قانتات حافظات الحلقة الأولى
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين, وعلى آل بيته الطيبيين الطاهرين، وعلى نسائه اللائي لسن كأحد من نساء العالمين وبعد:
حياكم الله معنا من إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير حيث يتجدد لقاؤنا معكم في فقرتنا الأسبوعية والتي ستكون بعنوان قانتات حافظات..
ألقيها على مسامعكم مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير وخاصة النساء منهم لأهمية الموضوع لديهن، وأبدأ سلسلتي موجهة الخطاب إلى أختي المسلمة..
إليك أختي المسلمة..
إليك أيتها الدرة المكنونة واللؤلؤة المصونة..
إليك يا مربية الأجيال وصانعة الرجال ومنشأة الأبطال..
يا أمة الله.. أنذرتك النار!!
صرخة دوى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم على مسمع التاريخ قبل أربعة عشر قرنا من الزمان، لأحب الناس إليه وأقربهم منه وأغلاهم عنده، حيث قال: (… يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار ، فإني والله ما أملك لكم من الله شيئا ، يا صفية عمة رسول الله, أنقذي نفسك من النار، ، فإني والله ما أملك لكم من الله شيئا…). صحيح البخاري
صرخة لا بد أن تدوي الآن في أصقاع المعمورة, لتوقظ أموات الأحياء، فلا تدع بيت مدر ولا وبر إلا وأنذرته.
كيف لا؟! وقد بانت أنياب الذئاب, فبتنا نقاسي أحوالا تشيب النواصي، وأهوالا تزيل الرواسي، خائضين غمارها، راكبين تيارها، نشرب صابها، ونشرح عبابها، والأنوف تعطس علينا بالكبر، والصدور تستعر بالغيظ، والشفار تشحذ بالمكر, كل ذلك واكثر نتاج تخطيط الغرب الكافر للنيل من المرأة المسلمة في مجتمعنا, الذي شرع الى تنفيذه حكامنا الرويبضات، القابعون على صدورنا يسوموننا سوء العذاب بقوانين ما أنزل الله بها من سلطان.
والضحية، أنت أختي المسلمة، فهذا الكافر يعمل ليلا نهارا جهارا ليصرفك عن دينك، بل وليشكك فيه وفي كونه النظام الوحيد القادر على إسعادك وتحقيق طمأنينتك..
فحاول تجريدك من طهرك وتخليصك من عفافك..
فكانت المرأة ضحية هذه المؤامرة الشنيعة وهذه الهجمة الشرسة، فتاهت بناتنا ونساؤنا وضاعت في دياجير ظلمة هذا الكافر عليه لعنة الله .
فباتت المرأة تسير في ركبه كسير الفريسة وراء الضبع، وكأنها مغشي عليها لا ترى ولا تسمع إلا ما يقوله الغرب لها.
فتجردت من دينها، ذلك أن الغرب أوهمها أن الحجاب رجعية وأن الصلاة تخلف. وأن طاعتها لزوجها كبت لشخصيتها وأن عدم خروجها كاسية عارية، طمس لأنوثتها، وأن وليها هو ضد حريتها الشخصية ومكانتها الاجتماعية.
فأمرها أن تخرج سافرة متحدية ظانة أنها بذلك قد حققت مكانتها وأثبتت وجودها وجدارتها .
ناسية أو متناسية أنها من خير أمة أخرجت للناس، فهي بنت دين عظيم، بنت الإسلام، الذي جاء وحفظها وكرمها ورفعها بعد أن كانت في السابق لا قيمة لها ولا وزن، بل كانت مضطهدة لا يرى فيها إلا الجسد.
لقد جاء الإسلام فوجد المجتمع الجاهلي في مكة- كغيره من المجتمعات في ذلك الحين- ينظر للمرأة على أنها أداة للمتعة وإشباع الغريزة، ولا ينظر إليها النظرة الإنسانية.. وإن حصل ونظر، كانت نظرته هابطة متدنية.
فكان مجتمعا هابطا تسوده الفوضى في العلاقات الاجتماعية، كما هو حال المجتمعات الغربية اليوم، حيث نظام الأسرة مخلخل وعلاقات المرأة بالرجل مشوهة. هذا عدا عن هبوط النظرة إلى الجنس وانحطاط الذوق الجمالي. بل والاحتفال بالجسديات العارمة. وقد كان هذا ظاهرا في أشعار الجاهليين في جسد المرأة والتفاتهم إلى أغلظ المواضع فيه وأغلظ معانيه…
فما أن جاء الإسلام حتى أخذ يرفع من مستوى هذه النظرة إلى المرأة، بل وجعلها ترقى إلى أرقى ما تكون النظرة، مركزا على الجانب الإنساني فيها لا الجسدي، فكان أساس العلاقة بين الجنسين هي العلاقة الإنسانية وليس مجرد إشباع الجوعة الجسدية ولا إطفاء الفورة في اللحم والدم. بل بين أن العملية اتصال بين كائنين إنسانيين من نفس واحدة بينهما مودة ورحمة، وفي اتصالهما سكن وراحة، ولهذا الاتصال هدف مرتبط بإرادة الله في خلق الإنسان، وعمارة الأرض وخلافة هذا الإنسان فيها بسنة الله .
فبدل أن نحافظ على هذه النظرة ونتمسك بتلك المكانة اتبعنا الغرب وتجردنا من كل القيم الصحيحة و الأحكام الحافظة للعرض والشرف والعفة.
فكان لا بد من وقفة نقفها وإياك أختي المسلمة أذكرك بها بالمكانة التي وضعك الإسلام فيها وبالرقي بالنظرة التي أمر أن ينظر إليك من خلالها .
وسأسعى من خلال هذا البحث المتواضع بإذنه تعالى إلى تسليط الضوء على تلك المكانة وتذكيرك بذلك النظام الكامل المتكامل الذي أوجبه الله علينا ، والذي فيه حفظ للحقوق وبيان للواجبات .
وسأقوم بداية بتعريف القانتات الحافظات والتعريج على بعض صفاتهن التي أمر الله أن يتصفن بها، ومن ثم الانتقال إلى معالجات الإسلام التي تناولت علاقة المرأة بالرجل، وبعدها إلى نظرة الشرع للمرأة وما يتعلق بهذه النظرة. وسنعرج على حفظ الشرع لحقوق المرأة المعنوية منها والمادية. ولا بد أيضا من بيان رعاية الشرع للمرأة، والمرور على دورها في الحياة العامة والخاصة ضمن هذه النظرة وتلك المعالجات.
وفي الختام ،،،
أقول لك أختاه إن الغرب قد خاطبك بكفره واستطاع تغيير صبغة مجتمعك من خلالك، لذا وجب علي أن أخاطبك اليوم بخطاب الإسلام بالعمل على تغيير هذا الواقع المرير فأنت لست نصف المجتمع كما يدعون، بل أنت المجتمع بأكمله لأنك نصفه بكيانك كامرأة مخاطبة من الله عز وجل ونصفه الآخر لأنك أنت التي تلد وتربي وتنشئ النصف الآخر فيه.
كتبته للإذاعة: الأخت أم سدين