مع الحديث الشريف- عقوبة التشهير
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ قَالَ اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ بَنِي أَسْدٍ يُقَالُ لَهُ ابْنُ الْأُتَبِيَّةِ عَلَى صَدَقَةٍ فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ سُفْيَانُ أَيْضًا فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ فَيَأْتِي يَقُولُ هَذَا لَكَ وَهَذَا لِي فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَأْتِي بِشَيْءٍ إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةً تَيْعَرُ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ ثَلَاثًا
جاء في فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قَوْله (يُقَال لَهُ اِبْن الْأُتْبِيَّة) وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ اِسْمه عَبْد اللَّه وَاللُّتْبِيَّة أُمّه لَمْ نَقِف عَلَى تَسْمِيَتهَا .
قَوْله (عَلَى صَدَقَة) تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاة تَعْيِين مَنْ اُسْتُعْمِلَ عَلَيْهِمْ .
قَوْله (لَا يَأْتِي بِشَيْءٍ إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْم الْقِيَامَة) يَعْنِي لَا يَأْتِي بِشَيْءٍ يَحُوزُهُ لِنَفْسِهِ
قَوْله (إِنْ كَانَ) أَيْ الَّذِي غَلَّهُ
(بَعِيرًا لَهُ رُغَاء) هُوَ صَوْت الْبَعِيرِ .
قَوْله (أَوْ شَاة تَيْعَر): الْيُعَار صَوْت الْمَعْز
قَوْله (ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبِطَيْهِ) الْعَفَر بَيَاض لَيْسَ بِالنَّاصِعِ .
قَوْله (أَلَا) بِالتَّخْفِيفِ
(هَلْ بَلَّغْت) بِالتَّشْدِيدِ
(ثَلَاثًا) أَيْ أَعَادَهَا ثَلَاث مَرَّات .
عقوبة التشهير: التشهير بمن توقع عليه العقوبة لرفع ثقة النّاس منه، وهو اعلام النّاس بجرم الجاني وتحذيرهم منه، وفضيحته على رؤوس الأشهاد. والأصل في عقوبة التشهير قوله تعالى: وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين فإن المقصود به التشهير بهما.
ووجه الاستدلال بالحديث أعلاه أن الرسول أخبر أن من يأخذ من الأموال العامة، ومن يأخذ هدية لأنّه والٍ أو عاملٌ سيعاقبه الله يوم القيامة بفضيحته حيث يأتي يحمل ما أخذه من مال، إن كان بعيراً له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر، وهذا يعني فضيحة الولاة على رؤوس الأشهاد في ذلك الموقف العظيم. فيكون التشهير مما يعذب به الله، ولم يرد نص أنه خاص بعذاب الله كما ورد في العذاب بالنار، فيدل على أنه يجوز للحاكم أن يعاقب المذنب بالتشهير به. فالحديث دليل على جواز التعزير بالتشهير. وقد سار الصحابة على ذلك فعزروا بالتشهير. فقد نقل عن عمر بن الخطاب أنه كان يشهر بشاهد الزور بأن يطاف به، وقد نقل عن مشهوري القضاة إنهم كانوا يحكمون بالتشهير، فقد كان القاضي شريح يحكم بالتشهير به وشريح هذا كان قاضياً على عهد عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب، وهو من مشاهير القضاة.