فقرة المرأة المسلمة- عادات وتقاليد المسلمين في رمضان – إندونيسيا
نحييكم بتحية الإسلام، فالسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، يفرح القلب للقياكم مجددا في حلقة جديدة من “عادات وتقاليد في رمضان ” .
واليوم نتحدث عن بلد كريم طيب أهله، بلد قد شهد مؤتمرا تاريخيا عقد في شهر رجب الماضي؛ مؤتمر علماء المسلمين الذي نظمه شباب حزب التحرير الكرام، مؤتمر لم يسبق له مثيل كما شهد له الجميع ولله الحمد . ففي إندونيسيا يشعر المرء برابطة الإسلام العظيم حقا، فوجودك بين مسلمين لا يتحدثون اللغة العربية ، له مذاق وطعم فريد تكاد تحتار في أمرهم ، إذ نراهم يتشبثون بالإسلام العظيم وهم لا يتحدثون العربية، إلا أنك تتذكر قوله تعالى:” إن أكرمكم عند الله أتقاكم” فسبحان من خلق الذين آمنوا شعوبا وقبائل ليتعارفوا.
يطلق المسلمون في جاكارتا إندونيسيا ، إحتفالات ترحيب بشهر الخير قبل قدومه بفترة يخرج فيها الأطفال والنساء والرجال في مسيرة ترحيب خصيصا لهذا الشهر العظيم , وفي هذه الأيام المباركات تنتشر الزينة التي تجمل أحياء إندونيسيا في شهر رمضان المبارك ، فتشعر بأن الحياة في رمضان هنا غير الحياة، تشعر بنفحات الخير في هذا الشهر الفضيل، فتبهجك مناظر الرايات التي يتلاعب بها الهواء وقد كتب عليها “لا إله إلا الله”، والأوراق الملونة والبالونات تملأ الشوارع زينة . وعندما يقترب موعد الإفطار تقوم الأسرة باصطفاف أهلها صغارا وكبارا، يحمل كل واحد منهم إناء مغطى, ثم يتبعون كبير الأسرة , فبعد أن أعدت هذه الأسرة الإفطار من كل ما لذ وطاب من طعام إندونيسي، تتوجه إلى المشفى تحمل إلى جانب الطعام بعض الهدايا، وليس لأن لديهم هناك مريض، لكنها عادة إندونيسية رمضانية.. أن تشارك المرضى فرحة رمضان , وذلك بأن تفطر معهم وتدعو لهم بالشفاء العاجل , ويتوجه الكثير من الصائمين إلى “العامرة” أو ” الهاشا ” باللغة الإندونيسية ، و هي قاعة نظيفة وأنيقة بها كل أنواع المشروبات والأطعمة، وتكون ملحقة بكل مسجد في كل حي ، والعامرة تفتح في بداية شهر رمضان من كل عام ، حتى انتهاء ثالث أيام عيد الفطر السعيد، و العامرة أنشأت بتبرعات من المسلمين، فكل أسرة تقدم ما لديها من طعام وشراب للمسلمين الزائرين والمقيمين وكل من يحتاج لها، وإن من عادات الصائمين حين يفطرون فيها أن يقوموا بغسل الأوعية التي أكلوا منها، لأن غدا يوم آخر من رمضان.
إخوتي الأكارم أخواتي الكريمات ، حلقات عادات وتقاليد في رمضان صيغت لهدف أكبر من أن تعرفنا بأكلات هنا أو إفطار صائمين هناك ، بل هي حلقات تجعلنا ندرك ” عالمية شهر رمضان ” ومظاهر استقباله ومشاعر البهجة والسمو الإيماني … يكاد يرفعك هذا الشعور إلى السماء لتقول أن هذه الأمة جسد واحد، والخير فيها إلى يوم الدين, فرابطة العقيدة الإسلامية رابطة راسخة قوية, صهرت البشر بكل أشكالهم وألوانهم في كل أنحاء العالم ، ووحدتهم من خلال أحكام شرعية من فروض ومندوبات ومباحات تؤتى في شهر رمضان, ومحرمات ومكروهات تترك فيه إبتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى. وطرحنا موضوع عادات وتقاليد رمضان في واقع حال جسد الأمة الإسلامية اليوم هو للتركيز على أن هذا الجسد ضعيف بسبب تقطيع أوصاله ، يمر عليه شهر رمضان العظيم مرور الكرام ،و لا تلبث أن تختفي بهجة الشهر بسبب حكام الضرار، حيث يعلن كل بلد من بلاد المسلمين الصيام منعزلا عن بقية بلاد المسلمين الأخرى ، مخالفا بذلك الحكم الشرعي، ولنا أن نتذكر عندما كان الجسد قويا مترابطا ، أيام عزة الأمة ومجدها ، أفكارهم ومشاعرهم واحدة لا تفصلها وطنيات بالية، لا تقطعها حدود ولا سدود ، فكان لاستقبال شهر رمضان مذاق آخر ، حيث يبدأ التحضير