إضاءات على تاريخ الدولة الإسلامية- المماليك
قال الله تعالى : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) (القصص:5)
إن الباحث في التاريخ الإسلامي، لا يملك إلا أن يعجب أيما إعجاب بما حققه المماليك، فقد ولدت دولة المماليك في أتون الأخطار، التي كانت تهدد العالم الإسلامي من أقصاه إلى أدناه، من شرقه إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه ولقد تصدى المماليك لهذه الأخطار فاستأصلوا شأفتها فتعالوا معنا نطل على إضاءة بل اضاءات من العهد المملوكي.
لقد واجه المماليك أيها السادة الخطر الصليبي، ثم الخطر التتري، ثم خطر دولة أرمينيا الصغرى الكافرة، ثم الخطر البرتغالي في حقبة قرنين ونيف من الزمان، وقد استطاعوا أن يستأصلوا الخطر الصليبي وطهروا بلاد الإسلام من شروره وأعادوا التتار إلى صوابهم، بل ولم ينقذوا التتار أنفسهم بل ولم ينقذ التتار رقابهم من القطع إلا باعتناق الإسلام، ثم سحقوا دولة أرمينيا الصغرى الكافرة، وأزالوها من الوجود كما تصدوا للخطر البرتغالي فانتصروا في بعض المواقع وهزموا في غيرها، وقد ترك المماليك للعثمانيين معالجة الخطر البرتغالي وغيره من الأخطار بعد أن أصبحت دولة المماليك جزءا من الخلافة العثمانية في أوائل القرن العاشر الهجري، الموافق أوائل القرن السادس عشر الميلادي.
لقد كان عهد المماليك أيها السادة عهد جهاد وجهاد، وكانوا بحق فرسانا من الطراز الأول، كما كانوا سادة البحر المتوسط، لفترة لا بأس بها من تاريخهم وباختصار فلقد حاربوا على جميع الجبهات دون كلل أو ملل ولقد تسنموا ذرى المجد رغم كونهم كانوا مماليك اشتراهم أسيادهم الأيوبيون من البلاد الواقعة شمال بحر قزوين وبلاد القفقاز الواقعة بين بحر قزوين والبحر الأسود ولكنهم لم يشتروا ليكونوا عبيدا للخدمة في البيوت أو المزارع أو المتاجر وإنما اشتروا للجهاد والجهاد فحسب. وقد كانت بداية ظهورهم المؤثرة في أواخر العهد الأيوبي إذ كانوا أغلب جنود الجيش الإسلامي في عهد الملك الصالح الأيوبي قبيل غزو لويس التاسع ملك فرنسا مصر، وقد تصدى الملك الصالح رحمه الله للصليبين بكل همة، رغم أنه كان مريضاً، ويأبى الله إلا أن يتوفاه أثناء معركة المنصورة ليتولى القيادة عز الدين أيبك المملوكي زوج شجرة الدر فيقود الجيش الأيوبي إلى النصر في معركة المنصورة, ويؤسر لويس التاسع ثم يطارد ابن أيبك الصليبيين ويهزمهم في معركة فارسكور لتكون نهاية الحلم الصليبي بالاستيلاء على مصر والشام، فلقد كانت هزيمتهم ساحقة لدرجة إنهم لم يعودوا يفكرون في تنظيم حملة أخرى ضد مصر والشام.
