أمثالنا الشعبية في ميزان الشرع الحلقة الخامسة
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،،
حياكمُ اللهُ مستمعينا من استوديو البث المباشر لإذاعة المكتب الإعلامي ونعود إليكم مع حلقة جديدة من
“أمثالُنا الشعبيةُ في ميزانِ الشرع ” ونتناول فيها مجموعة أخرى من تلك الأمثال.
= حطها في رقبة عالم واطلع سالم :
مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم حَمَّلنا المسؤولية حين قال ” أنتم أعلم بأمور دينكم ” وقال “الحلال بيِّن والحرام بَيِّن ” وأوضح قائلاً: “إن الإثم ما حاك في صدرك وخشيت أن يطلع عليه الناس “ولكن هناك أناس يتهربون من مسؤوليتهم هذه ويكسلون ويستسهلون الرجوع إلى المشايخ لاستصدار الفتوى ظناً أن هذا يعفيهم من المسؤولية والإثم إذا كان في هذه الفتاوى ما يخالف الشرع أو يلوي عنق النصوص الشرعية خاصة مع انتشار علماء السلاطين هذه الأيام بفتاواهم المفصلة على مقاس الأهواء والمطامع والأسياد .
= جاي يقيم الدين في مالطا :
وفي هذا سخرية ممن يبذل جهده في حمل الدعوة للناس خاصة لمن كانوا بعيدين عن الدين وتعاليمه ،فلا يكفي تخاذل مثل هؤلاء عن االقيام بواجبهم في حمل الدعوة ونشر الدين بل يستهزئون بمن يحاول ذلك وكانه أمر مستحيل ( وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَاللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)
= اللى يحتاجه البيت يحرم على الجامع .
وهو قول يراد به البخل بأي شيء فيه مصلحة عامة للمسلمين متمثلاً هنا بالمسجد ، وما كان السلف الصالح يبخلون بشيء قط لله ورسوله، فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه أتى بكل ما عنده ووضعه في حجر رسول الله فلما سأله:{ ماذا تركت لأهلك؟ } فقال:{ تركت لهم الله }.
ولكن لننتبه هنا أن هذا المثل قد يكون صحيحا في الحاجات الضرورية ففرض النفقة على الأهل والعيال فرض عين وما يحتاجه المسجد فرض كفاية. وفرض العين مقدم، وقد قال النبي:{ كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت } فمن كان يجد كسبا من تجارة أو عمل أو صناعة أو نحوها فلا حرج عليه أن يتصدق بماله كله كما فعل أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
واحتياجات البيت لا تنتهي أبدا، قال الله عز وجل مادحا المحسنين وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا } [الإنسان :8].
وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } {الحشر: 9}
ومثل آخر يشبهه وهو = يا مزكِّي حالك يبكّي .
هذا مثل ضربه الجهلة وأهل الصد عن سبيل الله وقصدوا به نهي أهل الزكاة والصدقة عن فعلها وأنذروهم بالفقر جزاء ذلك فشابهوا الشيطان قال تعالى: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء)(البقرة: 268مع أنها اسمها زكاة لأنها تزكي المال وتطهره وتنميه ، وتطرح بركات فيه؛ ولذا أمرنا الله عزوجل فقال :
(وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا (المزمل :20(
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إياكم والشح ، فإنما هلك من كان قبلكم بالشح، أمرهم بالبخل فبخلوا وأمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا ) (صحيح ـ أبو داود 2678(
= كل ما لقيت أعمى طبه ما انت أكرم من ربه :
تدعو إلى إيذاء الأعمى وذوي العاهات وتبرر ذلك بأن الانسان ليس أكرم أو أحكم من الله الذي قضى عليه بالعمى وهذه وقاحة اكثر من وقاحة المنافقين الذي برروا بخلهم وشحهم بقولهم ” أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاء اللَّهُ أَطْعَمَهُ ” فبدل أن يقوم هؤلاء الذين يقولون المثل بتقديم يد العون والمساعدة للكفيف يدعون إلى إيذائه وأيضاً في هذا تجرؤ على الله سبحانه في ابتلائه لهذا الإنسان وكأنهم يُعينونه – حاشاه- على هذا الأذى .