لرمضان في شهر شعبان بالتجهيزات وأى تجهيزات ! فلم تكن تجهيزات طعام وشراب ولعب ولهو وكسل، بل كانت تجهيزات مستواها عال وأهدافها عظيمة ، إنها تجهيزات لنشر دعوة الإسلام في أنحاء العالم , إنها رسم خطط حربية من قبل خبراء مسلمين لم تلههم الحياة الفانية عن النهوض بأمتهم والارتقاء بها، إنها تدبيرات حكام طبقوا أحكام خالق العباد على العباد ، فخططوا لفتح بلد في الشرق وإرسال كتيبة للغرب، إنها خطط توضع لتحريك الجيوش الإسلامية ، سائلة الله تعالى أن ينصرها على أعدائها ببركة شهر رمضان ، وفي رمضان وفي نفس اليوم يبدأ الصيام في كل بلاد المسلمين شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، كما وفي نفس اليوم يكون عيد الفطر المبارك ، فيفكر عقل الأمة كعقل واحد ، ويتحرك جسدها كجسد واحد ، لتعبد إلها واحدا، وتقرأ وتطبق قرآنا واحدا، فالإسلام مبدؤها الواحد الذي يجعل أفكارها واحدة ومشاعرها واحدة ، ويجعل المسلم أينما كان ، في فلسطين والسودان والحجاز والجزائر وإندونيسيا وتركيا وأفغانستان وتنزانيا وإرتريا والصومال و أمريكا وبريطانيا وأستراليا و العراق وإيران والباكستان والهند والصين وروسيا وأوزبكستان و.. و .. و في كل بلاد العالم ، يجعل منه جزءا لا يتجزأ من جسد خير أمة أخرجت للناس .
إن عادات وتقاليد رمضان ما هي إلا ترجمة لهذه الأفكار وهذه المشاعر العظيمة على أرض الواقع ، فتنوع واختلاف الشعوب يصب في مجرى واحد وهو الدين الذي اختاره الله تعالى لعباده المؤمنين ، فما اسلفت الآن هو ما يجب أن تكون عليه العادات والتقاليد في رمضان في كل بلاد المسلمين، فاليوم ربما نرى العادات والتقاليد في أنواع الأطعمة وتكثيف العبادات والتراحم، لكنها كلها مندوبات، فماذا عن الفروض؟ بل ماذا عن تاج الفروض ؟ أفنترك الفروض ونقوم بالمندوبات ؟ ألهذا يكون شهر الخير فقط ؟ فالله تعالى لا يقبل عمل مندوب لتارك فرض . فعندما كانت لنا دولة إسلامية ، أيها الأكارم والكريمات ، دولة إسلامية تحكم بما أنزل الله تعالى صار جسد الأمة قويا، وكبر وترعرع متماسكا لا يتجرأ عليه الأعداء ، كائن له نظام دقيق فأنجز وتقدم وصان العرض والعقل والنفس والمال والدين وكان له بصمة واضحة في تاريخ البشرية، وتصدرت الأمة الإسلامية مركزها في مقدمة الأمم لمئات السنين، وعندما فقدنا الجهاز الذي ينسق وينظم ويعالج ويرعي شؤون هذا الجسد فيحركه في الخط المستقيم ، فقدنا هذه القوة وهذه العزة. فالدولة الإسلامية أشبه ما تكون بالجهاز العصبي لهذا الجسد ، و الخلافة الراشدة هي التي توحد المسلمين وتوحد مظاهر مواسم العبادة كشهر رمضان وموسم الحج الذي يليه، وكلها أيام خير وبركة تتشبث بها الأمة لتنال رضى الله تعالى فيها ، وحينئذ فقط تعود الأمة الإسلامية الكريمة قوية عزيزة، و تكون الأمة بذلك جاهزة للقيام بدورها كخير أمة أخرجت للناس ، تأخذ بيد البشرية لتخرجها من الظلمات إلى النور.
وبمناسبة هذه الأيام المباركة ندعوكم للعمل معنا لتغيير هذا الواقع الفاسد وإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية التي يتمتع في عهدها كل المسلمين برخاء العيش والأمن والأمان ، ليتحقق فعليا معنى الأية الكريمة “إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ” (الأنبياء) والأية الكريمة “وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون” (المؤمنون) . ونسأل الله تعالى أن يكون هذا آخر رمضان لنا بدون الدولة الإسلامية وكل عام وأنتم وكل المسلمين بخير بمناسبة عيد الفطر المبارك أعاده الله علينا وعليكم بالنصر والتمكين اللهم آمين آمين .
ونسأل الله تعالى لكم العتق من النيران والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته