للدبللوماسيين الأمريكان في الشرق الأوسط في استانبول عام 1950م، وكان من قرارات هذا الاجتماع تشجيع هيئة الأمم المتحدة على تنفيذ مشروع تقسيم فلسطين إلى دولتين: عربية ويهودية وتسوية قضية اللاجئين. وبدأت الخطوات العملية لتحقيق هذا القرار ويبدوا أن أمريكا توصلت إلى بعض الاتفاقات مع ملك الأردن عبدالله في ذلك الوقت لكن الإنجليز لم يمهلوه لإتمام ما اتفق عليه مع الأمريكان فاغتالوه على باب المسجد الأقصى في القدس، وبالتالي لم تستطع أمريكا التحرك إلى الأمام في مشروع قرار التقسيم بإيجاد الدولتين وذلك لمقاومة بريطانيا لهذا المشروع ووجود عملاء بريطانيا على رأس هرم السلطة في الكيان اليهودي الغاصب أمثال بن غوريون وتطلعهم إلى الاستئثار بجميع فلسطين من النهر إلى البحر كمت ينادي نتنياهو هذه الأيام.

وفي عام 1959م أعلن دالاس وزير خارجية أمريكا خطة أمريكا لحل قضية فلسطين تقوم على الأسس التالية:

1. إقامة كيان للفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة.
2. تدويل القدس
3. حل مشكلة اللاجئين بإرجاع قسم صغير منهم إلى فلسطين تحت حكم إسرائيل وتعويض الأكثرية الساحقة منهم وتوطينهم خارج فلسطين.

ولقد أوكلت أمريكا إلى عميليها في المنطقة جمال عبد الناصر وعبد الكريم قاسم بالمضي قدما ً في تنفيذ هذه الخطة، ولقد قام عبد الكريم قاسم بالدعوة إلى إقامة الجمهورية الفلسطينية وتجنيد أهل فلسطين لاستنقاذ بلادهم، وبدأ بالفعل بتدريب بعض الفلسطينيين في العراق وقام بطبع الميداليات وعليها فلسطين إلى غير ذلك، وقام كذلك العميل الأمريكي الثالث في المنطقة الملك سعود بن عبد العزيز بالتحرك والضغط على الملك حسين لقبول المشروع إلا أن الملك حسين وبأوامر وضغط من الإنجليز لم يوافق على ذلك ومارست أمريكا ضغوطا ً شديدة على الأردن لقبول المشروع، وعقدت جامعة الخيانة مؤتمرا ً في شتورا بلبنان سنة 1960م لبحث المشروع، وتحت الضغط الشديد وافق هزاع المجالي رئيس وزراء الأردن في ذلك الوقت على المشروع وأوعز إلى وزير خارجيته موسى حنا ناصر ليوافق على المشروع، لكن هذه الموافقة كلفت هزاع المجالي حياته حيث تم تفجير مبنى رئاسة الوزراء فتوقف السير في المشروع، وفي عام 1961م أرسل الرئيس الأمريكي الجديد كنيدي رسائل إلى الحكام العرب يتعهد بتمويل خطة السلام وتوطين اللاجئين وتعويضهم وحل مشكلة مياه الأردن. وعقد مؤتمر في القاهرة حضره عن الأردن بهجت التلهوني الذي اجتمع به السفير الأمريكي للضغط عليه، لكن التلهوني لم يستطع الموافقة نتيجة تهديد الملك حسين له.

بقيت الأمور ترواح مكانها إلى أن جاء العميل الإنجليزي بورقيبة إلى فلسطين وأعلن مشروعه لحل القضية الفلسطينية وهو المشروع الإنجليزي القائم على إيجاد الدولة العلمانية في جميع فلسطين تكون الكلمة في هذه الدولة واليد العليا لليهود، ويكون النظام السياسي أشبه ما يكون بالنظام السياسي في لبنان، لكن أهل فلسطين وبتحريض من عبد الناصر رفضوا المشروع وهاجموا بورقيبة ورموه بالطماطم والبيض الفاسد، فتوقف أيضا ً مشروع الإنجليز أي مشروع الدولة العلمانية نتيجة هجوم عملاء الأمريكان عليه ومقاومته مقاومة شديدة.

اشتد هجوم عملاء الأمريكان على مشاريع الإنجليز وعملاء الإنجليز في المنطقة حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، فلم تجد بريطانيا مخرجا ً من هذه الضائقة السياسية التي يعيشها عملاؤها إلا أن ترتب مع إسرائيل وعملائها لحرب تشنها إسرائيل فتلقن عبد الناصر درسا ً لا ينساه، ومن خلال هذه الحرب يقوم الملك حسين بتسليم الضفة الغربية لليهود حتى يستريح من الضغوط التي تمارسها أمريكا عليه.

ابتدأ حكام الأردن وسوريا بالحملة الإعلامية الشديدة على عبد الناصر وأنه يهادن اليهود وأنه يحتمي وراء البوليس الدولي في سيناء، فاستفز ذلك عبد الناصر الذي كان يعيش سياسيا ً على شعبية اكتسبها بالكذب والتضليل، فقام بالطلب من قيادة البوليس الدولي بالانسحاب من سيناء وكذلك قام بإغلاق مضائق تيران أمام الملاحة اليهودية، وهكذا تكون الفرصة قد سنحت لليهود وحلفائهم عملاء الإنجليز لإشعال الحرب وتنفيذ الخطة. وحتى يحكم الإنجليز الخطة أرسلوا الملك حسين إلى القاهرة لتوقيع اتفاقية للدفاع المشترك، وعاد الملك حسين ومعه أحمد الشقيري وشعبيته تعانق السماء، أما إسرائيل فبدأ رئيس وزرائها اشكول بالتردد والخوف فأتى الإنجليز بموشيه دايان وسلموه وزارة الدفاع في الكيان اليهودي، وبذلك تم الاستعدادات للحرب التي ابتدأتها إسرائيل صباح الخامس من حزيران عام 1967م.

وفي الحلقة القادمة نتابع المشوار بإذن الله – تعالى-.

وفي الختام أسأل الله – تعالى- أن يمكن للمخلصين العاملين على إيجاد الخلافة الراشدة التي تطهر البلاد والعباد من رجس اليهود ومن وراءهم من الصليبيين، إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

أخوكم، أبو محمد الأمين