= آفتي معرفتي ، راحتي ما اعرفش : أو قولة بعرفش بتريح :
أي بلائي من معرفتي وراحتي من جهلي وهذا يحث على الجهل ويحذر من العلم سبب الشقاء والتعب ، وهذا يؤثر على العمل وعلى النهضة وتغييرالواقع الفاسد ، ومثلها أيضاً مما يحث على عدم التفكير والتغيير والنهضة:
= شو أمور دينك? قالوا مثل ولاد بلدك. اذا انجنوا ربعك، عقلك شو ينفعك.
= بعد ما شاب ودوه الكُتَّاب ، أو بعد الكَبْرة جِبِّة حمرة :
ونسمع بهذه الأمثال الساخرة ممن يتعلمون وهم كبار السن :: وكأن طلب العلم حكر على جيل دون جيل أو على سن معين وكأن طلب العلم والحرص عليه حرام أو عيب على كبار السن ، ومثل هذه الأمثال تخلق جواً من عدم الاحترام والمحبة بين جيل الكبار والأصغر سناً ,
والشرع يحض على العلم وطلبه دائماً وفي كل وقت ولكل إنسان يقول رسولنا صلى الله عليه وسلم:
“طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ” روى الترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لن يشبع المؤمن من خير سمعه حتى يكون منتهاه الجنة ” . وعن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله أنه قال): إنما أطلب العلم الى أن أدخل القبر ).
وأنتهزها فرصة هنا لأذكِّر بقولين درجنا على سماعهما على أنهما من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحض على طلب العلم وهما( أطلبوا العلم ولو في الصين) (وأطلبوا العلم من المهد إلى اللحد )،، فقد بحثت عنهما فتبين أنهما من الأقوال المأثورة لصحابة وليست من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وبالمقابل نسمع “أكبر منك بيوم أعلم منك بسنة” “وأكبر منك بشهر أخبر منك بدهر” :
وهي إن كانت تتحدث عن الخبرة بحكم العمر فهذا لا بأس به ، ولكن إذا كان المقصود اعتبار السن مقياساً رئيسياً للوعي فهذا ليس صحيحاً ،فمع احترامنا وتوقيرنا وتقديرنا لكبار السن ولكن الوعي غير مرتبط بالسن فقد يكون كبر السن سببا للوعي وقد يكون سبباً في قلته مثل قوله تعالى ” وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا ” وهناك شباب واعٍ وهناك كبار سن واعيين ، فإن كان التوقير والاحترام واجباً لهم فتسليم القيادة لهم بسبب السن فقط غير وارد في الشرع فالإمامة في الصلاة مثلاً جعلت السن آخر ما يعتمد عليه عند تقديم شخص على آخر فعن الرسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلَمُهم بالسُّنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة ، فإذا كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا” فإن كان هذا في الصلاة التي هي نوعا ما يسيرة في فهمها فكيف بالأمور القيادية الأخرى كالجهاد مثلا !!
=” لا حيـاء في الديـن”.
و هذا غلط لأن الحياء من الدين بل هو شعبة من الإيمان كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه و سلم..و الصواب أن نقول مثلا : “لا حياء في السؤال عن الدين”.
قول بعض الناس: = الدين لب وقشور .
سبب النهي: لأن القشور لا فائدة فيها غالباً بل وترمى وتُهمل. بينما الدين كله خير أصوله وفروعه وواجباته وسننه .
نكتفي بهذا القدر من الأمثال لهذا اليوم ،، وحتى نلتقي في حلقة قادمة بإذن الله نستودعكم اللهَ تعالى الذي لا تضيع ودائعه ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
أعدته للإذاعة : مسلمة