Take a fresh look at your lifestyle.

صور من حياة الصحابيات – نسيبة بنت عطية الانصارية

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله – صلى الله عليه وسلم وبعد :-

لقاؤنا اليوم مع صحابية يكاد التاريخ يذكر معلومات قليلة عنها ، غير أن تلك المعلومات تُظهر الأثر الكبير لها، والدورَ الذي كانت تقوم به سواء في مجال الجهاد والمشاركة في المعارك العسكرية أو في مجال العلم كراوية للحديث أو الفقه في شرح العديد من المسائل المتعلقة بالنساء كما سمعتها من الرسول صلى الله عليه وسلم، وقامت أم عطية بالكثير من الأعمال العظيمة من أجل خدمة الإسلام والمسلمينَ والرسولِ صلى الله عليه وسلم، واشتهرت بعلمها وحكمتها ورجاحة عقلها، وكان لها العديد من المواقف المشهودة في تاريخ الإسلام.

وتروي كتُبُ السيرةِ أن أم عطية الأنصارية أو نسيبة بنت الحارث، أسلمت مع السابقات من نساء الأنصار.

وفي ساحات الوغى وتحت ظلال السيوف، كانت – رضي الله عنها – تسير في ركب الجيش الغازي، تروي ظمأ المجاهدين وتأسو جراحهم، وتعد طعامهم، واشتهرت بتغسيل الموتى من النساء في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم.

أما عن سيرة جهادها مع الرسول صلى الله عليه وسلم تقول الصحابية الجليلة أم عطية الأنصارية: “غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات فكنت أصنع لهم طعاما، وأخلفهم في رحالهم، وأداوي الجرحى وأقوم على المرضى”.

كان لهذه الصحابية دور كبير ومؤثر في  المعارك التي خاضها المسلمون ضد الكفر والمشركين وأهل الضلال، حيث إن أمَّ عطية كانت تشارك في الجهاد، وكانت تقوم بأعمال التمريض وإعداد الطعام للجنود، ولم تكتف بذلك بل كانت تقوم بدور الحارس الأمين على أمتعة الجيش.

ولم يتوقف دور تلك الصحابية الجليلة عند هذا الحد، بل إنها كانت تقوم بتطبيب الجرحى وأيضا كانت تسهر على المرضى وتقوم بخدمتهم، ولا شك أن تلك الخدمات مهمة وجليلة في ميدان المعركة ولا يمكن الإستغناء عنها.

وفي غزوة خيبر كانت أم عطية رضي الله عنها، من بين عشرين امرأة خرجن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتغين أجر الجهاد ورضوان الله – عزوجل.

إنه وإن اشتهر الرجال بالشجاعة فإن أم عطية اشتهرت بالشجاعة ؛ فهي قوية ومؤمنة بربها ولديها القدرة على الدفاع عن الرسول – صلى الله عليه وسلم- وعن الإسلام. وكانت مستعدة للتضحية بنفسها من أجل انتشار الدين الإسلامي في أنحاء العالم كافة.

فهذه المرأة العظيمة ذاقت مبكرا حلاوة الإسلام والإيمان، وأدركت قيمة الجهاد وعظمة الإستشهاد في سبيل الله مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وصحابته رضوانُ الله عليهم أجمعين؛فكانت دائما مستعدة لتلبية نداء الحق من أجل الشهادة والفوز بالجنة.

لقد ضربت بكفاحها وجهادها وعملها وعلمها وفقهها وبلاغتها أروع الأمثلة ،وأن المرأة لا تقل أهمية عن الرجل في حمل الدعوة الإسلامية والعلم والفقه ورواية الحديث .

ويكفي أم عطية شرفا وقدرا أنها غسَّلت زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم، فعندما ماتت زينب زوجة أبي العاص بن الربيع قال النبي صلى الله عليه وسلم لأم عطية الأنصارية ومن معها: “غسِّلْنَها وترا ثلاثا أو خمسا، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك واغسِلنها بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافورا -أو شيئا من كافور – وإذا فرغتنَّ فآذنني”.

تقول نسيبة بنت الحارث: فآذناه، فألقى إلينا حقوه “إزاره”، وقال عليه الصلاة والسلام: “أشعرنها هذا”، وتقول أم عطية الانصارية: فضفرنا شعرها ثلاثة أثلاث، قرنيها وناصيتها، وألقينا خلفها مقدمتَها.

دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما على عائشة فقال: “هل عندك من شيء؟” قالت عائشة رضي الله عنها: لا، إلا شيء بعثت به إلينا نسيبة “أم عطية الانصارية” من الشاة التي بعثت إليها من الصدقة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: “إنها قد بلغت مَحَلها”.

وكانت أم عطية تغسل من مات من النساء في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، طلبا للمثوبة والأجر من الله عز وجل. وقد كانت الصحابية الجليلة رضي الله عنها فقيهة حافظة، ولها أربعون حديثا، منها في الصحيحين ستة، وانفرد البخاري بحديث ومسلم بحديث.

عاشت الصحابيةُ الجليلةُ أم عطية الأنصارية (نسيبة بنت الحارث) إلى حدود سنة سبعين من الهجرة، وقد انتقلت رضي الله عنها في آخر عمرها إلى البصرة، واستفاد الناس من علمها وفقهها، فكان جماعة من الصحابة والتابعين يأخذون عنها غسل الميت.

فرضي الله عن الصحابية الجليلة أم عطية الأنصارية وعن المسلمين أجمعين.

ولا تزال أرحام الأمهات المؤمنات قادراتٍ على إنجاب أمثال أم عطية ، يحملن الدعوة الإسلامية ، ويقفن إلى جانب الرجال في الدفاع عن الإسلام وتضميد جراح الأمة ، وغسل ما علق بالأمة الإسلامية من رواسبَ وأفكارٍ فاسدة منتنة  أتت على الأمة الإسلامية تحت شعار الحضارة والتقدم الزائف ، يعملن لاستئناف الحياة الإسلامية بإيجاد الدولة الإسلامية ومبايعة خليفة المسلمين الذي يحكم بكتاب الله وسنة رسوله .