رسالة إلى المسلمين في العالم
الحمد لله العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسـلين، المبعوث رحمة للعالمين، وآله وصحبه الطيـبين الطـاهرين، ومن تبعه وسار على دربه، واهتدى بهديه واستن بسنـته، ودعا بدعوته إلى يوم الدين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
أيها المسلمون في كل مكان!
يا أبناء أمة الإسلام فوق كل أرض وتحت كل سماء في هذا العالم!
يا من آمنتم بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبالقرآن دستوراً، وبمحمد عليه الصلاة والسلام نبياً ورسولاً!
أحييكم بتحية من عند الله مباركة طيبة، أحييكم بتحية أهل الجنة، وتحية الإسلام، فالسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أما بعد:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « الدين النصيحة. قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم».
أيها المسلمون: أيها الإخوة الأعزاء:
والله الذي لا إله غيره لولا محبتي لكم امتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه». ولولا أمانة التبليغ الملقاة على عاتقي، والتي تحملتها يوم أن شرفني الله تعالى بحمل الدعوة مع المؤمنين العاملين لاستئناف الحياة الإسلامية، بإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، لولا تلك الأمانة التي كلفني بها الله تعالى ما وقفت هذا الموقف.
ولكني أقف اليومَ بينكم ناصحاً ومبلغاً امتثالاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «بلغوا عني ولو آية». ولقوله صلى الله عليه وسلم: « نضَّر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع، ورب حامل فقه ليس بفقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه».
أيها المسلمون: أيها الإخوة الأعزاء:
إني والله أحب لكم ما أحب لنفسي، وأرتضي لكم ما أرتضيه لنفسي، ولا أدعوكم إلاَّ لما فيه خيركم وعزكم في الدنيا والآخرة، وإني والله لكم لناصح، وعليكم لشفوق! فاقبلوا نصحي، وكونوا أنصار الله، وأنصار رسوله، وأنصار دينه دين الإسلام، والتحقوا بركب حملة الدعوة مع إخوانكم في حزب التحرير، الذين يعملون بجد وإخلاص ـ أحسبهم كذلك، كي تنالوا رضا الله تعالى، وتفوزوا بخيري الدنيا والآخرة.
أيها المسلمون: أيها الإخوة الأعزاء:
الدنيا دار ممر، والآخرة دار مقر، والدنيا حلالها حساب، وحرامها عذاب، واليومَ عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل. والمرء مهما عاش فإنه ميت، والله سائله يوم القيامة عن عمله، وسيحاسبه عليه إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.
والعاقل أيها الإخوة الأعزاء من تزود من دار ممره لدار مقره، ومن دنياه لآخرته. والكيس يا إخوتي من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، فما بعد الموت من مستعتب، وما بعد هذه الدار من دار إلا الجنة أو النار. ولكن طريق الجنة أيها الإخوة الأعزاء ليست مفروشة بالورود، بل هي مليئة بالأشواك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حفت النار بالشهوات، وحفت الجنة بالمكاره».
والجنة أيها الإخوة الأعزاء لها ثمن، فلا بد من التضحية في سبيلها بالغالي والنفيس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا إنَّ سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة».
فمن يطلب الحسناء لم يغله المهر ولا بد دون الشهد من إبر النحل
حتى اللقمة في الفم لا تهضم في المعدة هضماً جيداً إلاَّ بعد بذل الجهد في مضغها وطحنها بالأضراس. وقديما قال المتنبي الشاعر العربي المعروف:
وإذا كانت النُّـفوس كباراً تعبت في مُرادها الأجسامُ
فلا بد للحصول على المكاسب الدنيوية والأخروية من التعب، ولا بد من التعب للحصول على الراحة الأبدية، ورحم الله الشاعر أبا تمام الذي قال مخاطباً خليفة المسلمين المعتصم مادحاً إياه لما فتح مدينة عمورية حين استغاثت به المرأة المسلمة صارخة وامعتصماه:
بَصُرتَ بالرَّاحة الكبرى فلم تَرَها تنـالُ إلاَّ على جسرٍ من التَّـعبِ
رمَى بكَ الله بُرجيهــا فهدَّمهـا ولو رمى بك غيرُ الله لم تُصِـبِ
أيها الإخوة الأعزاء: إن من أفضل الأعمال التي يثيب الله عليها فاعليها أعظم الثواب حمل الدعوة لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة التي بدورها تحمل الدعوة الإسلامية بالجهاد إلى العالم أجمع. واقرءوا إن شئتم قول الله جلَّ في علاه: (ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين).
