رسالة إلى المسلمين في العالم
يقول جل وعلا:
(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ)
هذا الحال هو ما يجب أن نكون عليه نحن المسلمين.
فإنه سبحانه وتعالى يخاطب المسلمين بقوله وجدتم أفضل أمه ظهرت للناس بإعطائكم مزية لم تعطى لأحد غيركم إلا للأنبياء، ألا وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مستمسكين بالعروة الوثقى لا انفصام لها.
اللهم حقق هذا الأمر فينا، اللهم حقق فينا وعدك إذ تقول: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً)، اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وبعد….
فهذا نداء إلى المسلمين جميعا على وجه الأرض، أناشدهم أن يدّبروا قول الله سبحانه وتعالى: (نَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ)
أيها المسلمون إن كل مسلم يحب النصر ويتمنى الفلاح ولكن العاملين له قليل.
أيها المسلمون: إن النصر لا يأتي بالتمني وإنما بالعمل الجاد المخلص، فانظروا إلى واقع أجدادكم يوم أن كانوا سادة الدنيا كيف كانت عقلياتهم ونفسياتهم، كانت الأنانية بعيدة عنهم وهم بعيدون عنها هكذا كان عمر وهكذا كان خالد وهكذا كان المعتصم وهكذا كان صلاح الدين وقطز، هكذا كان محمد الفاتح وهكذا كان عبد الحميد الثاني، رحمهم الله هم وباقي المسلمين العاملين.
كان أجدادكم من أمثال هؤلاء يؤثرون على أنفسهم ولم يقولوا اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون وإنما كان تفكيرهم مسؤولا، فصاروا قادة الدنيا كانت نفسياتهم عالية فصاروا عظاما كانت شخصياتهم إسلامية فزلزلوا الأرض تحت أقدامهم فبهم اقتدوا أيها المسلمون.
كانت دولتهم ترتج لها جوانب الأرض عندما تذكر أمام الكفار فها هي أباطرة العالم تهابهم وتنشد رضاهم فكانوا أعزة على الكافرين أذلة على المؤمنين رحماء بينهم.
وعندما أقول أن أباطرة العالم تنشد رضى المسلمين -بل دولة المسلمين- فهذا حقيقة لا لبس فيه، فكان البابا حيث مركز النصرانية يدفع الجزية لدولة الخلافة وهذا ما شهد به هم أنفسهم.
نعم كانت الأساطيل البحرية تجوب البحار من أقصاها إلى أقصاها.
يقول ابن خلدون: قد امتطوا ظهر البحر للفتح سائر أيامهم، وهكذا كان الخليفة في أي عصر إذا سمع ما يريب جهز الجيش فوراً وبعثه للجهاد فينتصر بإذن الله.
وقد شن الحاجب المنصور أكثر من خمسين غزوة لم يهزم بواحدة منها وكان يخرج بنفسه على رأس الجيش، حتى إنه عندما يسمع الأسبان بقدومه إلى جهة فروا كالفئران وبذلوا الجزية عن يد وهم صاغرون.
نعم إنهم كانوا يأتون إلى خليفة المسلمين يطلبون منه أن يخلصهم من حكامهم الظلمة فيستجيب الخليفة لذلك ويخلصهم من ظلم حكامهم.
وهذه فرنسا تتقدم بطلب معونات ومساعدات من ملك الأرض، خليفة المسلمين.
وفي زيارة لأحد قادة الجيش إلى فرنسا أصر هذا القائد على أن لا تقرع أجراس الكنائس إثناء حله هناك وقد حصل هذا ونفذ طلبه.
نعم إن فرنسا كانت تستنجد بالدولة الإسلامية دولة الخلافة في عهد العثمانيين، ولكن عندما تخلى المسلمون عن تفكيرهم المسؤول فأمسوا تائهين أنانيين يقول الواحد منهم اللهم نفسي، أمسوا بعد أن كانوا يأخذون الجزية من نكفور (كلب الروم) صار أرذال الناس يتقاذفونهم كالكرة مع الأسى والأسف الشديدين.
أيها المسلمون: هذا ما كان عليه أجدادكم عندما كانوا متمسكين بالإسلام عقائد وأحكام عندما كانوا غيورين على مبدأهم كانوا أعزة، لقد طلبوا العزة بالعمل لا بالتمني، طلبوا العزة بالتفكير المسؤول لا بالأنانية، طلبوا العزة بالصبر والثبات لا بالتذبذب والخنوع والتشرذم، طلبوا العزة من الله وحده لا من أمريكا أو روسيا، لا من الإنجليز أو اليهود، فأعزهم الله.
