مفهوم الطاعة
الطاعة هي: الانقياد مع الرضى، يقال،هو طوع يديه أي منقاد له، والتطوع بالشيء،هو التبرع به، والمطّوعة: الذين يتطوعون بالجهاد.
ولا تكون الطاعة إلا عن أمر، يقال أمره فأطاع. والأمر يؤخذ من منطوق النص مثل: (استغفر الله) ومن مفهومه مثل: (لو استغفرت الله) ومن واقع الحال مثل: (إنسان وقع في معصية ثم ذكر الله أنه سوف يحاسبه فاستغفر الله) والطاعة من أهم المظاهر التي تدل على الإنضباط العام في الأمة والدولة وهي أمر أساسي لوجود الدولة وبقائها. والانضباط لا يتم إلا بكون الطاعة سجية من سجايا الأمة، فإن فقدت الطاعة سقطت الدولة وفقدت الأمة وحدتها و ذابت بين الأمم لا راعٍٍِ لها كما هو حال الأمة الإسلامية اليوم.
فالطاعة إذن من أهم مكونات الدولة والمجتمع. وهذا ما نجده في أول نزول الوحي على محمد صلى الله عليه وسلم، جاء في سيرة بن هشام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فجاءني جبريل فقال إقرأ قال: قلت ما أقرأ؟ قال: فغتني به حتى ظننت أنه الموت ثم أرسلني فقال: اقرأ قال! قلت ما أقرأ؟ قال: فغتني به حتى ظننت أنه الموت ثم أرسلني فقال: اقرأ، قال: قلت ماذا أقرأ! قال: فغتني به حتى ظننت أنه الموت ثم أرسلني فقال: أقرأ قال فقلت ماذا أقرأ؟ ما أقول ذلك إلا إفتداء منه أن يعود لي بمثل ما صنع بي فقال: (اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق إقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم) قال: فقرأتها ثم إنتهى فانصرف عني) وبهذا يكون جبريل عليه السلام قد علم الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم أن الطاعة هي أساس وجود المجتمع. والوحي نزل لإيجاد مجتمع متميز فعندما أجاب الرسول بالنفي ضغط الوحي أي ضمه إليه بقوة فحبس أنفاسه وهو يردد العملية ثلاث مرات ولما أدرك الرسول أنه الأمر ولا مفر من طاعته سأله ماذا أقرأ فضمه إليه ثالثة حتى يبين له أن هذا الذي يجب أن يكون أي (الطاعة) وقال له أقرأ باسم ربك الذي خلق…) فقرأ، وعندها رضي جبريل عنه وانصرف. وبهذا يكون قد علم جبريل عليه السلام الرسول الطاعة قبل القراءة. وخطاب الرسول خطاب له ولأمته فتكون الطاعة واجبة قبل كل شيء على المسلم، يقول الله تعالى: (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير)، فأمرنا الله أن نسمع ونطع ثم نطلب المغفرة منه جل وعلا ، وهذا يعني أن تكون الطاعة سجية مجتمع الدولة وأمة المبدأ يقول سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم)، فالطاعة هي أصل قبول كل عمل وبدون الطاعة يكون العمل باطلا فعلى المسلم أن يفعِّل ثقافة الطاعه. صحيح ان الامر بالطاعة جاء مطلقا إلا أن هذا الإطلاق يكون ضمن المبدأ فلا تتعداه إلى غير مبدأ الأمة وهذا ما يجب أن نكون عليه نحن المسلمين، يقول الله عز وجل: (ولا تطع كل حلاف مهين) ويقول: (ولا تطع المكذبين) ويقول: (ولا تطع منهم آثما أو كفور). فالطاعة يجب أن تكون مطلقة في المبدأ ومحصورة فيه لا تتعداه ولذلك عدم طاعة الكفار هي طاعة لله. ومن هنا يجب أن تكون الطاعة واعية وليست طاعة عمياء. وحتى تكون الطاعة صادقة يجب أن تكون طاعة في المنشط والمكره وفي العسر وفي اليسر وفي الرضا وفي الغضب أي فيما أحب الإنسان أو كره. فمثلا: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر قالوا يا رسول الله إن الرجل يجب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة، قال: إن الله جميل يحب الجمال ولكن الكبر بطر الحق وغمط الناس) فيجب أن يؤخذ الحديث كاملا وإلا لا تكون طاعة وإنما إتباع للهوى فالحديث يطلب اللباس الحسن وعدم إحتقار الناس.
ومثالا آخر في صلة الأرحام يذهب الأخ عند أخته والإبن عند أمه والرجل عند خالته في تبادل الزيارات وهذا من صلة الارحام وعند حصول سوء فهم بين طرفين تنقطع هذه الزيارات ويُعرض كل واحد عن الآخر وإذا أحسنا الظن باحدهما يقول لا أذهب عنده حتى يأتي هو أولا فهذا العمل كله ليس صلة رحم، وإنما صلة الارحام كما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: (ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها) فهذه العملية هي طاعة لله يقول جل وعلى: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) ويقول سبحانه: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) فأمرنا الله سبحانه وتعالى بطاعته وبطاعة رسوله وبطاعة أولي الأمر من المسلمين وقيد طاعة أولي الأمر بطاعة الله ورسوله ومفهوم المخالفة أنه لا تطيعوهم إن لم تكن الطاعة منبثقة من طاعة الله ورسوله.
وعليه فإن الطاعة هي
1) الانقياد مع الرضى.
2) أن تكون في المنشط والمكر.
3) أن تكون فيما أمر به المبدأ.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبو عادل