نفحات إيمانية- إقامة حدود الله فرض على المسلمين
الحمد لله الذي فتح أبواب الجنان لعباده الصائمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، المبعوث رحمة للعالمين، وآله وصحبه الطيبين الطاهرين، ومن تبعه وسار على دربه، واهتدى بهديه واستن بسنته، ودعا بدعوته إلى يوم الدين، أما بعد:
قال الله تعالى في محكم كتابه وهو أصدق القائلين: (وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم، واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك). وقال عز وجل: (تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”إقامة حد من حدود الله خير من أن يمطر الناس أربعين”. وقال صلى الله عليه وسلم:”إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودا فلا تعتدوها، وسكت عن أشياء رحمة لكم من غير نسيان فلا تبحثوا عنها”.
إخوة الإيمان: في الآية الكريمة الأولى أمر الله سبحانه وتعالى نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام أن يحكم بين المسلمين بما أنزل الله في كتابه، ونهاه عن اتباع أهوائهم؛ لأنها تضل عن سبيل الله، وحذره من أن يفتنه الناس عن بعض ما أنزل الله إليه، أي حذره من الانحراف مهما كان يسيرا وقليلا عن شرع الله، فالحكم بغير ما أنزل الله، ولو بحكم واحد فقط هو خروج عن شريعة الله إلى شريعة الكفر وحكم الطاغوت، الذي أمرنا أن نكفر به ونهينا عن التحاكم إليه في قوله تعالى: (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم أمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به، ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا * وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا ). والطاغوت هو كل شرع سوى شرع الله تبارك وتعالى.
وقد بين لنا رسولنا الكريم أن تطبيق حد واحد من حدود الله أفضل للإنسانية جمعاء من أن يستمر فيها نزول المطر المليء بالخيرات من الله أربعين…!، ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم العدد أربعين، ولم يذكر المعدود، فلم يقل عليه الصلاة والسلام: أربعين ساعة أو أربعين يوما أو شهرا أو سنة ، بل أبقى المعدود مبهما للدلالة على الخير العميم الذي يحصل للإنسانية نتيجة تطبيقها لحكم واحد من أحكام الله.
فما ظنكم إخوة الأيمان لو طبقت أحكام الله بأكملها؟!
لقد فهم سلفنا الصالح هذا والتزموا به وطبقوه على أنفسهم وسعدوا بتطبيقه في الدنيا والآخرة.
ها هو الخليفة الأول لرسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق يقول حين امتنع المرتدون عن دفع الزكاة: {أينقص الدين وأنا حي؟!} ومعنى ذلك أنه استعد أن يدفع حياته ثمنا لإقامة حد واحد من حدود الله. ومضى أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه فجهز جيشا قويا لمحاربتهم، وأصر على ذلك قائلا : {والله لو لم أجد إلا الذر لقاتلتهم به} والذر هو النمل الأحمر الصغير.
وقال أيضا: {والله لأقاتلن كل من يفرق بين الصلاة والزكاة}، وقال:{والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه} والعقال هو الحبل.
فأين نحن من وخليفة همه تطبيق أحكام الله كأبي بكر الصديق وأين نحن من عزيمة كعزيمته رضي الله عنه …؟!…؟!
وفي ختام لقاءنا هذا اليوم نسأل الله أن يستخلفنا في أرضه، وأن يرزقنا خليفة راشد كأبي بكر عزيمته كعزيمته رضي الله عنه وأن يمكن لنا ديننا الذي ارتضى لنا، وأن يبدلنا من بعد خوفنا أمنا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبو إبراهيم