رسالة إلى المسلمين في العالم
أيها المسلمون :
في صبيحة الثامن والعشرين من رجب سنة 1342هـ الموافق للثالث من مارس (آذار) من سنة 1924م، أي منذ ما يقرب من 88 سنة، هدم الكفار الخلافة الإسلامية على يد اليهودي مصطفى كمال عميل الإنكليز وصنيعتهم، وهو الذي قال فى مرسوم إلغاء الخلافة: “بأي ثمن يجب صون الجمهورية المهددة وجعلها تقوم على أسس علمية متينة، فالخليفة ومخلفات آل عثمان يجب أن يذهبوا، والمحاكم الدينية العتيقة وقوانينها يجب أن تستبدل بها محاكم وقوانين عصرية، ومدارس رجال الدين يجب أن تخلي منشآتها لمدارس حكومية غير دينية”.
لقد فقد المسلمون أموراً عظيمة جراء غياب الخلافة الإسلامية، ولا بد والحالة هذه من التنبيه إلى أبرز ما فقدوه، ولعل إدراك المسلمين لفداحة الخسارة وجسامة المفقود يدفعهم للعمل الجاد لإعادة ما فقدوه بإقامة خلافتهم؛ لأنها الطريق الوحيد إلى ذلك، ولقد جربوا غيرها من الأفكار والطرق والمناهج فما زادتهم غير تتبيب، وصاروا طرائق قدداً، والعياذ بالله تعالى.
فقدت الأمة الإسلامية الحكم بما أنزل الله وتلك جريمة كبرى أطاحت بكتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) من سدة الحكم والمرجعية عند الأمة. وهي مخالفة صريحة لقوله تعالى: ﴿ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾ [المائدة 49] وهذا وحده كاف لإثارة غضب الله علينا، وأن تتحفز ملائكة العذاب لإيقاعه بنا وتتهيأ جهنم
لقد المسلمون الجماعة ووقعوا في الفرقة كما خطط لهم أعداؤهم، فبعد هدم الخلافة سقط التاج عن رؤوس المسلمين، وهدم البنيان الذي كان يؤويهم، وانفرط عقد الأمة الإسلامية ومزّقها الكفار إلى عرقيات متعددة وأقاليم متفرقة؛ كي يسهل عليهم الهيمنة عليها وإذلال شعوبها وأكل خيراتها. وتجأر الأمة الإسلامية اليوم وبالأمس مستغيثة في كل مكان، ولكن لا جواب، فلا عمر ولا معتصم ولا صلاح الدين.
قال رسول صلى الله عليه وآله وسلم: “إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية”.
فقد فقد المسلمون أموالهم وثرواتهم الثمينة، فكلّها نهب للكفار تحت سمع المسلمين وبصرهم، ولا يعود للأمة إلا النـزر اليسير منها، يأخذه الحكام اللصوص فيضعونه في بنوك الغرب الكافر، فلو كانت ثروة الأمة بيد إمام صالح لكان الواقع مختلفاً حقاً، وكانت الأمة في سعة ورخاء وبركة.
ذكر ابن خلدون في مقدمته أن ما حمل إلى بيت مال المسلمين ببغداد أيام الخليفة العباسي المأمون ما يعادل اليوم بـ70 مليار دولار و1700 طن من الذهب.
فلو كان للمسلمين اليوم خلافة راشدة على منهاج النبوة ورزقهم الله بخليفة حافظ لثروات الأمة والتي منها إضافة لما كان في الزمن الماضي النفط والمعادن وغير ذلك، فهل يبقى في دار الإسلام فقير واحد.
فقد المسلمون اليوم فلسطين أرض الإسراء والمعراج أرض المحشر والمنشر، وإنا لنجد ارتباطاً واضحاً بين هدم الخلافة العثمانية وبين ضياع فلسطين وقيام دولة يهود عليها، فدولة المسخ هذه ما كانت لتوجد على أرض فلسطين لو كانت الخلافة.
أيها المسلمون: إن المؤمن المخلص الصادق عندما يرى حال المسلمين اليوم بعد غياب سلطان الإسلام الحارس الذي يتقى به، يتعجب من كل مسلم لا يعمل للتغيير ويرضى بعيش الذل والهوان، وهو قد رأى بعينيه وسمع بأذنيه وأدرك بحواسه جميعها أن العزّة والمهابة والقوّة والسيادة لا تكون إلا بسلطان الإسلام ودولة الإسلام.
ورحم الله عمر القائل: “أيها الناس، كنتم أذلّ النّاس فأعزكم الله بالإسلام، ومهما ابتغيتم العزة من غيره أذلكم الله”
أيها المسلمون: لقد أصبحتم بلا قيادة؛ لأن المسلمين فقدوا القائد الراشد القادر على توحيد بلاد الإسلام، التي مزقت بضع وستين مزقاً.
وأصبحتم بلا جُنَّة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وصف الخليفة (الخلافة) بالجنَّة الذي يقاتل من ورائه ويتقى به. وبهدم الخلافة سقط ذلك الخليفة “الجُنَّة”، وأصبحت بلاد المسلمين اليوم مستباحة لكل ظالم ولكل مستعمر ولكل محتل يعيثون فيها الفساد، فاستباحوا أرواح ودماء وأعراض المسلمين دون أن يجدوا من يصدهم ويرد لهم الصاع صاعين.
أيها المسلمون: إن دولة الخلافة الراشدة التي ندعو إليها اليوم لها طابع خاص قوي تمتاز به، وهذا الطابع -من الناحية الشرعية هو إقامة دولة تطبق نظام “خلافة راشدة على منهاج النبوة”، وهذا ثابت بالأدلة الشرعية المعتبرة، والذي وضع وفصل في إصدارات حزب التحرير التي ما انفكت تصدر تباعاً.
أيها المسلمون: إن إقامة الخلافة ليست بالخيال أبداً، بل هي حقيقة واقعة بإذن الله، كيف لا وقد بشر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة مجدداً بعد الملك الجبري الذي نحن فيه بصورة واضحة ساطعة لا يجد الخيال لها سبيلا.
قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم: « تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ »،
فهل يمكن لمن يفقه هذا الحديث الشريف أن يقول إن السعي لإقامة الخلافة خيال؟!
فيا أيها المسلمون، ويا أهل القوة؛
مما لا شك فيه أن الخلافة وعد الله وبشرى رسوله، والخلافة وحدها هي طريق عز الدنيا والآخرة وهي وحدها القادرة على تطبيق الإسلام كاملاً وحمله وحمايته وإنقاذ البشرية جمعاء من حقد الكفار وظلام أنظمتهم، وفي الوقت ذاته فالخلافة هي منارة الخير والعدل في ربوع المعمورة.
وإننا في هذا الشهر الكريم شهر رمضان المبارك ندعوكم لأن تضموا أيديكم لأيدينا، وأن تعطوا النصرة التي أمركم الله بإعطائها، أعطوها لإخوانكم في حزب التحرير، واتصلوا بنا لتعملوا معنا جنباً إلى جنب لتقام دولة الخلافة الراشدة، فتنالوا عز الدنيا والآخرة.
) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ(
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبو البراء