Take a fresh look at your lifestyle.

وقفات مع النفس- صاحب رسالة أم صاحب مهنة

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .

حياكم الله في إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير ونلتقي بكم في حلقة جديدة من سلسلة حلقات ” وقفات مع النفس “، هذه الوقفات التي نضع من خلالها أيدينا على مواضع الخير لنستمر بها وعلى الثغرات في سلوكنا حتى نتجنبها .

ووقفتنا اليوم مع شخص له تأثير كبير في حياتنا وحياة أبنائنا وتوجهاتهم وسلوكهم وحتى ميولهم وتطلعاتهم فهو أحيانا يكون قدوة لهم ،، وللصغار منهم كلامه مُصدَّقٌ مهما كان فنسمع الطفل إذا ناقشته في أمر أو معلومة يقول معلمي قال ومعلمتي قالت ،،

إذن وقفتنا اليوم هي مع “المعلم” ، المربي ، صانع جيل المستقبل ، حامل الأمانة العظيمة والتي إن حملها بما يرضي الله تعالى كانت له نوراً وإن لا كانت له ناراً .

فيا أيها المعلم ،، هل سألت نفسك يوماً لم أصبحت معلماً ؟لم اخترت هذا الطريق لحياتك ؟ فمعرفة هذا بصدق وصراحة يحدد لك أسلوب تعاملك ونهجك في هذا الطريق ،،فإن كنت اخترته لأنك لم تجد غيره فهذا يجعلك تتعامل معه فقط كمهنة تدر عليك دخلاً آخر الشهر ،، مهنة كأي مهنة أخرى تُعطى أجراً مقابل عمل أو خدمة ،، فيكون عطاؤك على قدر أخذك فقط ،، فلا يهمك مدى استفادة طلابك من علمك ومما تعطيه لهم وهل به الخير أم لا فلا ينطبق عليك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ق” إنَّ اللهَ ومَلائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَواتِ والأرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ في حِجْرِهَا وَ حَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ على مُعَلِمِي النَّاسِ الخَيْرَ) رواه الترمذي،، أم تتعامل معها كأمانة حملتها على عاتقك برضاك ،، ورسالة تقارب رسالة الأنبياء بحيث تكون ممن قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ابنِ مَسْعودِ رضيَ الله ُ “لا حَسَدَ إلاَّ في اثنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاه اللهُ مَالاً فسَلَّطَهُ عَلى هَلَكتِهِ في الحَقَّ ورَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الحِكْمَةَ فَهُوَ يَقضِي بِها وَ يُعَلِمُّها “،

هل أنت قدوة وأسوة حسنة بالنسبة لطلابك بمفاهيمك وسلوكك وأفكارك ومعاملتك !! أترى في نفسك شخصبةً إسلامية تؤثر فيهم تأثيراً جيداً ؟ هل تمثل لهم نموذجاً للمربي الذي يتمنون أن يكونوا مثله في المستقبل؟ هل تعاملهم جميعاً بمحبة ورحمة وعطف وشفقة وتفهم مبني على تقوى الله وليس على التمييز بينهم بناء على مكانة أهلهم الاجتماعية او المادية وما يمكن أن يعود عليك بنفع جراء ذلك ؟ هل تجرب الابتسامة والبشاشة معهم ام دائم التجهم وتقطيب الجبين وكأنك بهذا تجعلهم ينتبهون لك أو يخافون منك !! هل تحاول كسب احترامهم ومحبتهم أم فقط خوفهم ورهبتهم منك ؟! هل تشجعهم وتعززهم أم تحبطهم وتبث اليأس في قلوبهم ؟ هل تخاف الله فيهم في تدريسهم وتقوم بذلك بأمانة وإخلاص أم تقول يكفيني ما انا به من هموم وتفكير بلقمة العيش وسأعطي بقدر ما آخذ من راتب ، وبما أن العائد قليل فالناتج يجب أن يتناسب معه ويكون قليلا مثله !!

