شرح مواد النظام الإجتماعي في الإسلام- ح2- شرح المادة 112
ح2- شرح المادة 112
والتي نصها: ( الأصل في المرأة أنها أم وربة بيت، وهي عرض يجب أن يصان).احتوت هذه المادة على ثلاثة أمور، الأول: أن الأصل في المرأة أنها أم، والثاني: أنها ربة بيت، والثالث: أنها عِرض يجب أن يصان.وهذه الأمور الثلاثة مستنبطة من الأدلة الشرعية المتعددة، التي خوطبت بها المرأة بوصفها امرأة وبنص خاص بها في القرآن والسنة، يقول سبحانه وتعالى: (..فا نكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع….)، وفي الحديث الذي رواه أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يأمر بالباءة، وينهى عن التبتل نهيا شديدا، ويقول: (تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة)، وعن معقل بن يسار قال: ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال، وإنها لا تلد، أأتزوجها؟ قال :لا، ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة فقال: (تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم)، فيتبين لنا من هذه الأدلة، أن الله تعالى جعل في النكاح حكمة، ورتب على هذه الحكمة نتيجة، ألا وهي الولادة، التي يستمر النوع وتستمر الحياة .ومن حضِ الرسول صلى الله عليه وسلم على الزواج وعلى التكاثر، ونهيه عن المرأة التي لا تلد، دلالةٌ واضحة أن الأصل في المرأة أنها أما. وهي أيضا زوجة، تباشر ما جعله لها الشرع أن تباشره من المندوبات.وأيضا من الأحاديث الدالة على أمومتها ما رواه عبدا لله بن عمرو بن العاص: ( أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن أبني هذا كان بطني له وعاء، وثديي له سقاء، وحجري له حواء، وإن أباه طلقني وأراد أن ينتزعه مني، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت أحق به مالم تنكحي). فالحديث عدد الأوضاع التي لدى المرأة بالنسبة للطفل، مما يدل على أهمية أمومتها، وقد حكم لها بكفالته.فهذان الدليلان يدلان على الأصل في المرأة أنها أم. علاوة عما جاء من أحكام تتعلق بالحمل وأحكام تتعلق بالولادة وأحكام تتعلق بالرضاع .أما أنها ربة بيت، فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم، قضى على أبنته فاطمة بخدمة البيت، وعلى علي ما كان خارج البيت. وكان صلى الله عليه وسلم يأمر نساءه بخدمته، فكان يقول: (يا عائشة أسقينا، يا عائشة أطعمينا، يا عائشة هلمي الشفرة واشحذيها بحجر)، وروي عن أنس أن رجلا سافر ومنع زوجته من الخروج، فمرض أبوها، فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في عيادة أبيها فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اتقي الله ولا تخالفي زوجك). وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ) لا يحل للمرأة أن تصوم وزجها شاهد إلا بأذنه). وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ومن حق الزوج على زوجته أن لا تصوم تطوعا إلا بأذنه). فالشرع قد جعل للمرأة أن تعود أباها إذا مرض، وجعل لها أن تصوم تطوعا لله، ولكنه جعل ذلك دون حق الزوج، مما يدل أن الأصل فيها أنها ربة بيت، وأن خدمة الزوج أرجح من قيامها بالمباحات كالبيع، أو المندوبات كصلاة التطوع، فعليها أن تترك المباح والمندوب وتقوم بخدمة الزوج، فالأصل أنها ربة بيت.أما الأمر الثالث: وهو أن المرأة عرض يجب أن يصان، فهنالك أدلة كثيرة نورد بعضها، ففي القرآن الكريم يقول تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها)، فنهى الله تعالى عن دخول البيوت إلا بإذن أهلها، وأعتبر عدم الإذن إستيحاشا، والإذن إستئناسا، فقال سبحانه: (حتى تستأنسوا)، وهي كناية عن طلب الإذن، أي عدم الدخول على البيت والمرأة في حالة تبذل، فالإذن واجب حتى على الولد عند الدخول على بيت أمه، وفي موطأ مالك عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، سأله رجل فقال يا رسول الله، استأذن على أمي، فقال نعم، قال الرجل أني معها في البيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذن عليها، فقال الرجل إني خادمها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذن عليها أتحب أن تراها عريانة قال: ((لا))، قال: فاستأذن عليها)، ويقول سبحانه وتعالى: ( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الأربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء) فالله سبحانه وتعالى حدد ما يجوز أن يظهر من المرأة في حياتها الخاصة مما هو فوق الوجه والكفين، بأنه إنما يظهر للمحارم، ولمن لا توجد لديه شهوة أي الأربة من الرجال والطفل، فهذا التحديد يدل دلالة واضحة على أنها عرض يجب أن يصان.ومما يدل على الصيانة للمرأة، أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم الخاصة بالخلوة، يقول صلى الله عليه وسلم: ( لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها محرم)، وأيضا فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يحل لمرآة تؤمن بالله واليوم الأخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها محرم)، وعن أبن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، فقام رجل فقال يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة، وإني كتبت في غزوة كذا، قال: فانطلق فحج مع امرأتك)، فالرسول صلى الله عليه وسلم أخرجه من الجيش الذي سينفر للجهاد ليصون امرأته. وأيضا قال تعالى 🙁 والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة)، إن هذه الآية لا تعني غير متزينات، فالزينة مباحة للمرأة، وإنما غير مبديات زينتهن بشكل من شأنه أن يلفت نظر الرجال فينظروا إليهن، فالنهي جاء عن التبرج بالزينة وليس عن الزينة، فهذه أدلة قطعية على أن المرأة عرض يجب أن يصان.ويقول صلى الله عليه وسلم: ( إن الجارية إذا حاضت لم يصلح أن يرى منها إلا وجهها ويداها إلا المفصل)، وعن أبن جريج قال: قالت عائشة: ( دخلت ابنة أخي مزينة، فدخل علي النبي صلى الله عليه وسلم فأعرض، فقلت يا رسول الله، ابنة أخي وجارية، فقال: إذا عركت المرأة لم يجز لها أن تظهر إلا وجهها وإلا ما دون هذا ، وقبض على ذراع نفسه، فترك بين قبضته وبين الكف مثل قبضة أخرى ونحوه، فهذا التحديد للباس المرأة ولعورتها دليل على كونها عرضا يجب أن يصان.وإلى حلقة قادمة ومادة أخرى من مواد النظام الاجتماعي في الإسلام نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبو الصادق