خلفاء ورعية- مواقف الخلفاء
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
طيب الله أوقاتكم وزين بالصالح أعمالكم وجعل الجنة مثوانا ومثواكم ..
في حلقتنا اليوم لن نقف على مواقف لخليفة بعينه ، بل سنتعرض لمواقف عديدة حصلت مع خلفاء مختلفين وفي عصور مختلفة ، لكنهم لم يحكموا إلا بالإسلام ، وما هذا إلا لندلل لأولئك القائلين بتغير الأحكام بتغير الأزمان ، لنثبت لهم أن الإسلام صالح لكل بني الإنسان في كل زمان ومكان .
الموقف الأول : المعتصم بالله عندما بلغه أن علجا من علوج الفرنج لطم امرأة أسيرة في عمورية فقالت : وامعتصماه ، فقال لها العلج: لا يجيء المعتصم إلا على فرس أبلق ، فسير إليها جيشه بثمانية عشر ألف فرس أبلق – وقيل ثمانون ألف – وسار إليها بقوة العزم وصدق النية والغيرة على دين الله، ففتحها الله على يديه ولم تكن فتحت قبل ذلك .
وقال ابن النحاس رحمه الله معلقا على هذه القصة بعدما ذكرها (فهكذا فليكن إعزاز الدين ومثل هذا ينبغي أن تكون أئمة المسلمين ، اللهم لا تحرمه أجر هذه الهمة ، وأثبه على ما كان عليه بكشف هذه الغمة).
وقد قال أبو تمام الطائي في هذا الفتح :
السيف أصـدق إنبـاء من الكتب في *** حـده الحـد بين الجـد واللعب
بيض الصفائح لا سـود الصحائف في *** متونهن جـلاء الشك والريـب
الموقف الثاني : أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز عندما وقع بعض المسلمين في الأسر بعث إليهم عبد الرحمن بن عمرة لفك أسرهم وقال له : ( أعطهم لكل مسلم ما سألوك !! فو الله لرجل من المسلمين أحب إلي من كل مشرك عندي ! إنك ما فاديت به المسلم فقد ظفرت به ! إنك إنما تشتري الإسلام).
وكتب إلى الأسارى رسالة جاء فيها ( أما بعد – فإنكم تعدون أنفسكم الأسارى ، ومعاذ الله بل أنتم الحبساء في سبيل الله ، واعلموا أني لست أقسم شيئا بين رعيتي إلا خصصت أهلكم بأكثر ذلك وأطيبه ، وأني قد بعثت إليكم فلان بن فلان بخمسة دنانير ، ولولا أني خشيت أن يحبسها عنكم طاغية الروم لزدتكم ، وقد بعثت إليكم فلان بن فلان يفادي صغيركم وكبيركم وذكركم وأنثاكم ، وحركم ومملوككم ، بما يسأل به فأبشروا ثم أبشروا والسلام ).
الموقف الثالث: هارون الرشيد ففي سنة سبع وثمانين ومئة جاء للرشيد كتاب من ملك الروم نقفور بنقض الهدنة التي كانت عقدت بين المسلمين وبين الملكة ريني ملكة الروم وصورة الكتاب [من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب أما بعد فإن الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ وأقامت نفسها مقام البيذق فحملت إليك من أموالها أحمالا وذلك لضعف النساء وحمقهن فإذا قرأت كتابي فأردد ما حصل قبلك من أموالها وإلا فالسيف بيننا وبينك]
فلما قرأ الرشيد الكتاب استشاط غضبا حتى ما تمكن أحد أن ينظر إلى وجهه فضلا أن يخاطبه وتفرق جلساؤه من الخوف واستعجم الرأي على الوزير، فدعا الرشيد بدواة وكتب على ظهر كتابه “بسم الله الرحمن الرحيم.. من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه لا ما تسمعه ثم سار ليومه فلم يزل حتى نزل مدينة هرقل وكانت غزوة مشهورة وفتحا مبينا فطلب نقفور الموادعة والتزم بخراج يحمله كل سنة.
الموقف الرابع : السلطان عبد الحميد الثاني ، الذي رفض بيع شبر من أراضي المسلمين رغم كل الإغراءات المادية ، فانظروا رده الحازم على هرتزل ، حيث قال: “انصحوا الدكتور هرتزل بألا يتخذ خطوات جديدة في هذا الموضوع ، إني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من الأرض ، فهي ليست ملك يميني بل ملك للأمة الإسلامية ، التي جاهدت في سبيلها وروتها بدمائها فليحتفظ اليهود بأموالهم وملايينهم ، وإذا مزقت يوما دولة الخلافة فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن ، أما وأنا حي فإن عمل المبضع في بدني لأهون علي من أن أرى فلسطين قد بترت من الدولة الإسلامية وهذا أمر لا يكون ، إنني لا أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة”
الله الله على هكذا موقف ، نبكي دما متحرقين لأن يكون لنا حاكم بمثل هذا الموقف الرائع ، أين حكام البيع والتهاون من هذا ؟؟ أين هم وقد وقفوا بأبواب الكفر والرأسمالية يتذللون لهم ؟؟
بهذا نصل لآخر حلقات سلسلة خلفاء ورعية ، على أمل اللقاء بكم في برامج أخرى جديدة … أترككم في رعاية الله وحفظه