نأتي إلى المناهج واسلوب تعاملك معها أيها المعلم ،، هذه السموم التي يضعونها لأبنائنا وبناتنا بين طيات الكتب ودفاته كيف تتعامل معها ؟ هل تكون مخلصاً لها وتعطيها كما يريد واضعوها بل ومن المعلمين من يكون على رأي القائلين ملكيا أكثر من الملكيين ويجاهد في إدخال هذه الافكار في عقول طلبته بكل الطرق والوسائل في ذلك وكأنه سيأخذ نيشاناً منهم على إخلاصه في ذلك ،، ناسياً أو متناسياً خطورة هذا الأمر وعقابه عند رب العباد ،، حيث أنه لم يكتفِ بعدم إظهار ذلك الفساد بل وأيضاً يشجع عليه بتشجيعه تلك المناهج ،، أين أنت ممن يحارب تلك الأفكار ويبين زيفها وخطرها ، ويمكن ذلك بحسن التأتي وبدون الهجوم السافر الذي يمكن أن يتأتى من ورائه عقوبة ، فليس الهدف إظهار الذات بل تبيان الخطأ ،، هناك منهاج مطلوب منك إعطاؤه فلا بأس في ذلك ،، أعطِ الفكرة وبالمقابل أعطِ الفكرة الصحيحة التي تنقضها من أساسها فهذا واجبك كمربٍ مسلم قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (ليس العلم بكثرة الحديث ولكن العلم بالخشية ). هل تعلمهم اسلوب التفكير الإسلامي الصحيح وعدم الرضى بما لا يُرضي الشرع ، والصدع بالحق وعدم المداهنة والنفاق فيه ؟ هل تزرع فينفوسهم ان الأجل والرزق بيد الله وحده فلا يخافون في الله لومة لائم ؟

والآن أخي المعلم ،، إن واجهتك مشكلة مع طلابك سواء بشكل جماعي او فردي فكيف تتعامل معها ؟هل تقول حل المشاكل ليس من شأني ،، فدوري فقط هو إعطاء الدروس والامتحانات وعلى غيري حل المشاكل والاهتمام بالطلاب من هذه الناحية !! أم تحاول احتواء طلابك والتعامل معهم كأب او أخ ،، تتحسس همومهم ومشاكلهم وتحاول التقرب منهم وزرع الثقة بينك وبينهم مما يجعلهم يفتحون لك قلوبهم ويصارحونك بما يواجهونه ويطلبون نصحك وإرشادك ،،فتدلهم على طريق الصواب وتمسك بأيديهم إلى بر الأمان بدل طريق الضياع إن لم يجدوا من يحتضنهم خاصة أن الموج عالٍ حولهم يريد أن ييتلعهم ويجرهم إلى طريق الفساد والضلال .. وماذا عن النشاط والطاقة الكامنة فيهم ؟كيف توجهها ؟ كيف تستغل تلك الطاقة في شيء يفيدهم وينفعهم ؟ وكيف توجههم لقضاء أوقات فراغهم ؟ هل تقوم بدور المربي الراعي الذي يبين لأولاده خطر ما حولهم من وسائل ترفيه مختلفة ومما يُبث في الفضائيات ووسائل الإعلام والانترنت من برامج هدامة خطيرة ؟ أم تتحدث معهم وتتسامر ببعض تلك البرامج لأنك أنت أيضاً يتابعها ويستمتع بها ؟!

وأختم قولي بسؤالك عن تقييمك لنفسك في نهاية كل يوم ، هل تكون راضٍ عن نفسك وعما قدمته لطلابك !! هل كان عملك مثمراً ودافعا للأمام وللرقي بفكر طلابك ووعيهم !! أيضاً كيف كان تأثيرك على زملائك وإدارتك ؟!! على أولياء الأمور والأهالي ؟ هل أمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر إن رأيته ؟
هل تابعت أمور طلابك الذين هم أولادك وأمانة بين يديك في كل صغيرة وكبيرة ؟ يعني باختصار هل كنت صاحب رسالة أم فقط صاحب مهنة ؟!!

أتمنى أن يكون كلُّ معلمينا ومدرسينا أصحاب رسالة ،، أن يكونوا ورثة الأنبياء فعلاً في علمهم وتعليمهم ، في مفاهيمهم وسلوكهم ،، في أقوالهم وأفعالهم ، أن يكونوا ممن ينطبق عليهم قول أحمد شوقي :
قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولاً

هذه نهاية وقفتنا لهذا اليوم وبداية سؤال المعلم نفسه عن أي نوع من المعلمين هو ،، فإن كان صاحب رسالة فليستمر في هذا ،،وإن كان صاحب مهنة فقط فعليه أن يتفكر جيداً في ذلك ويحاول تغييره ،،

وإلى وقفة أخرى مع النفس أستودعكم الله تعالى ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

مسلمة