خطبة عيد الفطر
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر على كل من طغى وتجبر.
الله أكبر ما نادى مناد للصلاة وكبر. الله أكبر ما صام صائم وأفطر.
الله أكبر ما تلا قارئ القرآن، وخشع قلبه لما في آياته من الوعيد والذكر الحكيم وتأثر.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر. كلما حان وقت الصلاة.
الله أكبر، هتاف المجاهدين في سبيل الله.
الله أكبر، كلمة حق نصفع بها وجوه العتاة الطغاة.
ثم الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة الإسلام، وفرض علينا الجهاد والصيام، وجعلنا خير أمة أخرجت للناس، تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر.
وأشهد أن لا إله إلا الله، الذي جعل في تعاقب الأيام والأعياد عبرة لمن اعتبر.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله رحمة وهدى لجميع البشر.
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم من المجاهدين الغرر.
أما بعد:
إخوة الإيمان: كما فرض الله تعالى على المسلمين الصيام والصلاة، فقد فرض عليهم الجهاد في سبيل الله، وكما أن شهر رمضان هو شهر صيام وقيام، فهو شهر جهاد وقتال في سبيل الله، قد خاض فيه المسلمون معارك فاصلة مع الكفار، فكان يأتي عيد الفطر والمسلمون في غبطة وسرور، وفرحة وحبور قد نالوا ثواب الصيام والقيام، كما أحرزوا النصر على أعدائهم في ميادين القتال.
واليوم يأتي العيد أيها المسلمون والكفار ومنهم اليهود والأمريكان والإنجليز، ما زالوا يحتلون بلاد المسلمين ويقتلون شبابهم وأطفالهم ونسائهم وشيوخهم ويدمرون بيوتهم ويدنسون مقدساتهم دون أن يهب سائر المسلمين لنجدتهم بالسلاح والرجال، فأين جيوش المسلمين؟ وأين الأسلحة التي أنفق عليها الحكام المليارات؟ فلماذا هي إن لم تكن للجهاد والقتال والدفاع عن حرمات المسلمين؟
إخوة الإيمان: لقد غدت وقائع حياتنا لا تدع لمن في قلبه ذرة من إيمان، أو لديه قليل من الغيرة على دينه وأمته أن ينام في هذا الواقع الفاسد الذي يقاسي الناس فيه مرارة الظلم والضياع، يجوعون وبلادهم أغنى بقاع العالم، يلهثون وراء الرغيف، من شدة الفقر والجوع، كل ذلك عقاب لنا لسكوتنا عن الفساد المنتشر في مجتمعاتنا…!!
أيها المسلمون: أما آن لنا نحن المسلمين أن نجعل الإسلام هو الرابط الوحيد بيننا؟ أما آن لنا أن نجعل الإسلام هو المقياس الوحيد لجميع أعمالنا وتصرفاتنا؟ أما آن لنا أن ندرك أن السبب الوحيد لمصائبنا هو بعدنا عن ديننا؟ أما آن لنا أن ندرك أن الإسلام لا يعني فقط الصلاة والصيام والحج والزكاة؟ وإنما يعني نظاما شاملا وكاملا لجميع شؤون الحياة، يعيش المسلمون تحت ظله في دولة واحدة، ولتحقيق ذلك لا بد لنا من أن يعمل المسلمون بجد لإعادة الخلافة الإسلامية التي توحدهم في دولة واحدة، تطبق الحدود، وتحمي الثغور، وترعى الشؤون، وتحمل الإسلام بالجهاد إلى الناس كافة.
إخوة الإيمان: لقد توعد الله تبارك وتعالى كل مسلم لا يعمل لإيجاد الخلافة، فقال صلى الله عليه وسلم : “ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية”. كما توعد كل من يسكت على هذا الواقع الفاسد، فقال صلى الله عليه وسلم:”من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله، يعمل {أي يحكم} في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغير عليه بقول أو فعل، كان حقا على الله أن يدخله مدخله”.
وهذا خطاب لكل مسلم. فعليه أن يعمل لتغيير الواقع الفاسد، فإن لم يعمل فلن تنجيه صلاته وصيامه وحجه من عذاب الله، والله سبحانه وتعالى لن يغير حالنا ما لم نعمل نحن للتغيير قال تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
إخوة الإيمان:عندما كان للمسلمين دولة تمثلهم، وخليفة بكتاب الله وسنة رسوله يحكمهم كانوا متحدين أعزة، لا يقبلون الخضوع والذل إلا لله تعالى، فعندما قتل الروم رسول رسول الله في الأردن رد عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بغزوة مؤتة. وعندما نقض كفار قريش صلح الحديبية، أرسل إليهم جيشا فتح مكة. وعندما نقض اليهود عهدهم مع رسول الله في المدينة أجلاهم عنها وقتل المحاربين منهم. وعندما استغاثت امرأة مسلمة بالخليفة المعتصم، قاد بنفسه جيشا دك فيه حصون الروم وأنقذ المرأة من الأسر. وعندما احتل الصليبيون القدس وبلاد الشام ظل المسلمون يعدون العدة الكافية حتى استرجعوها بقيادة القائد البطل صلاح الدين الأيوبي.
