قانتات حافظات – واجبات الزوجة ح14
يمثل الرجل في الأسرة دور الربان في السفينة، وهذا لا يعني إلغاء دور المرأة، فالحياة الزوجية حياة صحبة بين الرجل والمرأة، يصحب أحدهما الآخر صحبة تامة من جميع الوجوه، صحبة يطمئن فيها أحدهما للآخر، إذ جعل الله هذه الزوجية محل اطمئنان للزوجين. رأس المال فيها المودة والرحمة، والرجل عليه واجبات تحمل أعباء الحياة ومسئولياتها، وتحمل مشكلاتها، وكما أن للمرأة حقوقا على زوجها، فإن له حقوقا عليها، إذا قامت بها سعد وسعدت، وعاشا حياة طيبة كريمة.
يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة البقرة الآية 228: ” ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم”
وقد بينا ما الذي لهن ، فما الذي عليهن.
ولو نظرنا إلى قوله تعالى: ” ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون” ( الروم 21) نجد الله سبحانه وتعالى يوزع المسؤوليات بين الزوج والزوجة.
فالزوجة سكن للزوج على أساس ثابت من المودة والرحمة، وهذا السكن جعل الرجل يسعى إلى الرزق لأداء حقوق زوجته، وأيضا على المرأة أن تعمل لتهيئ الإقامة وجمال العشرة ورقة العطف ورونق البسمة والفرحة بالزوج.
فالمرأة تقوم على رعاية البيت وتدبير المنزل وتربية الأولاد وتهيئة الجو المناسب للرجل ليستريح فيه ويجد ما يذهب عناءه ويجدد نشاطه بينما يسعى الرجل وينهض بالكسب ويوفر ما تحتاج إليه الزوجة والأولاد من مال ونفقات.
فللرجل على المرأة حق القوامة، فعلى المرأة أن تستأذن زوجها في الخروج من البيت، أو الإنفاق من ماله، أو نحو ذلك، ولكن ليس للزوج أن يسيء فهم معنى القوامة، فيمنع زوجته من الخروج، إذا كان لها مبرر مقبول، كصلة الرحم أو قضاء بعض الحاجات الضرورية. فما أكرم النساء إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم.
والقوامة للرجل دون المرأة، فالرجل له القدرة على تحمل مشاق العمل، وتبعات الحياة، ويستطيع أن ينظر إلى الأمور نظرة مستقبلية، فيقدم ما حقه التقديم، ويؤخر ما حقه التأخير،
قال تعالى: { الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم }(النساء: 34).
ومن الحقوق التي يجب على الزوجة القيام بها تجاه زوجها الطاعة فقد أوجب الإسلام على المرأة طاعة زوجها، ما لم يأمرها بمعصية الله تعالى، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وقد أعد الله تعالى لها الجنة إذا أحسنت طاعته، فقال صلى الله عليه وسلم: “إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت” (أحمد، والطبراني) وقال أيضا: ” أيما امرأة ماتت، وزوجها عنها راض؛ دخلت الجنة” (ابن ماجه)
ومن واجبات المرأة تجاه زوجها التزين له، حيث يجب على المرأة أن تتزين لزوجها، وأن تبدو له في كل يوم كأنها عروس في ليلة زفافها، وقد عرفت أنواع من الزينة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؛ كالكحل، والحناء، والعطر.
قال صلى الله عليه وسلم: “عليكم بالإثمد، فإنه يجلو البصر، وينبت الشعر” (الترمذي ، والنسائي)
وكانت النساء تتزين بالحلي ، وترتدي الثياب المصبوغة بالعصفر (وهو لون أحمر)، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم صحابته ألا يدخل أحدهم على زوجته فجأة عند عودته من السفر؛ حتى تتهيأ وتتزين له، فعن جابر-رضي الله عنه -أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يطرق الرجل أهله ليلا. (متفق عليه)
وما أبدع تلك الصورة التي تحكيها إحدى الزوجات، فتقول: إن زوجي رجل يحتطب (يقطع الأخشاب، ويجمعها من الجبل، ثم ينزل إلى السوق فيبيعها، ويشتري ما يحتاجه بيتنا)، أحس بالعناء الذي يلقاه في سبيل رزقنا، وأحس بحرارة عطشه في الجبل تكاد تحرق حلقي، فأعد له الماء البارد؛ حتى إذا قدم وجده، وقد نسقت متاعي، وأعددت له طعامه، ثم وقفت أنتظره في أحسن ثيابي، فإذا ولج (دخل) الباب، استقبلته كما تستقبل العروس الذي عشقته ، فإن أراد الراحة أعنته عليها، وهكذا ينبغي أن تكون كل زوجة مع زوجها. فعلى المرأة أن تتعرف الزينة التي يحبها زوجها، فتتحلى بها، وتجود فيها وتحسنها، وعليها أن تعرف ما لا يحبه فتتركه إرضاء وإسعادا له، وتتحسس كل ما يسره في هذا الجانب.
ويجب على المرأة أن تستأذن زوجها في أمور كثيرة منها صيام التطوع، حيث يحرم عليها أن تصوم بغير إذنه، قال صلى الله عليه وسلم: ” لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد (أي: حاضر) إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه” (متفق عليه)
ولا يجوز للمرأة أن تأذن في بيت زوجها إلا بإذنه، ولا أن تخرج من بيتها لغير حاجة إلا بإذنه؟؟.
