رمضان والخلافة- أبو العيال
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين سيدنا محمد المبعوث هدى ورحمة للعالمين وبعد،
أيها المسلمون: رأى عمر بن الخطاب في ليلة باردة ناراً، فذهب إليها ومعه عبد الرحمن بن عوف، فرأيا أمام النار أما وحولها أطفال صغار يبكون من شدة الجوع.
فقال عمر للمرأة: مم تشتكين يا أمة الله؟ وما بال هؤلاء الصبية يبكون؟ فقالت: الله الله في عمر، تشكو عمر إلى الله، قال لها: ومن الذي أدرى عمر بحالكم؟ فقالت له: أيلي أمرنا وينسانا ويغفل عنا.
تركها عمر، والدمع في عينيه، عائداً إلى بيت مال المسلمين مسرعاً، وحمل كيساً من الدقيق ووعاء من السمن وآخر من العسل وطلب من الحارس أن يحمل عليه وعاد بما يحمل إلى المرأة وأطعم صبيانها بيده الكريمة والمرأة تنظر إليه، ثم قالت له في لهفة وفرح والله إنك أحق بالخلافة من عمر.
فقال لها عمر إذا كان الغد فأت إلى عمر، فسأكون هناك وسوف أكلمه في شأنك وانصرف.
ولما كان الغد ذهبت المرأة إلى دار الخلافة فدخلت وكم كانت دهشتها والمفاجأة عندما رأت الخليفة عمر هو نفس الشخص الذي أتى بالطعام لأطفالها.
أيها المسلمون: أحست المرأة برعدة تجتاحها، فقال لها عمر: (لا عليك يا أمة الله والله لن تفارقي هذا المكان حتى تبيعي مظلمتك لي، وأبت عليه، وأصر عليه، حتى باعته مظلمتها بستمائة درهم من مال عمر الخاص، وكتب كتاباً بالمبايعة مع المرأة، ووصى أن توضع وثيقة المبايعة هذه في كفنه عند دفنه).
أيها المسلمون: هذا هو الإسلام وهذا هو خليفة المسلمين، الإسلام يعلم المسلمين واجباتهم ويعلمهم قول الحق ويعلم الصدق ويعلم الرعاية ويعلمهم الرحمة والعطف.
فالمرأة تقول وبكل جرأة الله الله في عمر أيلي أمرنا وينسانا ويغفل عنا.
فمن يقول لحكام المسلمين الذين أذلوا رعاياهم بالجوع والبطالة والفساد وإذا اشتكوا نالوا منهم بالقمع والاعتقال وإذا ضاقت الدنيا عليهم سلبوا رعاياهم وما يملكون بالرسوم والضرائب والمخالفات وغلاء الأسعار؟
أيها المسلمون: عمر الفاروق خليفة المسلمين الذي يقول: (لو أن بغلة عثرت على شاطئ الفرات لسئل عمر عنها لِمَ لمْ تسوي لها الطريق).
فأين حكام المسلمين اليوم من ولاية الخلفاء الراشدين ورعايتهم للمسلمين وإنصافهم وتأمين الحاجات الأساسية لهم من ماء وكهرباء وتعليم وتطبيب وأمن واستقرار.
يقول صلى الله عليه وسلم: «من خان المسلمين في درهم أو دينار نصب له جسر يوم القيامة على نار جهنم فيقف فوقه فيخر الجسر من تحت قدميه فيهوي في النار سبعين خريفاً».
أيها المسلمون: خلاصكم وحياتكم مرهونة بعودة الإسلام نظام حياة لكم، وعودة سلطان المسلمين الذي يعدل بينكم ويرعى شؤونكم ويحمي ذماركم وذراريكم وتقاتلون أعداءكم من ورائه يحبكم وتحبونه وتفدونه بأنفسكم وأبنائكم وأموالكم وتعيشون معاً أخواناً متحابين متضامنين يدا واحدة وصفاً واحداً في وجه أعدائكم الكافرين.
أولئك الخلفاء آمنوا وصدقوا وجاهدوا ورعوا وعدلوا فانتصروا .
اللهم تقبل طاعاتنا صلاتنا صيامنا قيامنا وتضرعنا في هذا الشهر المبارك شهر رمضان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبو أيمن