وأخص برسالتي هذه أهل القوة والمنعة، ومعشر القادرين على التغيير.
قال الله تعالى في كتابه العزيز وهو أصدق القائلين: (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً).
في هذه الآية الكريمة ذكر الله تعالى أنَّ من قتل نفساً فكأنما قتل الناس جميعاً، والله تعالى يعاقب من قتل نفساً بغير حق أشد العقاب، فما ظنكم بمن قتل الناس جميعاً؟ إنكم يا أهل القوة والمنعة، ويا معشر القادرين على التغيير بإحجامكم عن حمل الدعوة تكونون كمن قتل الناس جميعاً! فهل تتصورون إثماً أعظم من إثمكم، وجريمة يعاقب الله عليها مرتكبيها أعظم من جريمتكم؟
وفي الآية الكريمة أيضاً ذكر الله تعالى أنَّ من أحيا نفساً بإنقاذها من الهلاك المحقق، فكأنما أحيا الناس جميعاً، والله تعالى يثيب من أحيا نفساً أعظم الثواب، فما ظنكم بمن أحيا الناس جميعاً؟ إنكم يا أهل القوة والمنعة، ويا معشر القادرين على التغيير بإقبالكم على حمل الدعوة، وبانضمامكم إلى صفوف العاملين لإقامة الخلافة مع إخوانكم في حزب التحرير تكونون كمن أحيا الناس جميعاً! وتكونون قد أنقذتم أمتكم من الهلاك! وتكونون بذلك قد نلتم رضا ربكم، وفزتم بخيري الدنيا والآخرة! فتحيوا في الدنيا أعزاء، وتكونوا في الآخرة من المكرمين. فهل تتصورون عملاً جليلاً أعظم من عملكم، وثواباً يثيب الله عليه فاعليه أعظم من ثوابكم؟
فيا إخوة الإيمان في شتى بقاع الأرض على وجه العموم، ويا أهل القوة والمنعة، ويا معشر القادرين على التغيير على وجه الخصوص، شمِّروا عن ساعد الجد، والتحقوا بركب حملة الدعوة، واعملوا بجد وإخلاص مع المؤمنين العاملين لإقامة دولة الخلافة، كونوا أنصار الله، وأنصار رسوله وأنصار دينه دين الإسلام، وآزروا إخوانكم في حزب التحرير، فهذه فرصتكم لتحصلوا على الشرف الرفيع، ولتنالوا الدرجات العلا عند الله تعالى، وليكون لكم قصب السبق في العمل لإقامة دولة الخلافة التي فيها تحيون حياة العزة والكرامة والشرف، وذلك قبل فوات الأوان، وقبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه الندم، فيقول الواحد منكم: ( يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً).
وفي الختام إخوة الإيمان نسأل الله عز وجل أن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة، وأن يجعلنا من جنودها الأوفياء المخلصين. اللهم مكـن أمـة الإسلام من العودة لحمل رسالتها، واتباع أوامر ربها وهدي نبيها، وامنحها اللهم القـوة عـلى النهوض بمسؤولياتها على الوجه الذي يرضـيك عنها، إنك ولي ذلك والقادر عليه، وأنت على ما تـشاء قدير، وبالإجابـة جدير. سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
والسلام علـيكـم ورحمة الله تعالى وبركـاتـه
أعدها للإذاعة: أبو إبراهيم