يتولى ابن أيبك السلطنة ويشاء الله أن يقتل ليتولى القيادة بعده أسد هصور هو السلطان قطز رحمه الله، يتولى قطز السلطنة والخطر التتري يدق أبواب مصر الشمالية، إذ بعد أن تمكن التتار من القضاء على جميع الدول التي واجهتهم من أواسط آسيا حتى مصر. إذ قضوا على سلطنة خوارزم في بلاد التركستان وغيرها وانساحوا إلى خراسان ثم بلاد فارس فالعراق ليقضوا على الخلافة العباسية في العراق ثم ينساحون إلى الشام، ويدقون أبواب مصر، ويرسل الترري رسالة تطفح بالتهديد والوعيد للسلطان قطز في مصر، يعقد سلطاننا مجلس الشورى الذي كان مؤلفاً من كبار القادة المماليك والأمراء والعلماء تقرأ الرسالة وينظر السلطان إلى عيون الحاضرين، فيشير البعض بالاستسلام لكون مصر لا تستطيع مقاومة من دوخ وأزال جميع الدول والإمارات التي واجهت التتار مدعين بقلة الإمكانات وبفظاعة التتار وشدة بأسهم ثم ينهض شيخنا العز بن عبد السلام شيخ المجاهدين وسلطان العلماء قائلاً: أيها السلطان، أيها الحضور إن ما يتعللون به من قلة الإمكانات إدعاء باطل، ولدى الأمة إمكانات فكرية ومادية هائلة ولكنها تحتاج لمن يحسن جمعها واستعمالها، إن الأمة الإسلامية أيها السادة أقوى منكم شكيمة، وأندى منكم يداً ولكنها تحتاج إلى القدوة الحسنة فقدموا أيها المماليك يا من تملكون الأموال الطائلة وكل غال ونفيس، قدموا ما لديكم من أموال، لتجدوا أن الأمة أكثر سخاء منكم، فهب السلطان والحاضرون وسائر المماليك والتجار والأغنياء والعلماء والعامة يقدمون ما تجود به نفوسهم، من جواهر وأموال وأعيان، وقد جادت نفوسهم بالكثير الكثير لتتجمع كومة عالية من الذهب والفضة والمجوهرات والنفائس على بساط واسع تحلق حوله السلطان والقادة والأمراء والعلماء لدرجة أن الجالس لم يكن يستطيع رؤية من يقابله، هذا في القاهرة وحدها، فكيف بالمدن والأرياف في طول مصر وعرضها، فلما انتهى الناس نظر شيخنا العز بن عبد السلام إلى السلطان قطز وقد اطمأنت نفسه واطمأنت نفوس الحاضرين، وقال له أرأيت خذ هذه الأموال فأنفقها في المجهود الحربي، هذا الأمر الأول وأما الأمر الثاني فحتى تكون قيادتكم شرعية أيها المماليك، حرروا أنفسكم من أسيادكم لتكونوا أهلا للقيادة، إذ تحرم قيادة المملوك أما الأمر الثالث فلا بد من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, ورد المظالم إلى أهلها,
والتمسك بحبل الله لتطبيق الإسلام كما ينبغي فأجاب قطز الشيخ قائلاًً: أمرك مطاع أيها الشيخ ونعاهد الله ثم نعاهدك أن ننفذ ما طلبت، أخذ سلطاننا الأموال ثم أخذ ينفقها في الإعداد للمعركة الفاصلة، فأمر بقتل رسل التتار جزاء ما اقترفوه من مذابح، ومجازر وإهلاك للحرث والنسل وأخذت مصر تعج بالحركة وتجمع الفرسان وصهلت الخيول، ثم أمر قطز بيبرس بقيادة حملة استطلاعية ليتوجه بها إلى غزة ليطارد التتار ويتولى حماية باب مصر حتى يتكامل حشد الجيش الرئيسي، يتكامل الحشد أيها السادة ويسير هذا الجيش بقيادة السلطان قطز متوجها إلى الشام، ويلتقي بيبرس وقطز, ثم يسير الجيش المملوكي متعقباً التتار حتى وصلوا إلى عين جالوت الواقعة في فلسطين بين بيسان وجنين، ليجدوا الجيش التتري، متمركزاً هناك وما هي إلا أيام ويلتحم الجيشان جيش الإسلام وجيش الكفر، فتتزلزل ميسرة الجيش الإسلامي ويولي بعضهم الأدبار وسلطاننا قطز يقود المعركة، ويرى ما يرى فينزل عن فرسه, ويمرغ وجهه بالتراب صائحاً بصوت الرجولة، صائحاً بصوت الشهامة، صائحاً بصوت النجدة, واإسلاماه يسمع فرسان المماليك هذه الصيحة فيعودون إلى ميدان المعركة، ثم ينهض سلطاننا ليركب حصانه ليحمل وأصحابه على التتار حملة صادقة زلزلت أقدامهم وأطارت صوابهم فولوا الأدبار لا يلوون على شيء وينزل الله نصره على المؤمنين لقد صدق المماليك ربنا فأكرمهم ربنا بالنصر، لقد فعلوا ما فعله المسلمون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة العسرة قدم المسلمون آنذاك ما جادت به نفوسهم وكان خيرا كثيراً، وقدم المماليك تماماً ما جادت به نفوسهم قبيل عين جالوت وكان خيرا كثيرا، نصروا الله فنصرهم، هذه سنة الله أيها السادة لا تتخلف ولا تتبدل (فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً)(فاطر: من الآية43) لقد كان حال المسلمين في عهد المماليك لا يقل سوءا عن حال المسلمين اليوم ولكنهم اتبعوا سنة الله في البذل والعطاء والتضحية والفداء فأكرمهم الله بعز ومجد لم يكونوا يتوقعونه، لقد أصبحوا سادة الدنيا، يخطب ودهم كل حاكم في الأرض يطيعهم المسلمون ويعترفون لهم بالفضل، وكانوا حقاً أهلاً لذلك.
