فقرة المرأة المسلمة – يوميات حاملة دعوة – الأخت خلافة راشدة
والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيد ولد آدم أجمعين …
نقف معكم هذا اليوم في هذا الشهر المبارك وقفة جادة حول يوم هام من يوميات حاملة الدعوة ولننظر ونتفكر علاقة حاملة الدعوة بربها خالقها ورازقها محييها ومميتها وكيفية تنظيم هذه العلاقة, ونقف وقفة أخرى نتأمل علاقتها بنفسها من مأكولات ومشروبات وأخلاق , ولا يفوتنا أن نتطرق لعلاقة حاملة الدعوة بغيرها في هذه الحياة من معاملات وعقوبات .
فحاملة الدعوة قد عرفت علاقتها بربها من خلال التدبر والتفكر بالكون والإنسان والحياة , وتوصلت أن الله خالق الكون والإنسان والحياة نظمها تنظيما دقيقا , لذلك جعلت علاقتها بربها على أساس العقيدة الإسلامية وبحسب الأحكام الشرعية .
قال تعالى: ” وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ”, وقال عز من قائل: ” فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا”., فالإنسان عاجز عن إيجاد نظام للحياة لإدارة هذه العلاقات الثلاث كونه عاجز وناقص ومحدود ومحتاج, لذلك كان حري بنا أن نقف على هذا اليوم الهام من أيام حاملة الدعوة .
إن حاملة الدعوة كالشمعة تحترق لتنير لغيرها الطريق فكان لزاما عليها أن تستمد نورها من القرآن الكريم وسنة النبي المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
فغني عن البيان أن القراّن الكريم هو أساس هذا المبدأ الذي نفخر به على الدنيا كلها ، وهو كلام الله المنزل الذي نتعبد بتلاوته ، وهو فوق ما في قراءته من ثواب عظيم فانه يشحذ الهمم ويعين النفوس التي وطدت عزمها على العمل لإعلاء كلمة لا اله إلا الله محمد رسول الله، إذ ليس هناك من هو أثقل عبئا من حاملة الدعوة ، فأولى الناس بتلاوة آياته هي حاملة الدعوة ، ففيه ما يشحن المؤمن بطاقة عجيبة تحيي موات النفوس لتجعل منها نفسيات تستسهل الصعب وتستهين بكل متع الحياة الدنيا من اجل الفوز بنعيم الجنة ، بل من اجل الفوز برضوان الله عز وجل ، ولماذا نذهب بعيدا ونحن على يقين تام أن النصر إنما هو من عند الله ، وانه لا أمل لنا إلا به ، فكيف بنا لا نحرص كل الحرص على التزود من القران الكريم ، وتدبر معانيه ، والوقوف على مراميه ، لهذا لا يتصور أن يكون علاج لحاملة الدعوة التي تحس في نفسها ضعفا , خيرا من ترديد آيات الله مرارا وتكرارا , لذلك فإن حاملة الدعوة في رمضان تُقبل على القرآن الكريم إقبال الظمآن على الماء .
ولا تبعدها قراءة القرآن الكريم عن الاهتمام بأمر المسلمين وتتبع أخبارهم , فواجب علينا تقصي أخبار المسلمين بل والعمل على خلاصهم من مآسيهم, فالإسلام ليس دينا كهنوتيا للتعبد فقط ولا رهبانية في الإسلام منقطعة عن الناس, فالمسلم الذي يخالط الناس ويصبر على آذاهم خير من المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على آذاهم, وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: ” لفقيه واحد اشد على الشيطان من ألف عابد”. فلا تغرنكم كثرة العبادة المنقطعة عن الاهتمام بأمر المسلمين, ولا يفهم من كلامي أني أذم بكثرة العبادة لا, بل أن لا تشغلها عن فروض أخرى قد فرضها الله عليها.
