رسالة إلى المسلمين في العالم- أبو المهند
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم. والحمد لله رب العالمين حمداً يليق بجلاله وبعظيم سلطانه عدد خلقه ورضا نفسه ومداد كلماته وزنة عرشه واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيّه من خلقه وخليله بلغ الرسالة وأدى الأمانة أما بعد:
قال تعالى- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم- {وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً ولكن أكثر الناس لا يعلمون}
وقال تعالى:{إنا أرسلناك بالحق بشيراً ونذيرا ولا تسأل عن أصحاب الجحيم}
وإن رسالة الإسلام جاءت للناس كافة لتخرج البشر من عبادة البشر إلى عبادة رب البشر من عبادة المخلوقات للمخلوقات لتفرد الله الخالق بالعبادة(الخالق البارئ المصور) ومن هذا المنطق أتوجه بهذه الكلمات من هذا المنبر الذي هو أحد منابر المسلمين المفردين الله عز وجل بالعبادة الطامعين لنيل رضوانه عز وجل العاملين لهذه الغاية، غاية (هداية البشرية) بتحكيم شرع الله واستئناف الحياة الإسلامية أتوجه من هذا المنبر لأرسل رسالة فيها ذكرى لمن ألقى السمع وهو شهيد تخرج من قلب يريد للناس الخير محباً لهم ناصحاً لهم لعل الله عز وجل إن يجعل فيها من يسمعها فيعيها ويتدبرها فتؤثر فيه فيكون من المهتدين بإذن الله مصداقاً لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم “لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم”.
أيها الناس: إن الإنسان بخلقته وطبيعته عاجزٌ لا يستطيع القيام بكل شيء وناقص غير كامل ومحتاج لغيره ليعيش في هذه الحياة ومن جراء ذلك فهو بميل غريزي وبحسب تكوينه وفطرته البشرية الناقصة والعاجزة والمحتاجة يتجه للعبادة والتقديس، وإذا ترك الوجدان لوحده من دون إعمال للعقل والفكر، فإن الإنسان يحاول إشباع غريزة التدين لديه بعبادة أي شيء يشعر الإنسان انه أقوى منه… ومن هنا كانت عبادة المخلوقات للمخلوقات، فعبدت النار والشمس والحجارة وكثير من المخلوقات..لذلك أرسل الله إلينا مَن يعلمنا كيفية العبادة الحقيقية ويبصرنا في خلقنا ويعرفنا بالله عز وجلّ وجعل في كل أمة رسول. قال تعالى: {إنا أرسلناك بالحق بشيراً ونذيراً وإن من أمة إلا خلا فيها نذير}.
وأرسل مع الرسل والأنبياء ما يثبت أنهم هم فعلاً وحقاً مرسلون من عند الله فكانت المعجزات وكان محمد صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء والمرسلين وكانت معجزته القرآن الكريم الذي عجز البشر عن الإتيان بمثله. فدعا رسولنا الكريم إلى الإسلام والتوحيد كما طلب منه الله عز وجل ولاقى في دعوته ما لاقى من الصعاب والمشقات والصد والتكذيب حتى تم بعون الله انتشار الدين والعدل بين الناس.. وعاشت البشرية ردقاً من الزمان بأمن واستقرار فالقوي يحنو على الضعيف والغني ينفق على الفقير والدولة ترعى الناس وتحتضنهم فتوفر لهم حس الرعاية وكل ما يحتاجونه ولا تسلبهم حقوقهم كما هو حاصل في دول هذا الزمان ومن جرّاء هذا التطبيق للإسلام فتحت أبواب الخير وعاش الناس في سعادة وأمن وفتحت أبواب العلم والمعرفة والنور، إلى أن شمل هذا الخير ثلثي العالم القديم القارات الثلاث.
