خبر وتعليق- الناتو واستراتيجية الخروج من أفغانستان
الخبر:
في صباح هذا اليوم السبع والعشرين من رمضان 1430 ه الموافق للسابع عشر من سبتمبر 2009 م نفذ احد المقاومين فيث أفغانستان هجوماً إستشهادياً ناجحاً على قافلة عسكرية لحلف الناتو قبل فيه على الفور ستة جنود إيطاليون من قوات الحلف، وجرح العديد كما صرحت بذلك مصادر الناتو نفسها.
وقد أشعلت هذه العملية البطولية النقاش بين أعضاء الحلف من جديد – خاصة الأوربيين منهم – حول أستراتيجية الخروج من أفغانستان بطريقة تحفظ لهم ماء الوجه ولو بأي شكل كان، فإن الوضع الأمني لقوات الإحتلال هناك في تدهور مستمر، فلم تعد تسيطر إلا على 30 في المائة من الأراضي الأفغانية وخرجت العديد من المدن والمقاطعات من سيطرة الحكومة العميلة في السنوات الأخيرة إلى سيطرة حركة طالبان.
وأصبحت الدول الأوربية لا سيما بريطانيا وفرنسا وألمانيا تتحدث بشكل صريح عن إنسحاب سريع من أفغانستان، حيث دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بداية هذا الشهر إلى عقد مؤتمر دولي لإعداد الوضع في البلد للإنسحاب، ودعت كذلك إلى أن الحكومة الأفغانية عليها أن تتحمل مسئوليات أكبر بشكل تدريجي في مقابل تقليل إلتزامات القوات الدولية تدريجياً.
التعليق:
إن ما تربو إليه المستشارة الألمانية من تحميل الحكومة الأفغانية مسئوليات أكبر في مقابل تقليص مسئوليات قوات الإحتلال بالطريق التي ذكرتها هو ضرب من الخيال، فإن هذه الحكومة الأفغانية هي حكومة عميلة صرفة تعتمد في قراراتها بل وفي وجودها على قوات الإحتلال بشكل مطلق، وكما ذكر الحزب في أحد أجوبته الأخيرة فإن كرزاي هو أشبه بالموظف لدى أمريكا أكثر من كونه عميلاً لها، فهذه الحكومة تقوم وتسقط بوجود وزوال المحتل، فلا زيادة تعداد جيشها سيسعفها ولا مضاعفة الأموال التي تعطى لها والتي سريعاً ما تختفي في شُعَب الفساد المستشري فيها، لأنها ببساطة لم تنبثق من إرادة الأمة وسلطانها ولم يأت بها الشعب الأفغاني بل قوات الإحتلال، كما أنها تتكون من زمرة من الفاسدين المفسدين من حثالة الشعب الأفغاني – كما هو الحال مع كل من يتواطأ مع عدوه ضد أهل بلده – فلا يمكن أن يُكتب لمثل هذه الحثالة النجاح.
إن قوات الإحتلال في أفغانستان وعلى رأسهم أمريكا في ورطة حقيقية، فإن هجمات المقاومة الطالبانية الإسلامية في ازدياد مستمر، فبعد أن كانت هجمات “الأناس الجبناء من العصر الحجري” كما سماهم وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رمسفيلد “الذين يختبئون في جحورهم كالفإران من رؤية القاذفات الأمريكية” لا تتعدى الخمسين هجمة في الأسبوع في عام 2004 وصلت هذه الهجمات في عام 2008 إلى 250 هجمة أسبوعية وإلى 400 هجمة في الإسبوع الأول من شهر آب أغسطس عام 2009م، كما صرح بذلك الجنرال ديفيد بترايوس قائد القوات الأمريكية في الشرق الأدنى والأوسط، وصرح الجنرال ستانلي ماك كريستال قائد القوات الأمريكية وقوات الناتو في أفغانستان في حوار معه في جريدة الوول ستريت جورنال: “إن الصراع في أفغانستان وصل إلى نقطة حرجة وحاسمة، إن طالبان حالياً عدو شرس للغاية، ولم يبق لقواتنا سوى 12 شهراً لكسر ديناميكية الحركة ومبادرتها.”
ويبدو أن الإستراتيجية الأمريكية تسير في اتجاه رفع إضافي لعدد الجنود الأمريكان برقم يترواح ما بين 10000 إلى 60000 جندي أي ما بين إثنين إلى ثمانية وحدة قتالية كما ذكرت مصادر أمريكية. علاوة على 10000 جندي يتمركزون هناك لفترة طويلة ليقوموا بتدريب الجيش الأفغاني الذي يُنوَى زيادة تعداد جنوده من 135.000 جندي حالياً إلى 240.000 جندي. وأيضاً قوات الشرطة يُنوى مضاعفتها من 82.000 إلى 160.000 شرطي.
كما سيتم رفع عدد الخبراء الأمريكيين لدى الحكومة الأفغانية من 560 موظف حالياً إلى 1350 موظف في صيف عام 2010. وهذا لمساعدة الحكومة الأفغانية وتحسين أدائها.
إن جميع هذه المحاولات المحمومة لإنقاذ الحكومة الأفغانية وتحقيق نجاح في أفغانستان ستبوء بالفشل إن شاء الله، لأنها ليست إلا محاولات للإبقاء على وضع مصطنع يخالف طبيعة الشعب المسلم وطبيعة البلد كل المخالفة، وسينسحب الكافر المحتل مهزوماً مقهوراً بإذنه تعالى، وستتحقق بإذنه سبحانه أنبوءة الجنرال البريطاني كارلتون سميث التي أطلقها في جريدة الصنداي تايمز في أكتوبر 2008 حيث قال: “إننا لن ننتصر في هذه الحرب.”
المهندس شاكر عاصم
الممثل الإعلامي لحزب التحرير في المنطقة الناطقة بالألمانية