إن حاملة الدعوة تطمح أن تكون كأمهات المسلمين والصحابيات الجليلات رضي الله عنهن جميعا , فهي تقف مواقف عز في أمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر ولا تخاف بالله لومة لائم , فهي لا تسكت عن منكر أبدا مهما كانت النتيجة لأن همها هو إرضاء الله عز وجل وإرضاء رسوله الكريم القائل : ” إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه”. صحيح الترمذي.
فتكون خشية الله في قلبها اشد من خشيتها للناس , كيف لا وهي قد سخرت حياتيها لإعلاء كلمة الله وتطبيق نظامه في الحياة عن طريق إقامة الدولة الإسلامية , وقد ترسخت العقيدة في قلبها وعقلها وعلمت وأيقنت أن الله هو الرازق وهو الناصر وهو المحيي وهو المميت ولو اجتمعت الإنس والجن على أن يضروها بشئ لم يضروها إلا بما كتبه الله لها.
وحاملة الدعوة لا تضيع أجرا أبدا فهي تنتظر شهر رمضان بشوق بحثا عن الثواب لتنال الأجر العظيم فهي لا تضيع مندوبا مهما قل وتواظب على صلاة التراويح مصداقا لقوله عليه الصلاة والسلام: ” من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ” (رواه البخاري ومسلم ).
هذا ناهيك عن الأجر والثواب الذي تحققه صلاة التراويح من اتصال بالناس وحمل الدعوة لهم , فهي ابعد ما يكون عن ملهيات حكامنا الإعلامية وقت صلاة التراويح, فلا تنشغل بمسلسل هابط أو سهرة تكون عليها حسرة يوم القيامة, فتفسد دينها بدنياها.
وحاملة الدعوة حسنت المنطق عذبت الكلام أبعد ما تكون عن الغضب في رمضان , فلا نسمع منها إلا ذكرا لله أو تسبيحا أو صدعا بالحق , لسانها دائم الذكر والاستغفار وإذا غضبت من أحد فإنها تدعو له بالهدى والمغفرة والرضا والسداد ولا تدعو على أبنائها أو أبناء المسلمين ولا تشتم أحدا ولا تسبه، فعَن جَابرٍ رَضِيَ اللَّه عَنْه قال: قَال رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم:« لا تَدعُوا عَلى أَنْفُسِكُم، وَلا تدْعُوا عَلى أَولادِكُم، ولا تَدْعُوا على أَمْوَالِكُم، لا تُوافِقُوا مِنَ اللَّهِ ساعة يُسأَلُ فِيهَا عَطاءً، فيَسْتَجيبَ لَكُم »] رواه مسلم[
تستخدم أسلوب الخطاب المناسب، فالخطاب مع المسلمين يختلف عن الخطاب مع الكفار، فمهما اختلفت مع المسلمين، تتذكر قوله تعالى :«إنما المؤمنون إخوة» وقوله «واخفض جناحك للمؤمنين» و إن كانت هناك من تخالفها الرأي تستند إلى شبهة فتحاججها بالأدلة وبصوت منخفض وبلطف ورحمة وإشفاق مع إبقاء الصلة قائمة حتى ولو لم تتم القناعة، شعارها في ذلك منهج علمائنا الكرام رحمهم الله ( رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب ).
هذه بعض الوقفات أخوتي الكرام في يوميات لحاملة الدعوة في رمضان… واعذرونا إخوتي الصائمون وأخواتي الصائمات أن غفلت عن بعض الأمور التي تقرب العبد من ربه وهي كثيرة كالصدقة وقيام الليل وغيرها إلا أنني لا أود الإطالة فتملوا…
والى حلقة أخرى من حلقات يوميات حاملة دعوة في رمضان.
اللَّهمَّ أني أسألُكَ بانقشاعِ الظُّلمَةِ عنِ الغُيومِ المُلَبَّدَةِ كيْ نَرى هَلالَ قُدومِ دَوْلَة ِالإسلامِ ….اللَّهُمَّ آمين آمين