وبعد أن ضعف فهم الإسلام وأسيء تطبيقه على الناس أخذ هذا المنحى بالتراجع إلى أن استطاع أعوان الشيطان أعداء البشرية دعاة الباطل ظلاميو الفكر والبصيرة النيل من دعاة الحق وهدم دولة الإسلام. فغاب الإسلام عن التطبيق وغابت الرحمة والعدل في رعاية شؤون الناس. فانتشرت الرذيلة والشذوذ وأصبح الانفصام في سلوك البشر طبيعي ومخالفة الفطرة اعتيادي فعاش الناس في ضنك لإعراضهم عن ذكر الله.
فسادت الظلمة وغيّب النور وعمّ الظلم بغياب الحق وحل البطش والجور والطغيان بانتقاء العدل فاندلعت الحروب العالمية التي حصدت أرواح ملايين البشر وانتشر الدمار فوق كل الديار ورعى الناس أشرارهم وسادهم فجارهم وأصبحت المنفعة والمصلحة هي مقياس علاقات الناس.
“ولكن هل سينتهي الأمر عند هذا التاريخ؟ لا والله”
إن وعد الله حق وكلامه حق وتمكينه لعباده الصالحين حق، والدين ظاهر على كل الخرافات والإيمان ظاهر بإذن الله على كل ريب أوشك. فدعاة الحق سائرون لا يضرهم من خالفهم وما أصابهم من لأواء في سبيل الله ليعيدوا النور الذي خبا منذ قرن من الزمان فيرجعوا للإنسان انسايته ويزيلوا عن القطرة كل ما شذ عنها وما خالفها من نظم الحياة.
فإننا معشر الدعاة إلى الله الحاملين لواء التوحيد حاملو الإسلام كل الإسلام آخذين على عاتقنا أن نعيد للأرض النور والأمن بإذن الله والطمأنينة للنفس البشرية والعدل في فض الخصومات بين الناس ونشر المعروف ومحاربة المنكر لنحيا حياة طيبة بإذن الله وذلك بإعادة الحكم بما أنزل الله وتطبيق تشريع السماء ويكون دور العقل فهم النصوص التي أتى بها الشرع لا التشريع لان عقول البشر ناقصة وغير محيطة بما ينفع الناس وعاجزة عن إدراك الخير.
فالتشريع لله في كل مناحي الحياة في علاقات الدول بعضها مع بعض وفي العلاقات بين المجتمعات والكيانات السياسية وفي العلاقات بين الأفراد وحتى العلاقة بين الإنسان ونفسه عدا عن العلاقة المقررة بديهياً بين الإنسان وربه فنعبد الله كما يريد لا كما نريد ويكون السلطان الذي ينفذ هذه العلاقات ويحميها ويحافظ عليها بيد الأمة فتعطيه الأمة لمن ينوب عن نفسه وعنها في وضعه موضع التطبيق فتبايع خليفة يرفع الخلافة ويحقق الائتلاف لذلك ندعو كل مسلم غيور على دينه ودنياه يتطلع ليكون من أهل الجنة ويشهد أن هناك جنة ونار ويوم حساب ندعوه للتفكير بما آلت إليه حال الأمة بل حال البشرية ولما آل إليه دين الله فيتفكر في كيفية الخلاص والمتمثلة في إيجاد كيان سياسي فيه السيادة لله والسلطان للأمة يطبق الإسلام كاملا غير منقوص فيعيد الاتزان للأرض تطبيق ما يوافق فطرتها ولا يشذ عنها ويقنع عقلها ويذكي الألباب فتملأ القلوب طمأنينة وأدعو كل إنسان غير مسلم أن ينظر في دين الله أليس حريٌّ بكل ذي عقل أن يتفكر فيما حوله؟ أوليس حياتك أيها الإنسان تدفعك لتحسينها والرقي فيها فانظر وتعرف على هذا الدين الذي أنزل من فوق سبع سماوات لعلك تكون من الناجين بإذن الله ولعلك تكون أحد أتباع هذا الدين الذين ينوّر الله قلوبهم به ويطمئنهم بذكره{ألا بذكر الله تطمئن القلوب} ولعلك تكون من الناجين يوم الدين {يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم} اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد الله رب العالمين .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبو مهند