ولنعد إلى سلطاننا نخاطبك وإن كان ميتاً لقد عاهدت الله يا سلطاننا فوفيت لقد أمرت بالمعروف, ونهيت عن المنكر فلن يخيبك الله، لقد بذلت وسعك في الإعداد والقتال ودعوت ربك بالنصر فأجابك إن صيحتك واإسلاماه هي نفس ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدر والله يا رب إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض استجاب الله يا سلطاننا كما استجاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ لو هزم المسلمون في عين جالوت فربما لن يعبد الله في الأرض وهكذا في العصر الحاضر يحتاج المسلمون لهبة مخلصة كما فعل المماليك فالإخلاص في العمل لإقامة دولة الخلافة الراشدة والإخلاص في البذل والعطاء والإخلاص في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإخلاص في تطبيق أحكام الله في الأرض والإخلاص في الاستعداد وبذل أقصى المستطاع لإعداد الجيش الإسلامي كل هذا كفيل بإذن الله بتحقيق النصر مهما كانت قوة الكفر، ومهما عظمت المواجهة يا حكام المسلمين يا أمراء والمسلمين يا من ابتلينا بكم فلم تقفوا موقفاً واحداً يرضي الله ورسوله، خذوا العبرة والعظة إن كنتم ممن يريد العبرة والعظة خذوا العبرة من المماليك كيف كانوا عبيداً مملوكين اخذوا بأسباب العزة، أخذوا بأسباب النصر فلم يخلفهم الله وعده وانتم يا من تعتزون بأصلكم وفصلكم ولا تعتزون بالله يا من تودون توريث أبنائكم تولى رقاب المسلمين يظنون إن الحكم على طريقتكم مغنماً، قارنوا حالكم بحال أبطال المماليك، يا من تعتزون بكثرة أولادكم وأقاربكم وتنصبونهم أمراء على هذه الجهة أو تلك، أين حالكم من حال المماليك، أين مكانكم من مكان هؤلاء المساكين، قطز وبيبرس وقلاوون وبرسباي، لقد سطر هؤلاء المساكين ليس لهم وحدهم وإنما للإسلام والمسلمين جميعاً مجدا عظيما، إنهم أنقذوا رقابنا إنهم انقذوا رقاب آبائنا ورقاب أجدادنا ورقاب آبائنا ورقابنا من وثنية التتار وصليب الصليبيين، إنهم أنقذوا البشرية جمعاء من وحشية وفظاعة التتار فماذا فعلتم يا من تفتخرون بآبائكم وأجدادكم يا من تملكون من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة و القوة، إنكم فعلتم الخزي والعار وجللتمونا بالذل والهوان فوالله إننا نخجل أن تكونوا حكامنا، والله إننا لنحزن أنكم تحملون أسماءنا، والله إننا نستحيي أن تكونوا من بني جلدتنا أبشاركم كأبشارنا، إنكم لستم منا ونحن لسنا منكم، إننا بريئون من فعالكم القبيحة وهوانكم الفظيع وأنتم يا علماء السلاطين هل وقفتم موقفاً يرضي الله ورسوله، أين موقفكم من موقف العز بن عبد السلام يطلب من حكامه المماليك أن يحرروا أنفسهم، يصرخ في وجوههم أن أزيلوا المنكرات أبذلوا أموالكم وأنفسكم في سبيل الله، إبدأوا بأنفسكم فقدموا ما لديكم لدعم المجهود الحربي وستجدون أن الأمة أندى منكم يداً وأقوى منكم شكيمة، كانت هذه أقوال العز بن عبد السلام فماذا قلتم يا علماء السلاطين لحكامكم، إنكم تزينون الشر لتجعلوه خيراً تحرفون الكلم عن مواضعه، بعتم وتبيعون آخرتكم بلعاعة من الدنيا أين ما قرأتموه من كتاب الله وسنة ورسوله وسيرة السلف الصالح لقد جعلتموه وراءكم ظهريا قدمتم النفاق والتزلف وعرضا من الدنيا زائل وأين هذا من كل ما قرأتموه وحفظتموه عن ظهر قلب، ألم تقرأوا قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ) (الصف:2و3 ) ألم تقرأوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إن من أعظم الجهاد كلمة حق عن سلطان جائر»، ألم تقرأوا قوله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ )(آل عمران: من الآية110)، أين أمركم ونهيكم، أين أنتم من قوله صلى الله عليه وسلم «الدين النصيحة»، أين وأين وأين.
