رمضان والخلافة- الالتزام بالحكم الشرعي أم بإطلاق الحريات
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين سيدنا محمد المبعوث هدى ورحمة للعالمين وبعد،
يقول صلى الله عليه وسلم: «مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا! فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً وإن يأخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً.
أيها المسلمون: هذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين فيه صلى الله عليه وسلم القائم على حدود الله، المنفذ لشرع الله الحارس الأمين له، والواقع في حدود الله، في محارم الله الذي لا يهمه الشأن العام بقدر ما يهتم بنفسه، وكأن أمر السفينة بيده وان الناس الذين فيها لا علاقة لهم بما يفعلون أو يمكرون.
فالقائم على حدود الله، هو الذي يلتزم بأوامر الله ينتهي عما ينهى الله عنه هذا الذي كان نصيبه في أعلى السفينة.
أما الواقع في حدود الله، هو من لا يهمه محارم الله ولا يلتزم بأحكام الله يهمه الشأن الخاص أكثر من اهتمامه بالشأن العام يرغب في التفرد والأنانية.
ومعنى استهموا، أي اقترعوا بينهم في تقسيم أماكن لهم في السفينة، وبهذا الاقتراع كان القائمون على حدود الله في أعلى السفينة، وأما الواقعون في حدود الله كانوا في أسفلها، هؤلاء المنتهكون لحرمات الله المخالفون لأحكام الله.
أيها المسلمون: بطبيعة الاقتراع كان قيادة السفينة لمن هم في أعلاها، أي الملتزمين بأحكام الله والقائمين على حدود الله تعالى، والمشكلة فكانت تكمن في إيذاء الأسفلين من هم أسفل السفينة وذلك عند مرورهم من فوق من هم في أعلى السفينة.
فقال الأسفلون: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً واسترحنا ممن هم فوقنا فلم نؤذهم ولم نسمع ما يؤذينا منهم عند حصولنا على الماء من فوقنا فلا نؤذيهم فكان رأي الأسفلين هو خرق السفينة من أسفلها مهما كانت النتائج من غرق أو خراب ثم موت محقق لجميع ركاب السفينة.
أيها المسلمون: هذه فتنة حصلت بين ركاب سفينة التي تمخر عباب البحر، حيث الأمواج المتلاطمة والعواصف الهائجة والأسماك العادية.
فما الحل؟ والوقت لا يستدعي إلى جدال ونقاش، ولا يحتاج إلى وعظ ولا نصح ولا موقف ولا وقت تنازع وتخاصم، وأحد الفريقين يرى أن يحفر في قاع السفينة، الذي فيه الموت المحقق.
أيها المسلمون الصمت والسكوت على فعل من هم أسفل السفينة، قتل لركاب السفينة جميعهم والوقوف على الحياد رضى يؤدي إلى هلاك الجميع، وهذا الصمت أو الجدال أو الوقوف على الحياد سيؤدي إلى إهمال قيادة السفينة وتوجيهها إلى حيث الأمان، لانشغال الجميع في المناقشة والمهاترة والمنازعة، وهذا يؤدي إلى ارتطامها وتحطيمها.
السكوت سيؤدي إلى حفر الخرق في قاع السفينة فتفرق ويهلك الجميع.
والعلاج الصحيح ما ذكره رسولنا الكريم في قضايا الحديث هو أن يأخذوا على أيدي من هم في أسفل السفينة ويمنعوهم من فعلهم مهما كانت التكاليف والتضحيات، ومهما عظمت، ففيها حياة الجميع، فيها النجاة وفيها سلامة السفينة.
العلاج أيها المسلمون هو الأخذ على أيدي هؤلاء العابثين المفسدين المستبدين، الضرب على أيديهم، والحيلولة دون تنفيذ عبثهم ورأيهم الفاسد الذي في تنفيذه الموت والدمار والخراب.
أيها المسلمون: المسلمون اليوم يبحرون في مراكب شتى تتقاذفها الأمواج، أمواج الحقد والعداوة للإسلام والمسلمين، تتقاذفها أعاصير التآمر والدسائس والتجسس، وتعصف بهم أعاصير القمع والتنكيل والاحتلال والخيانة، وتشب في ديارهم نيران الحروب التي تهدم وتخرب وتقتل بأيدي الواقفين في حدود الله من ربان المراكب وإخوانهم المنافقين والمأجورين، أي الساكتون عن الظلم، وعلماء السوء الذي يخرقون خروقاً في سفينة المسلمين بالتضليل والتحريف والتزييف.
أيها المسلمون: هذه المآسي التي تهب عاصفة في بلاد المسلمين، فاحتلال العراق وأفغانستان وفلسطين لا يطفئ لهيبها إلا سلطان المسلمين المغيب عن الساح، والذي ينتظر من المسلمين أن يقفوا صفاً واحداً ويعملوا يداً واحدة قائمين على حدود الله ملتزمين بشرع الله لاستئناف الحياة الإسلامية بعودة دولة الإسلام دولة الإسلام دولة الخلافة الراشدة وسلطان الإسلام الذي يضرب على أيدي هؤلاء المقامرين والمتآمرين على أرواح المسلمين ومكتسبات المسلمين ومقدسات المسلمين وخيرات المسلمين.
اللهم وقد استبد الظالمون والمنافقون، واستفحل خطبهم وشرهم في الأرض وبغو على المسلمين فهب لنل النصر والتمكين فأعزنا بالنصر والتمكين بخلافة راشدة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبو أيمن