وقفات مع النفس – أين نحن من تلك الايام المباركة
نعيش أياماً مباركة ،،أيام عشر ذي الحجة أقسم بها رب العزة حيث قال : {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} الفجر . وإذا أقسم الله بشيء دل هذا على عظم مكانته وفضله، إذ العظيم لا يقسم إلا بالعظيم ، ايام قال بها أيضا عز وجل : {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ } ( سورة الحج : الآيتان 27 -28 ) . حيث أورد ابن كثير في تفسير هذه الآية قوله : ” عن ابن عباس رضي الله عنهما : الأيام المعلومات أيام العشر. سماها بالأيام المعلومات لعظيم فضلها وشريف منزلتها،
أيام نرى من الواجب أن نقف فيها مع أنفسنا لنغرف من فضائلها ولا نجعلها تمر علينا مروراً عابرا فهي أيام أيام شهد لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها افضل أيام الدنيا حبث قال : عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أنه قال : يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم 🙁 ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيامِ ( يعني أيامَ العشر ) . قالوا : يا رسول الله ، ولا الجهادُ في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهادُ في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجعْ من ذلك بشيء ) ( أبو داود)
أيام فيها يوم عرفة ، يوم الحج الأكبر، ويوم مغفرة الذنوب، ويوم العتق من النيران، ولو لم يكن في عشر ذي الحجة إلا يوم عرفة لكفاها ذلك فضلاً، وإن فيها يوم النحر والذي قال بها المصطفى عليه الصلاة والسلام (أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر(، رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني.ولا ننسى أن فيها اجتماع أمهات العبادة ،وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيرها.
أخواتي وإخوتي الكرام ،، كيف نستقبل تلك الأيام المباركة ؟ وكيف نستفيد من كل دقيقة فيها ؟
لنبدأها بالتوبة الصادقة والعزم الأكيد على الرجوع إلى الله، ففي التوبة فلاح للعبد في الدنيا والآخرة،{وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} [النور:31].،، او لنغتنم هذه الأيام بعمارتها بالأعمال والأقوال الصالحة، ونقرن ذلك بالبعد عن المعاصي فكما أن الطاعات أسباب للقرب من الله تعالى، فالمعاصي أسباب للبعد عن الله والطرد من رحمته، وقد يحرم الإنسان رحمة الله بسبب ذنب يرتكبه ؛؛ فإن كنت تطمع في مغفرة الذنوب والعتق من النار فأحذر الوقوع في المعاصي وجاهد هوى نفسك ..قال الرسول صلى الله عليه وسلم : :-أفضل الجهاد أن يجاهد الرجل نفسه وهواه.
وعلينا بالتقرب إليه سبحانه بمزيد من العبادات والنوافل كالصيام وقد خص النبي صيام يوم عرفة من بين أيام عشر ذي الحجة بمزيد عناية، وبين فضل صيامه حيث قال :
(صيام يوم عرفة احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده) [رواه مسلم]. ، وكذلك الصلاة وهي من أجل الأعمال وأعظمها وأكثرها فضلاً، فعليه أن يكثر من النوافل في هذه الأيام، فإنها من أفضل القربات، وقد قال النبي فيما يرويه عن ربه: ) وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه) [رواه البخار]. واجعل لسانك دائماً رطباً بذكر الله وأكثِر من التكبير والتحميد والتهليل والذكر، فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي قال: -( ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) [رواه أحمد]. وقال البخاري : كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرها. وقال: وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً. وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً.ويستحب للمسلم أن يجهر بالتكبير في هذه الأيام ويرفع صوته به بمفرده.
تأكد من القراءة والقيام فيها – وروي عنه أنه قال:(لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر) كناية عن القراءة والقيام.
ولا ننسى الصدقة وهي من جملة الأعمال الصالحة التي يستحب للمسلم الإكثار منها في هذه الأيام، وقد حث الله عليها :{يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون} [البقرة:254]، وقال رسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم : (الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ) رواه الترمذي ..وإلى القادرين نقول عليكم بتطبيق سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بذبح الأضاحي تقرباً إلى الله عز وجل قال الله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } وفيها ثواب عظيم بإذن الله تعالى منها ما روته عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحبُّ إلى الله من إراقة الدم، وإنه ليؤتى يوم القيامة بقرونها، وأظلافها، وأشعارها، وإن الدم ليقع من الله عز وجل بمكان قبل أن يقع على الأرض، فطيبوا بها نفساً)
إذن اجعلوا من هذه العشر منعطف خير في حياتكم , , وكونوا أقرب إلى الله عند نهايتها منكم عند بدايتها , ولا تجعلوها تمر بدون استغلالها لفلاحكم في الدنيا والآخرة ،، فلا تضيعوها في أمور الدنيا الفانية ، وأنتِ أختي الفاضلة لا تضيعيها في الأسواق وصنع الحلويات وتزيين البيوت ،، لا نقول اهملي بيتك ونفسك ، ولكن لا تجعليها وتجعلي الدنيا أكبر همك ومبلغ علمك ،،
اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ؛وتقبل منا برحمتك ياأرحم الراحمين .
وتقبل الله الطاعات ، وكل عام وأنتم من الله أقرب ,,