نعود لسلطاننا وما فعله في عين جالوت، فلقد أمر رضي الله عنه بمطاردة التتار في كل مكان يستطاع الوصول إليه ولم ينقذ التتار رقابهم إلا باعتناق الإسلام وينقلب ذل المسلمين إلى عز، إذ قبل سنتين من معركة عين جالوت كان التتري إذا لقي جمعاً من المسلمين أمرهم بالوقوف عند مكان معين ليذهب ويحضر سيفه ليقتلهم، ثم يأتي التتري فيقتلهم دون أن يحاول أحد منهم الهرب أو المقاومة، فسبحانك ربي ما أعظمك وما أصدق وعدك، خلال عامين تنقلب الأمور رأساً على عقب ويلبس الله المسلمين عزا فلا ينقذ التتار رقابهم من القتل إلا باعتناق الإسلام.
نعود لسلطاننا مرة أخرى فبعد أن نظم الأمور في الشام، يركب عائداً لمصر ولكن شاءت إرادة الله أن يقتل ليخلفه الظاهر بيبرس وما أدراك ما الظاهر بيبرس، يسير بيبرس على نهج سلطانه قطز، فيبقي رايات الجهاد مرفوعة، يطارد بها التتار ويسحق بها الصليبيين، ويسير بها من نصر إلى نصر، فيطهر الكثير الكثير من حصون الشام من الصليبيين، ويتوج ذلك بدخول أنطاكية دخول الفاتحين، فيقضي بذلك على إمارة هامة من إمارات الصليبيين، وبذلك حصر الصليبيين في جيب ضيق، لا أمل له في البقاء، وليقوم بعده قلاوون وأبناؤه بتطهير بلاد المسلمين من رجس الصليبيين باستيلاء المسلمين على عكا وما يحيط بها قبل سبعمائة عام ونيف ثم يتسلم الراية بعد أولاد قلاوون سلاطين المماليك البرجية ليتولى برسباي فتح جزيرة قبرص وضمها إلى سلطنته فتزول الأخطار التي كانت تتهدد سواحل الشام ومصر من غارات الصليبيين ثم يحاول قايثباي فتح جزيرة رودس ولكنه لم يفلح وإن كان قد أخاف الصليبيين بها ثم يتولى المماليك مواجهة الخطر البرتغالي الذي أخذ يهدد وسواحل الجزيرة العربية الجنوبية والشرقية فينتصر المماليك في معركة وينهزمون في أخرى ليسلموا الراية أخيرا للخلافة العثمانية التي نجحت أيما نجاح في سحق جميع الأخطار التي هددت العالم الإسلامي، عدا الخطر الصليبي على الأندلس، ولم يكتف العثمانيون بذلك وإنما أخذوا يفتحون أوروبا من الشرق ليكملوا فتح البلقان ويحاصروا فينا عاصمة النمسا مرتين ويتموا ضم أكثر بلاد الإسلام لخلافتهم.
بقي أن نكمل بنبذة قصيرة:
لقد كان ظهور المماليك كقوة فاعلة في أواخر العهد الأيوبي وكانت معركة المنصورة وفارسكور حاسمتين في سحق خطر حملة لويس التاسع على مصر.
يقسم المؤرخون عهد المماليك إلى قسمين:
1- عهد المماليك البحرية وأشهر سلاطينهم قطز وبيبرس وقلاوون وأولاده.
2- عهد المماليك البرجية (الجراكسة) وأشهر سلاطينهم برقوق وبرسباي وقايثباي وقانصوه الغوري. أما أصل المماليك فأغلبهم من المناطق الواقعة شمال بحر قزوين وبلاد القفقاس وبلاد الكرج أو ما يسمى حالياً بجورجيا.
وأخيرا لقد كانت لدولة المماليك هيبة عظيمة، ليس في نفوس المسلمين فحسب، وإنما في نفوس أعدائهم فقد خطب الجميع ودهم، وبخاصة بعد نصرهم المؤزر في عين جالوت وتطهير بلاد الشام من الصليبيين وسحقهم لدولة أرمينيا الصغرى الكافرة ومواجهتهم للخطر البرتغالي وظلوا على عهدهم في حمل راية الجهاد أكثر من مائتي عام إلى أن ورثهم العثمانيون قبل حوالي خمسمائة عام.
أرأيتم أيها السادة كيف تحققت سنة الله في هؤلاء الشباب، الذين كانوا يباعون ويشترون، وكيف ألبسهم الله ثياب العز والمجد، عندما أخذوا بأسباب النصر وأسباب العز، وقد صدق الله تعالى بقوله: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) (القصص:5)
اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من الذين يرفعون رايتك ولنقيم بها دولة الخلافة الراشدة، وتمن علينا بالنصر والعز والتمكين، لنظهر دينك على الدين كله ونبدل ذلنا عزا إنك القادر على كل شيء وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.