أيها المسلمون، يا أحفاد خالد وشرحبيل، هذا ما كان عليه أجدادكم وهذا ما يجب أن تكونوا عليه، فأين الرجال الذين لا يقبلون أن يروا هذا الانحطاط المخزي الذي نحن فيه، أين الرجال الذين ينكرون هذا التقتيل في المسلمين في جميع نواحي الأرض ولا خالد لهم، أين الرجال الغيورون على أعراضهم التي تنتهك في كل وقت ولا معتصم لهم، أين الرجال الذين لا يرضون بتدنيس مقدساتهم ولا صلاح الدين لها، أين الرجال الذين يتحرقون أسى وهم يسمعون الاعتداءات على رسولهم ولا عمر، أين الرجال الذين يروا قرآنهم يدنس ولا عثمان له، أين الرجال الذين يشاهدون الإسلام ينقص ويحرف ولا أبا بكر له، أين الرجال المسلمون ودولة الخلافة غائبة والكفار يلعبون كيف شاؤوا ولا ناصر لهم.
أيها المسلمون ألهذا الحد هان عليكم كل شيء حتى أنفسكم.
يا أحفاد خالد، يا أحفاد محمد الفاتح، يا أحفاد عبد الحميد، إن هذا الخنوع والهوان ليس من شيم المسلمين، فهل أقول إن هذه كبوة فرس؟! أسأل الله ذلك.
أيها المؤمنون، فوالله إنها لميتة في سبيل الله خير من هذه الحياة الضائعة وبعد…
أيها المسلمون يقول الله جل وعلى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ومع هذا يقول: ( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ) فعلينا أن نعمل من أجل تغيير ما بأنفسنا من تفكير أناني ولا نقل اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون، علينا أن نغير هذا إلى تفكير مسؤول فيعتبر كل منا أن القرآن نزل بحقه شخصيا فيلتزم بما أمر به كاملاً ، فعندما نقرأ: (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً) أن نبدأ العمل لإيجاد من يحكم شرع الله حتى نتحاكم إليه، وعندما نقرأ: (وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) أن نسارع لتحقيق هذا الأمر، وعندما نقرأ: ( وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ) أن نباشر بالعمل على تطبيق ذلك، هذا وعندما نبدأ العمل لتطبيق هذه الأوام،ر ننظر في الطريقة التي ننفذ بها ما أمرنا الله به، فنرى أن دولة الخلافة الراشدة هي الطريقة الوحيدة والمخرج الوحيد مما نحن فيه من ذل وهوان وهي المدخل الوحيد لتحقيق شرع الله كاملاً، والطريقة الوحيدة لايجاد هذه الدولة بل الطريقة الشرعية الوحيدة للوصول إلى إيجاد هذا الفرض الذي تقوم به جميع فروض الإسلام هي التي بينها لنا الله سبحانه وتعالى في قوله: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) فحصر الفلاح في هذه الأمة التي بينها لنا ربنا يوجب علينا العمل بمقتضاها، وقاعدة (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) يؤكد هذا الوجوب، والتفكير الملتزم بالمسؤولية لا بالأنانية يجعل عندنا حافز للتحرك سريعاً للعمل بهذا الفرض العظيم.
فإني أهيب بكم أيها المسلمون أن يكون العمل الجاد دائماً نصب أعينكم ولا تتهاونوا فيه حتى يغير الله ما بنا من هذا الشقاء إلى عز الدنيا وسعادة الآخرة.
أيها المسلمون إن حزب التحرير الذي التزم بهذه الحقائق لهو جدير بقيادة هذه الأمة للوصول بها إلى بر الأمان.
وبناء على فهم واقع المسلمين اليوم فقد أصبح من أوجب الواجبات علينا (نحن المسلمين) أن نعمل لتغييره وإيجاد واقع يرضى الله عنه ورسوله.
فعليكم أيها المسلمون بعد البحث والتدقيق أن تعملوا مع حزب التحرير هذا دون تردد أو تذبذب ثابتين صابرين محتسبين عملكم هذا خالصاً لوجه الله تعالى لا تشوبه شائبة.
أيها المسلمون: إن حزب التحرير هذا يناشدكم العمل معه لتحقيق هذا الفرض واستئناف الحياة الإسلامية، ليتخلص المسلمون والناس أجمعون من كابوس تحكم الرأسمالية، وينالوا شرف العيش الكريم في الدنيا في ظل دولة الخلافة الراشدة، ولينال المسلمين السعادة في الدنيا والآخرة والله غالب على أمره.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبو عادل