بين الحقيقة والسراب -ح8
سلام الله عليكم .. عبارةٌ لطالما تلفظها غسان بن جدو عبر قناة الجزيرة من برنامجه الحواريّ حوار مفتوح، وأنا أقول لكم سلام الله عليكم وأكرمنا الله بدولة العزة ، وأدامها الله علينا وعليكم.
من البداية وقبل عرض أيٍّ من حلقات هذا البرنامج ، فبما أن الجزيرة تصنفه ضمن البرامج الحوارية فهذا أول شركٍ تنصبه للمتلقي ، وكأنها تعطي للحوار الحقيقيّ مجالاً ، فتأتي بضيوفٍ يتحاورون ويتحدثون في قضيةٍ ارتضتها الجزيرة لتكون مجالاً للنقاش على شاشتها ، وقد يُقال : كيف لهذه القناة أن تختار القضية ، والقضيةُ مستمدةٌ من أرض الواقع ؟؟
نعم هي من واقعنا ، لكنها تُترجم وتُفسر ويُتحاور عليها حسب واقعهم المرسوم لهم هم ، وللتدليل أقف على ما تناولته عدة حلقاتٍ من هذا البرنامج .
إحدى الحلقات كانت حواراً مع اللواء الركن جميل السيد ، حيث عرض المقدم عدة تساؤلاتٍ على ضيفه ،بيَّن الضيف من خلال إجاباته على الأسئلة العديد من الحقائق التي بقيت مخفية لأربع سنواتٍ مضت منذ اغتيال رفيق الحريري ،وقد أبدى الضيف امتعاضه من بعض أسئلة بن جدو خاصة أن الأخير كان يضع الضيف في خانةٍ من الأسئلة التي تحتاج لدقةٍ في الإجابة.
وتحدث الضيف عن ظروف استقالته من الحكومة واضعاً حجة تلك الاستقالة،بأنه كان في الحكومة القديمة وأنه لا مجال له في الحكومة الجديدة ،كما أضاف اللواء حديثاً عن ضغوطاتٍ لتوريط شخصيات سورية في قضية الاغتيال ، حيث أنه إن لم يسرع بذلك فسيورطونه هو بذلك.
طبعاً كما عودتنا وسائل الإعلام وأخص منها الجزيرة ، فتحَ ملفاتٍ قديمة كل ذلك لفتح المجال المتواصل لإثارة النزاع كلما توقف في تلك المنطقة ، وكلنا يعلم أن لبنان مليئةٌ بالتيارات المتصارعة لا لشيء إلا لإرضاء الاستعمار ، والجزيرة بهذه الطريقة تزيد الطين بِلة، وهذا الأمر تقوم به الجزيرة في أكثر من برنامجٍ من برامجها مثل برنامج مع هيكل ، الذي تفتح فيه ملفاتٍ كما يقول المثل (ماتت أجيالها).
ثم إن إشغال الناس بقضيةٍ فات عليها زمن ، ما هو إلا إبعادٌ لهم عن قضايا جوهرية ، وكأنه لا يوجد في لبنان سوى قضية مقتل الحريري ولا شيء آخر فيها.
وبالنظر لحلقةٍ أخرى من حلقات هذا البرنامج ، والتي كانت حواراً مع وزير خارجية سوريا وليد المعلم ، حيث شكر المقدمُ الوزيرَ لقبوله المقابلة وموافقته على الخروج من مكتب مقر الوزارة،حيث كان اللقاء في دار الأوبرا.
ثم توجه غسان بن جدو مقدم البرنامج بالسؤال للوزير وليد المعلم عن القمة السورية وتغير ألوانها، فماذا حصل؟
بدوره رحب الوزير بالمقدم والمشاهدين، متفائلاً بلقائهم في دار الأوبرا التي كانت مكاناً للعديد من فعاليات دمشق عاصمة الثقافة، مهنئاً الفلسطينيين كون القدس لهذا العام هي عاصمة الثقافة.
وتابع قائلاً : أن التخطيط لقمة دمشق واجه صعوبات عديدة, لكن الرئيس الأسد أصر على مكان القمة ووقتها,وسوريا كانت تريد توحد الصف العربي,فالأوروبيون يختلفون لكنهم يجتمعون وعلى هذا فعلى العرب الاجتماع رغم كل المعوقات،كما أضاف أن جزءاً من أراضي سوريا لا زالت محتلة، لذا فسوريا دائماً تحاول البحث عن أوراق قوة.
وحتى لا نطيل فيما قاله بن جدو وما رد به الوزير، وحتى لا نقع في قال وقيل فقد بدا لي من خلال النظر في طريقة طرح بن جدو للأسئلة أنه كان هجومياً نوعاً ما خاصةً أن أمامه ضيف لا تهمه إلا مصلحته، فركز خلال كلامه على تعامل سوريا مع أمريكا، وكيف كانت علاقاتهم سيئة وهي الآن تكاد تكون ممتازة ،كل ذلك أراد من خلاله المقدم أن يجبر الضيف على اعترافه بتعامل سوريا مع أمريكا،كما ركز على نقطة تعامل سوريا مع إسرائيل.
كما أراد المقدم أن يوهم السامعين بأنه يبحث في حقائق الأمور حيث لم يترك قضية في العالم إلا وبحثها مع ضيفه، لكن المتطلع بدقة لكلامه فلا يرى سوى اتهاماتٍ بتعامل أو بعمالة الحكومة السورية لصالح أمريكا، وهذه هي عادة قناة الجزيرة حيث تصوب أسئلتها بقوة نحو عملاء أمريكا ، وتبدي فيها بعض الصراحة ، لكن السؤال الذي يرد هل كانت الجزيرة لتوجه نفس الأسئلة لوكان الضيف عميلاً بريطانياً ؟
إن هذه القناة تسير مع الحكومات وبعمالةٍ واضحة ، فهي تكشف خنادق المقاومين في غزة حين تناول هذا البرنامج موضوع المقاومة وما أحدثته في غزة أثناء حرب إسرائيل عليها، ولتظهر أنها سباقة صحفياً تناولت الأمر على حلقتين متتاليتين ،فهي في الوقت الذي تستقطب فيه عطف الناس وتفاعلهم مع ما حصل في غزة ،تكشف في الوقت ذاته مخبوءات المقاومة من أسلحةٍ وممراتٍ سرية استخدمها المقاومون بل وأماكن تواجدهم وأسماء بعضهم أيضاً ، فكيف لهذه الأفعى يأمنون ؟؟!!
لم يعد بالإمكان القول أنها ذات الرأي والرأي الآخر ولا صاحبة المنبر الحر أو الكلمة الحرة، فقد بات واضحاً للعيان أنها لا تنطق عن هوى نفسها بل كل تحقيقاتها وتقاريرها ما هي إلا خدمةٌ استعمارية، للأسف مقبوضة الأجر ، أجرها دماء أبناء المسلمين وأعراضهم وثرواتهم ،فقولوا لي بربكم هل يلام الإعلام الغربيّ فيما يفعله من أذىً للمسلمين، إذا كان هذا حال إعلامنا ؟؟!!
فعلاً سلامٌ علينا وعلى عقولنا إن نحن صدقنا تفانين الجزيرة في لي أعناق الحقائق …
وسلام الله عليكم …
خنســــاء