هكذا كان المسلمون عندما كانوا يتحاكمون إلى الإسلام. وأما اليوم بعد أن أخذوا بالقوانين الوضعية وأصبحوا كيانات عديدة ، تخلوا عن الجهاد في سبيل الله، ولجأوا إلى الكفار والحلول السلمية فأذلهم الله واغتصب اليهود أقدس بلادهم، وتحكم الكفار في مصائرهم وثرواتهم.
إخوة الإيمان: لقد طلب الله تعالى من رسوله محمد صلى الله عليه وسلم أن يقيم الدولة قبل أن ينزل عليه الكثير من الأحكام كالعقوبات والمعاملات لأن الدولة هي الطريقة الشرعية لتنفيذ هذه الأحكام وقد أجمع الصحابة بعد موته صلى الله عليه وسلم على إقامة خليفة، فأخروا دفن جسده الشريف واشتغلوا باختيار خليفة للمسلمين يحكمهم بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
ولقد سار المسلمون على ذلك ثلاثة عشر قرنا، كلما ذهب خليفة، بايعوا خليفة آخر يحكمهم بالإسلام، لأنهم أدركوا أهمية هذا الواجب وفهموا قوله صلى الله عليه وسلم:”إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به” وقوله صلى الله عليه وسلم: “ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية”. ولما ضعف المسلمون، وأدرك الكفار سر قوة المسلمين، هدموا دولة الخلافة التي كانت توحدهم، وأبعدوهم عن تحكيم دينهم … عندها تبدل حال المسلمين من قوة إلى ضعف، ومن وحدة إلى فرقة، ومن عز إلى ذل، ومن نصر إلى هزائم. ولن يغير الله حالنا السيئة هذه ولن نعود كما كنا أمة واحدة قوية، إلا إذا نحن غيرنا ما بأنفسنا كما أمرنا الله تعالى، فلنبدأ بهذا التغيير حتى يغير الله ما بنا.
إخوة الإيمان: رغم هذا الواقع السيئ الذي تعيشه أمتنا، ورغم المصائب التي تحل بالمسلمين، فإن العيد يظل شعيرة من شعائر الإسلام، نتزاور فيه ونصل الأرحام، وننبذ العداوة فيما بيننا والخصام، نصلي ونتصدق ونستغفر الله ونكبر. ولكن لا سبيل للسرور إلى نفوسنا ما دام هذا حالنا… أمتنا متفرقة… وأقدس أرضنا مغتصبة … وإخواننا يقتلون ويشردون… وحملة الإسلام يسجنون ويلاحقون، وينعتون بالأصولية والإرهاب… ولنا في صلاح الدين ذلك القائد المجاهد أسوة حسنة الذي سأله جنوده يوما فقالوا له: لماذا لا نراك مبتسما ؟ فأجابهم : كيف أبتسم وبيت المقدس لا يزال أسيرا في أيدي الصليبيين؟! أجل فكيف نبتسم وحرمات المسلمين تنتهك في كل مكان؟! فلنتواص بالحق، ولنتواص بالصبر، كما أمرنا الله سبحانه وتعالى، ولنناقش في عيدنا ما وصلت إليه أحوالنا، ولنعمل ما فرضه الله علينا، من حمل للدعوة، ومن أمر بالمعروف، ونهي عن المنكر.
إخوة الإيمان: إن الله سبحانه وتعالى بالقرآن أخبرنا، وإن الرسول صلى الله عليه وسلم بالسنة بشرنا بأن النصر لنا، وبأن المستقبل لأمتنا، إن نحن تمسكنا بالإسلام، وعملنا بما فيه من أحكام ، قال تعالى: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون). وقال صلى الله عليه وسلم: “ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله هذا الدين بعز عزيز، أو بذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام، وذلا يذل به الكفر”.
إخوة الإيمان: العيد مظهر من المظاهر العامة عند المسلمين، يدل على وحدتهم، فالأصل فيهم أن يعيشوا في دولة واحدة، فيصوموا رمضان في يوم واحد، ويحتفلوا بالعيد في يوم واحد لقوله صلى الله عليه وسلم:” صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته”، وهو خطاب عام لجميع المسلمين، فإن رأى مسلم هلال رمضان وجب الصوم على جميع المسلمين، وإن رأى مسلم هلال شوال وجب الفطر على جميع المسلمين، فالمسلمون جميعا إخوة، وأمة واحدة.
أسأل الله عز وجل أن يجمع على الحق كلمة المسلمين، وأن يوحد صفهم وأن يلم شعثهم، وأسأله عز وجل ألا أن يأتي العيد القادم إلا وقد أكرمنا الله عز وجل بقيام دولة العز والكرامة، دولة العدل والمساواة، دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وأسأله عز وجل أن يجعلنا من عتقاء شهر رمضان المبارك من النار.
وتقبل الله منا ومنكم الطاعات وسائر القربات .
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
الأستاذ أبي إبراهيم