خبر وتعليق- أفغانستان: أمريكا وحلفاؤها يواجهون شبح الهزيمة
أظهرت الأيام القليلة الماضية بشكل واضح أنّ أمريكا وحلفاءها فقدوا خيارات الخروج من المستنقع الخطير الذي يهدد انتهاء احتلالهم لأفغانستان بشكل مخزي، فالأوضاع في أفغانستان تتدهور بشكل متسارع. فهجوم النيتو الأخير الذي خلف قتلى وجرحى في صفوف المدنيين لم يبرهن على وحشية الصليبيين فحسب، بل واثبت مرة أخرى أنّ الفكرة المقدسة التي ما فتىء الغرب يتشدق بها وهي حقوق الإنسان بأنّها لا تنطبق على مسلمي أفغانستان ولا على المسلمين عموماً في جميع أنحاء العالم، فالقتل العشوائي هذا بين صفوف المدنيين من ناحية يعري الحضارة الغربية ويحط منها، ومن ناحية ثانية يرعب شعوب الأرض، ومن ناحية ثالثة وهو الأهم يشجع ويزيد من المقاومة الأفغانية.
إنّ هذه الجرعة الوحشية هيجت بعض سياسيي الغرب وبعض القواد العسكريين للتساؤل بشكل جدي عن جدوى حرب أفغانستان. فتعليقاً على استمرار التزام جولدن براون في الحرب على أفغانستان قال اللورد بادي اشدون “ما زالت الأحداث في أفغانستان تسير بعكس اتجاهنا… إنّها الحرب التي يجب أن نخوضها ولكننا ارتكبنا أخطاء مأساوية خلال السنوات الخمس الماضية، وما لم نتمكن من تحويل عجلة الأحداث بشكل سريع فإنّ الأحداث لا تنبئ بخير، بل إنّها ستسوء أكثر فأكثر”. وعبر المحيط الأطلسي فإنّ الدعوات لإستراتيجية جديدة في أفغانستان طالب بها الجنرال مكرستل – بعد عدة أشهر من كشف النقاب عن سياسة اوباما تجاه أفغانستان وباكستان – حيث أكد الجنرال على تخبط المخططين العسكريين الأمريكان. وبعد ثماني سنوات من الحرب في أفغانستان وتغيير في استراتيجيات الحرب فإنّ الترسانة العسكرية الأمريكية الضخمة وترسانة حلفائها من قوات النيتو قد أنهكت في الحرب، وهذا على عكس حال المقاتلين في المقاومة الأفغانية.
وفي نفس الوقت لا توفر الإستراتيجية العسكرية الجديدة إلا قليلا من السلوى في ساحة المعركة الملتهبة. فأطروحات من مثل شق المقاومة الأفغانية أو إغراء واحتواء المعتدلين من حركة طالبان في العملية السياسية، أو تطوير البنية التحتية المدنية أو زيادة أعداد الجيش الأفغاني، وزيادة أعداد القوات الأمريكية وقوات النيتو، جميع هذه الأطروحات جُربت في السابق وباءت جميعها بالفشل.
في العام الماضي أجرى معهد راند للأبحاث دراسة على 90 حركة متمردة منذ عام 1945، وقد خلصت الدراسة إلى أنّه لكي تهزم حركة متمردة واحدة فإنّك بحاجة إلى 14 عاماً تقريباً. فما لم تستعد أمريكا وحلفاؤها لزيادة عدد قواتهم وتهيئة شعوبهم لحروب طويلة الأمد مع حركات التمرد فإنّ خلق الاستقرار في أفغانستان أمر بعيد المنال.
إنّ أمل الغرب الوحيد في استرجاع ثروته في أفغانستان هو في النظام الباكستاني، ففي السابق استخدمت أمريكا الجيش الباكستاني ومقدرات باكستان الوفيرة ببراعة لدعم المجاهدين الأفغان وألحقت الهزيمة بالاتحاد السوفيتي. وفيما بعد اشتركت أمريكا مع حكام باكستان لإيجاد طالبان لإيجاد الاستقرار في أفغانستان كي يتسنى لها نقل الغاز والنفط من آسيا الوسطى عبر أفغانستان. واليوم تتآمر أمريكا مع القادة الباكستانيين لمواجهة المقاومة الأفغانية والقضاء عليها حتى لو أدى ذلك إلى فقدان باكستان احترامها في المنطقة. فلولا باكستان لما كان لأمريكا في المنطقة شراك نعل.
إنّ القيادة السياسية والعسكرية الباكستانية قد وقفوا وقفة الجبناء والعميان أمام وعود تقوية باكستان من قبل أمريكا.
إنّ المطلوب خلال شهر رمضان المبارك هذا هو قيادة مخلصة لتأخذ مقاليد الحكم، فتقيم الخلافة وتطهر كلا البلدين من دنس الصليبيين.
وأخيراً ألم تغلب الفئة الضعيفة في بدر الفئة القوية قريش بإذن الله؟ يقول الحق تبارك وتعالى {… وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ }الحج40
بقلم :عابد مصطفى