رسالة إلى المسلمين في العالم- أ.أبو أحمد التميمي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه وأتباع هداه.
أيتها الأمة الإسلامية الكريمة، يا خير أمة أخرجت للناس، يا أمة اصطفاها ربها وجعلها شاهدة على الناس يوم القيامة.
يا أخوتي وأحبتي في الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ها قد عاد شهر رمضان شهر الصيام وركن الإسلام، شهر القرآن وآياته الكرام، شهر الغزوات والفتوحات العظام، شهر معركة بدر الكبرى حيث جندلت سيوف الصحابة صناديد المشركين من قريش ومرغت أنوفهم في التراب، شهر فتحت فيه مكة أم القرى فتحها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحوله الأنصار والأصحاب. شهر طوى فيه أجدادكم فرسان الإسلام مشارق الأرض ومغاربها حملوا الرسالة وأدوا الأمانة، استصغروا الدنيا فأتتهم صاغرة، اعتصموا بحبل الله وتمسكوا بهداه، فدانت لهم رقاب القياصرة والأكاسرة ملأوا صحائف المجد حتى فاضت مآثرهم ما يعجز عن وصفه اللسان ويقصر عنه البيان، جعلوا رضوان الله همهم فكفاهم ربهم ما أهمهم، مضوا برايتهم من شاهق إلى شاهق ومن عل إلى أعلى، حتى خاطب خليفتهم السحاب المسخر بين السماء والأرض، أنزلت السماء بركاتها وأخرجت الأرض خيراتها، حتى لا تجد الزكاة من يستحقها وفاض المال، وعم الأمن، فالثغور حصينة، والبلاد أمينة، والمسلمون يتقلبون في نعيم وعز لباسهم التقوى، يفيئون لشرع الله وحكم الله، ما عرفوا الذل منذ أعزهم الله بالإسلام، ولا عرفوا الجوع والخوف منذ أحاطهم برعايته الخليفة والإمام.
ثم تغير الحال غير الحال، ووسد الأمر إلى السفيه من الرجال، فبدد المال وجاع العيال، انتهكت الحرمات وسلبت المقدسات، ونطق بالباطل الرويبضات، ومزقت بلاد المسلمين إلى دويلات وإمارات، وعطل الشرع وانتهكت الحرمات، وانتشرت الفواحش ظاهرات غير مخفيات، وتطاول على المسلمين الأنذال والحثالات، حتى أصبح بطن الأرض خير من ظهرها، فصدق فينا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «… أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل».
أيها المسلمون، يا أخوتي وأحبتي في الله: ها قد عاد شهر رمضان وشهر القرآن فهيا نجدد العزم والإيمان ونعتصم جميعاً بحبل الرحمن هيا نجدد البيعة مع الله، فإما أن نقيمها خلافة راشدة على منهاج النبوة فنفوز ببشرى رسول الله، وإما أن نموت في سبيل الله، فإن الموت في طاعته خير من الحياة في معصيته.
فهلموا إلى حملة الدعوة العاملين لإقامة الخلافة تاج الفروض، شدوا سواعدكم إلى سواعدهم وضموا جهودكم إلى جهودهم، فذمتكم مشغولة بالفريضة كذمتهم، ولا عذر لمقصر منكم، فالخلافة فريضة وأمانة تطوق أعناق الجميع.
وأنتم يا علماء المسلمين يا ورثة الأنبياء، أذكركم الله فإن الذكرى تنفع المؤمنين، أصدعوا بالحق لا تأخذكم في الله لومة لائم فالكفر بواح فوجبت كلمة الحق كما وجب استعمال السلاح.
وقد روى البخاري عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: «دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا ويسرنا وعسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله قال: إلا أن تروا كفراً بواحاً عنكم من الله فيه برهان».
وأذكركم قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ(159) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) } البقرة.
فقولوا الحق، فالحق أحق أن يقال وأولى أن يتبع فالأمة تبع لكم وأمانة في أعناقكم، فلعل كلمة منكم توقظ حمية نائمة، أو تحفز غضبة قادمة فالله الله في دينكم وأمانتكم.
وأنتم يا قادة الجيوش، يا أحفاد أبي عبيدة وخالد بن الوليد وأحفاد سعد وصلاح الدين وأحفاد الفاتحين من الغر الميامين، كيف السكوت وأنتم ترون الكفار قد رموا أمتكم عن قوس واحدة فخيراتنا منهوبة ومقدساتنا مسلوبة، حرائرنا ثكالى وحكامنا ثمالى، ليس لصريخنا سامع ولا لقتيلنا دامع، ولا لعدونا رادع، فيا ليت شعري حتى تنفجر براكين الغضب من قلوبكم، فهل قلوبكم من حجارة، وأن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار، وأن منها لما يشقق فيخرج منه الماء، وأن منها لما يهبط من خشية الله، فهيا إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين فاشحذوا هممكم واطلقوا أسلحتكم على كل كافر وظالم فقد وجبت النصرة عليكم لدينكم وأمتكم، فاخلعوا حب الدنيا من قلوبكم، واخلعوا كل حاكم وظالم، فلا طاعة لمن لم يحكم بما أنزل الله في أعناقكم فإن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم، عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا، والله أشد بأساً وأشد تنكيلاً.
وفي الختام يا حملة الدعوة أميراً وشباباً، ها قد حانت بشائر النصر ولاحت أنوار الفجر عسى الله أن يجعل هذا الشرف من حظكم وعودة الخلافة على أيديكم، فاستعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين، فالنصر مع الصبر، وأشد ساعات الليل ظلمة تلك التي تسبق طلوع الفجر، قال تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ }يوسف110.
اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب، احفظ أمير حزب التحرير واحفظ الشباب واعل بفضلك يا الله راية العقاب.
فإليك يا ربنا نرفع أكف الضراعة سائلين ونحن على أبواب جودك واقفين، فلا تردنا يا مولانا خزايا ولا محرومين، أنجز لنا يا مولانا وعدك فأنت ملاذنا وأنت رجاؤنا, عز جارك وجل ثناؤك ولا حول ولا قوة إلا بك.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبو أحمد التميمي