نفحات إيمانية- حق الله على العباد وحق العباد على الله
الحمد لله الذي فتح أبواب الجنان لعباده الصائمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، المبعوث رحمة للعالمين، وآله وصحبه الطيبين الطاهرين، ومن تبعه وسار على دربه، واهتدى بهديه واستن بسنته، ودعا بدعوته إلى يوم الدين، أما بعد:
إخوة الإيمان: عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: “بينما أنا رديف النبي صلى الله عليه وسلم ليس بيني وبينه إلا آخرة الرحل أي مؤخرة السرج الذي يستند إليه الراكب فقال: يا معاذ، قلت: لبيك رسول الله وسعديك، ثم سار ساعة ، ثم قال: يا معاذ، قلت: لبيك رسول الله وسعديك، ثم سار ساعة ، ثم قال: يا معاذ، قلت: لبيك رسول الله وسعديك، قال: هل تدري ما حق الله على عباده؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، ثم سار ساعة، ثم قال: يا معاذ بن جبل، قلت: لبيك رسول الله وسعديك، قال: هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوه؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: حق العباد على الله ألا يعذبهم “.
إخوة الإيمان: إن أحق الحقوق وأعظمها وأوجبها على العباد هو حق الله تعالى؛ لأنه سبحانه وتعالى المتفرد بالخلق والرزق المتفضل بالإنعام والهدايه. قال تعالى:(وإن ربك لذو فضل على الناس ، ولكن أكثرهم لا يشكرون). وقال عز وجل: (ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض ، وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة)…؟!
إن الحق الذي أوجبه الله سبحانه وتعالى لنفسه يتمثل في مظهرين اثنين : عبادته جل وعلا، وتوحيده وعدم الإشراك به.
فأما عبادته فهي التقرب إليه بطاعته والتزام شريعته، أمرا ونهيا وتحليلا وتحريما في حب وخضوع وتعظيم . وعبادة الله تعالى هي وظيفة الإنسان والغاية الأولى من خلقه، ورد في الحديث القدسي: “يقول الله لعباده: يا عبادي، إني ما خلقتكم لأستأنس بكم من وحشة، ولا لأستكثر بكم من قلة، ولا لأستعين بكم من وحدة على أمر عجزت عنه، ولا لجلب منفعة ولا لدفع مضرة وإنما خلقتكم لتعبدوني طويلا وتذكروني كثيرا وتسبحوني بكرة وأصيلا “. قال الله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون).
إخوة الأيمان: إن الفروض هي أعظم العبادات التي يتقرب بها المؤمن إلى الله تعالى، وإن أعظم الفروض هو فرض إقامة دولة الخلافة التي تجمع شمل المسلمين، والتي بإقامتها تقوم جميع الفروض على الوجه الصحيح الذي يرضاه الله جل في علاه.
والتوحيد هو النداء الأول في كل رسالة سماوية، قال عز من قائل :(وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أن لا إله إلا أنا فاعبدون ).
وأما الشرك فهو كل اعتقاد أو قول أو فعل فيه مساواة لله بخلقه، وهو من أكبر الكبائر وأخطرها، والدليل على ذلك قوله تعالى: (إنه من يشرك بالله ، فقد حرم الله عليه الجنة، ومأواه النار، وما للظالمين من أنصار). وقوله جل وعلا: (إن الشرك لظلم عظيم).
هذا وإن الشرك نوعان : شرك أكبر جلي، وهو الشرك المعروف، وشرك أصغر خفي، وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى أن أكثر المؤمنين واقعون في الشرك الأصغر الخفي دون أن يعلموا،إلى ما رحم ربي, فقال تعالى: (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون).
ومن الأمثلة على الشرك الخفي أن يخشى المؤمن الناس كخشية الله أو أشد خشية، فيكون بذلك قد أشرك الناس مع الله في الخشية، وهو لا يدري، فليحذر المؤمنون هذا النوع الخفي من الشرك، الذي نهانا الله سبحانه وتعالى عن إتيانه والوقوع فيه، فقال جل من قائل: (ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون).
وختاما إخوة الأيمان: نسأل الله عز وجل, في هذا اليوم المبارك من أيام شهر رمضان الفضيل, أن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة, وأن يجعلنا من جنودها الأوفياء المخلصين. إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه,
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أبو إبراهيم