رسالة إلى المسلمين في العالم
يا أمة الإسلام،
يا خير أمة أخرجت للناس،
يا من جعلكم الله شهداء على الناس،
يا من خصكم الله بجنته وحرمها على الكفار،
يا من يقبل الله طاعاتكم، والكفار أعمالهم كسراب بقيعة،
يا من إن نصرتم الله نصركم وأيدكم وأمدكم بعون من عنده وكنتم الأعلون،
أما ترون أن العالم كله يحتاج إلى التحرير، وبخاصة أنتم أيها المسلمون، فما من يوم جديد إلا وحاجة الناس للتحرير من واقعهم المؤلم أشد من اليوم الذي سبقه، وثمن تأخره أغلى، يدفعه العالم من ماله ودمه وأمنه،وعقده تتراكم فيستعص الحل، فالشر مستطير وفي زيادة، والظلم والاحتلال والقهر والاستعباد، والنهب والسلب،أصبح عادة، والناس تسير في طريق الإبادة، يستوي في ذلك كل بقعة من بقاع العالم، وإن كان ذلك أبين في بلاد المسلمين، لأن أهل الشر قد أدركوا أن المسلمين يتململون للنهوض من كبوتهم التي طال أمدها، ومن مستنقع الذل الذي غطسوا به فأفسدها.
أيقن الكفار، أن من المسلمين من هم أهل تحرير العالم من رجسهم وأدرانهم، أيقنوا أن هؤلاء سيكونون هم قادته وحملة لوائه، يرونهم رأي العين، يرصدون حركتهم فيندهشون من حرارتهم وإصرارهم لتحقيق غاية مسعاهم، فينقمون منهم ويحاربونهم، لكي يحولوا بينهم وبين ما يرنون اليه بأفئدتهم وأبصارهم، فيحرضون أنظمة البغي في بلادهم عليهم، فيبطشوا بهم، ويعقدون المؤتمرات في مراكز أبحاثهم ليرصدوهم ويتحسسوا أخبارهم، ليسابقوا الزمن، كيلا يصلوا إلى مسعاهم، ألا وهو الحكم بما أنزل الله، ولكن أنى لهم ذلك، فهم يبارزون عظيم، مالك الملك، جبار السموات والأرض، أمره بين الكاف والنون.
وإن من المسلمين أناسا لا يعلمون مسؤوليتهم، ولا يدرون أنهم أهل تحرير وأنهم الأعلون، وأن منهم من يسعى بينهم لإنهاضهم وإخراجهم من الظلمات الى النور، لبلوغه فيهم وتحقيقه للعالم من خلالهم، فلهؤلاء أتوجه بالنصيحة أن يسيروا على خطى من نذروا أنفسهم لتحرير العالم، أتوجه لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، أتوجه لمن كان له عين تبصر، وأذن تسمع، وشهد أن الله تعالى حق، وأن الجنة حق وأن الدعوة لإحقاق الحق حق، وأن إزالة الباطل في حق المسلم حق، أتوجه إليهم جميعاً أن يرفعوا عن أنفسهم وأمتهم والعالم كله ألغمه، ويرضوا رب العزة، ليدخل الناس كلهم في ظل الإسلام، أو في ظل حكمه، فيتحرر العالم كله من الشر بالخير ومن الجور بالعدل.
أعلموا أيها المسلمون، أن لإظهار الإسلام على الدين كله، يلزمنا في وقتنا هذا ثلاثة أمور:
أولها: بيان مفهوم التحرير الحقيقي الذي سار عليه رسولكم الكريم صلى الله عليه وسلم.
وثانيها: مشروعه المبدئي.
وثالثها: قادتة والسائرين عليه، ليكون بذلك بلاغا حسنا لأهله، عله يوقظ نائما، أو يثبت مترددا، أو يزيد السائرين على الحق طمأنينة وحقا.
فالتحرير الحقيقي: هو ما طابق الواقع عقليا بالحس، ونقليا بالدليل القطعي، وحقيقته هي ليست ما طابق الواقع الذهني، وإلا لتناقضت الحقائق، ولما ظهر يوما الحق على الباطل.