عن ابن عباس وابن عمر قالا: أتت امرأة من خثعم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقالت: إني امرأة أيم (لا زوج لي)، وأريد أن أتزوج، فما حق الزوج؟ قال: (إن حق الزوج على الزوجة: إذا أرادها فراودها وهي على ظهر بعير لا تمنعه، ومن حقه ألا تعطي شيئا من بيته إلا بإذنه، فإن فعلت كان الوزر عليها، والأجر له، ومن حقه ألا تصوم تطوعا إلا بإذنه، فإن فعلت جاعت وعطشت، ولم يتقبل منها، وإن خرجت من بيتها بغير إذنه لعنتها الملائكة حتى ترجع إلى بيته أو أن تتوب” (البيهقى، والطبراني)
ومن واجبات الزوجة أيضا نحو زوجها المحافظة على عرضه وماله :
فيجب على المرأة أن تحافظ على عرضها، وأن تصونه عن الشبهات، ففي ذلك إرضاء للزوج، وأن تحفظ مال زوجها فلا تبدده، ولا تنفقه في غير مصارفه الشرعية، فحسن التدبير نصف المعيشة، وللزوجة أن تنفق من مال زوجها بإذنه. عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها -غير مفسدة- كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما كسب. (مسلم)
وعلى الزوجة أيضا الاعتراف بفضل زوجها عليها وكيف أنه يسعى ويكدح ؛ لينفق عليها وأولادها، وكيف أنه يوفر لهم حياة هادئة سعيدة، بعيدة عن ذل الحاجة والسؤال، ويكفيها مؤونة مواجهة مشاكل الحياة ؛ ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، من عظم حقه عليها” (أبو داود، والترمذي، وابن حبان )
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم النساء أن يجحدن فضل أزواجهن، فقال “تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم، فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين، فقالت: لم يا رسول الله؟ قال: لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير” أخرجه مسلم، ولا يخفى على الزوجة عظم فضل زوجها عليها، فعليها أن تديم شكره والثناء عليه؛ لتكون بذلك شاكرة لله رب العالمين.
ومن واجبات المرأة أيضا تجاه زوجها والتي تغفلها بعض النساء ألا وهي خدمة الزوج فإنه يجب على المرأة خدمة زوجها من العجن، والخبز والطبخ، ومسح الدار وتنظيفها، ويجب عليها أن تسقيه إذا طلب أن يشرب، وأن تضع له الطعام ليأكل، وأن تقوم بخدمته في كل ما يلزمه في البيت. وكذلك ما يلزم لخدمة البيت مما تستدعيه أمور المعيشة في المنزل من كل شيء دون تحديد. لما روي عن النبي r في قصة علي وفاطمة رضي الله عنهما “قضى على ابنته فاطمة بخدمة البيت، وعلى علي ما كان خارجا عن البيت من عمل” وقد كان رسول الله r يأمر نساءه بخدمته فقال: “يا عائشة اسقينا، يا عائشة أطعمينا، يا عائشة هلمي الشفرة، واشحذيها بحجر” وقد روي “أن فاطمة أتت رسول الله r تشكو إليه ما تلقى من الرحى، وسألته خادما يكفيها ذلك” متفق عليه من طريق علي،، وكانت أسماء بنت أبي بكر تخدم زوجها الزبير بن العوام -رضي الله عنه- في البيت، وكان له فرس، فكانت تقوم على أمره.
وهذا كله يدل على أن القيام بخدمة الرجل في البيت، وبخدمة البيت واجب من واجبات الزوجة يجب أن تقوم به. إلا أن قيامها به إنما يكون بقدر طاقتها فإذا كانت الأعمال كثيرة بحيث تجلب لها المشقة كان على الزوج أن يأتي لها بخادم يكفيها القيام بالأعمال، وكان لها أن تطالبه بذلك، وإن كانت الأعمال غير كثيرة، وهي قادرة على القيام بها فلا يجب عليه أن يأتي بخادم لها بل يجب عليها أن تقوم هي بالخدمة بدليل ما قضى به رسول الله r على ابنته فاطمة.
والزوجة المسلمة تقوم بما عليها من واجبات، تجاه زوجها وبيتها وأولادها وهي راضية، تبتغي بذلك رضا ربها تعالى، فالزوجة الصالحة خير كنز يضاف إلى رصيد الرجل قال النبي صلى الله عليه وسلم: “تبا للذهب تبا للفضة ” يقولها ثلاثا قال فشق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا:فأي مال نتخذ ؟ فقال عمر رضي الله عنه أنا أعلم لكم ذلك فقال: يا رسول الله إن أصحابك قد شق عليهم وقالوا فأي المال نتخذ قال: “لسانا ذاكرا وقلبا شاكرا وزوجة تعين أحدكم على دينه” سنن أبن ماجة
وفي رواية عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أربع من أعطيهن فقد أعطي خير الدنيا والآخرة قلبا شاكرا ولسانا ذاكرا وبدنا على البلاء صابرا وزوجة لا تبغيه خونا في نفسها ولا ماله”
والزوجة الصالحة فيض من السعادة يغمر البيت ويملؤه سعادة وبهجة وإشراقا.
فعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عز وجل خيرا له من الزوجة الصالحة إن أمرها أطاعته وإن نظر إليها سرته وإن أقسم عليها أبرته وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله” سنن ابن ماجة
هذه هي واجبات الزوجة تجاه زوجها وبيتها وأولادها.