نفحات ايمانة -نعيم اهل الجنة
الحمد لله الذي فتح أبواب الجنان لعباده الصائمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، المبعوث رحمة للعالمين، وآله وصحبه الطيبين الطاهرين، ومن تبعه وسار على دربه، واهتدى بهديه واستن بسنته، ودعا بدعوته إلى يوم الدين، أما بعد:
إخوة الإيمان: قال الله تعالى في محكم كتابه وهو أصدق القائلين: (مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفى، ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم). وقال جل وعلا: ( يطوف عليهم ولدان مخلدون * بأكواب وأباريق وكأس من معين * لا يصدعون عنها ولا ينزفون *وفاكهة مما يتخيرون * ولحم طير مما يشتهون * وحور عين * كأمثال اللؤلؤ المكنون * جزاء بما كانوا يعملون).
وروى البخاري عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال في الحديث القدسي: قال الله تعالى: “أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر ، فاقرءوا إن شئتم، (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين )…”.
وروى البخاري أيضا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:”إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مئة سنة ، وأقرءوا إن شئتم وظل ممدود، ولقاب قوس في الجنة خير مما تطلع عليه الشمس و تغرب”.
وهكذا إخوة الإيمان ، لو استعرضنا آيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول الشريفة ، لوجدنا أن هنالك الكثير من الآيات والأحاديث التي تبين ما أعده الله المؤمنين في الجنة، ولكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن: هل للجنة ثمن …؟
يجيب القرآن الكريم فيقول: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة). ويجيب الرسول عليه الصلاة والسلام فيقول:”ألا إن سلعة الله غالية ، ألا إن سلعة الله الجنة”. فعلى مريد الجنة أن يخلص النية لله تعالى، وأن يشمر عن ساعد الجد، وأن يقوم بجميع الأعمال التي افترضها الله عليه، وأن يضحي من أجلها، ويبذل في سبيلها الغالي والنفيس، وأن لا يبخل بشيء مما وهبه الله إياه، فيحقق بذلك قول الله جل في علاه: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون، وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن، ومن أوفى بعهده من الله، فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به، وذلك هو الفوز العظيم). هذا وإن من أعظم الفروض وأوجب الواجبات التي فرضها وأوجبها الله سبحانه وتعالى علينا، والتي نحن الآن في أمس الحاجة إليها أكثر من أي وقت مضى هوالعمل لإعادة الحكم بما أنزل الله، والعمل لإعادة المجد والسلطان لدين الإسلام ، ولتكون كلمة الله هي العليا، وليكون الحكم كله لله.
وقد وعد الله العاملين لهذه الغاية على لسان رسوله الثواب العظيم والنصر المبين فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “سيأتي أقوام يوم القيامة يكون إيمانهم عجبا ، يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم، فيقال بشراكم اليوم وسلام عليكم، طبتم فادخلوها خالدين، فيغبطهم الملائكة والأنبياء على محبة الله لهم، فيقول الصحابة : من هم يا رسول الله…؟ قال: ليسوا منا ولا منكم، فأنتم أصحابي، وهم أحبابي..! هؤلاء يأتون بعدكم، فيجدون كتابا عطله الناس، وسنة أماتوها، فيقبلون على الكتاب والسنة، يحيونهما، ويقرءونهما، ويعلمونهما للناس، فيلاقون في سبيلهما من العذاب أشد وأعنف مما لاقيتم ، إن إيمان أحدهم بأربعين منكم…! وإن شهيد أحدهم بأربعين من شهدائكم، فأنتم تجدون على الحق أعوانا ، وهم لا يجدون على الحق أعوانا، فيحاطون من الظالمين من كل مكان، وهم في أكناف بيت المقدس وفي هذا الظرف يأتيهم نصر الله، وتكون عزة الإسلام على أيديهم…! وقال: اللهم انصرهم واجعلهم رفقائي في الجنة…!”.
مر علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وهو يركب فرسا ويحمل سيفا، ويرتدي ثيابا نظيفة، مر على رجل يهودي يحفر في الأرض ويعمل في القاذورات فقال اليهودي: إن نبيكم يقول: “الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر” فهل أنت الآن في سجن، وأنا على ما تراني في جنة…؟! فقال علي كرم الله وجهه : نعم أنا على حالي الذي تراني فيه بالنسبة للنعيم الذي ينتظرني في الجنة، أنا في سجن ، وأنت على حالك الذي أنت عليه بالنسبة للشقاء والعذاب الذي ينتظرك في نار جهنم، أنت الآن في جنة…! فأين نحن من هذا الفهم وهذا الإيمان الراسخ …؟!
وختاما إخوة الإيمان: نسأل الله عز وجل، في هذا اليوم المبارك من أيام شهر رمضان الفضيل، أن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة، وأن يجعلنا من جنودها الأوفياء المخلصين. إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه،
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أبو إبراهيم