وإن من أهم الحقائق التي لا تقبل الخلاف، هي الحقائق التي تتعلق بمصائر الناس، وما يكفل النجاة وتحقيق السعادة لهم، ومن ذلك مسعى الناس للتحرير، والسبل في هذا المجال مختلفة، فمنهم من يجعل الإعتبار في التحرير للأرض والوطن، ومنهم من يجعله في القوم، ومنهم من يجعله في غير ذلك من شواهد الدنيا الناقصة والقاصرة والمحتاجة.
وهنا يبرز سؤال: من هو المحتاج للتحرير هل هو الأرض أو الإنسان؟ هل هو عرق الإنسان أو لونه أو فئة معينة بقومية معينة أم كل البشر؟
والجواب: هو النظر في واقع الإنسان نفسه، فهو مقيد فطريا بالعقدة الكبرى والتي تتعلق بسبب مجيئه إلى هذه الحياة الدنيا، ومن أين بدأ وإلى أين مصيره، فحل هذه الأشياء يحرره من طوق الشقاء والحيرة، ومما يعانيه من ضنك العيش وظلم البشر، من تسلط القوي على الضعيف وإستعماره وإستعباده.
فحياة هذا الإنسان ليست سرمدية أبدية، بل هي دار ممر، وأن الدار الآخرة هي دار المقر، وأن السعادة مضمونة بطاعة الرحمن ونوال مرضاته، فالمفهوم الحقيقي للتحرير هو تحرير النفس البشرية من الكفر، وبالتالي من الشر والشريرين، وقدوتنا في هذه النظرة هو رسولنا صلى الله عليه وسلم، فقد أرسل للناس كافة ( وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ) ورحمة للعالمين ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) ليظهر هذا التحرير، بأنه تحرير للبشر من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد. وهذا ما قاله ربعي بن عامر عندما بعث إلى قائد جيش الفرس قال: ( إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا الى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام) فهذا هو المشروع الحقيقي للتحرير وهو الذي يعمل من أجله حزب التحرير، استجابة لأمر الله تعالى((ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون))
أما مشروع الإسلام في التحرير فيقوم على ركيزتين: الأولى: العمل على إظهاره في دولة، وذلك من خلال العمل في حزب يقوم بناؤه على الثقافة الإسلامية، ويزيل بها كل مالوثها من أفكار الكفر، وغطاها من غشاوات، ويكافح أعداء الأمة سياسيا، وليكشف المؤامرات والدسائس التي تحاك ضد هذه الأمة، ويكون عمله في بناء الشخصيات بالتثقيف المركز والجماعي، كي يدخلوا المجتمع وهم يحملون أفكار النهضة الحقه، فيبينوا للمسلمين عظم عقيدتهم السياسية الروحية العقلية، ونظام حياتهم الحق الذي انبثق عن هذه العقيدة الصحيحة، وأنه لا يحق للمسلمين أن يبيتوا أكثر من ثلاث ليال دون خليفة يحكمهم بما أنزل.
أما الركيزة الثانية فهي تحرير العالم مما هو فيه من شقاء الرأسمالية البغيضة الكافرة، بالطريق الشرعي الوحيد الا وهو الجهاد الذي تتبناه دولة الخلافة، لأن من أحد مهامها حمل الإسلام إلى العالم لقوله تعالى(( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)) …… وقول الرسول صلى الله عليه وسلم(( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله،)) ومفهوم هذا الحديث هو: حتى أحررهم من الكفر.
وأما أهل التحرير، فهي الأمة الإسلامية التي جعلها الله تعالى شاهدة على الناس
(لتكونوا شهداء على الناس ) وجعلها( خير أمة أخرجت للناس).
هذا هو مفهوم التحرير الحقيقي الا وهو رسالة الله، مبدأ يقوم على فكرة قابلة للتطبيق الكامل، في ظل دولة الخلافة الراشدة، وهي كفيلة بتحرير المسلمين تحريرا كاملا من كل من تسلط عليهم، سواء من عدو ملك أمرهم، أو متسلط مغتصب للحكم لا يرعى فيهم إلا ولا ذمة،وكفيلة بحمل راية الإسلام لتحرير العالم من دنس الرأسمالية العفنة ،
وختاما نسال الله عز وجل أن يتقبل منا صلاتنا وصيامنا وقيامنا ودعائنا، وأن يقرأعيننا بقام دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأستاذ بدر الدين