خبر و تعليق خط برليف الجديد
بعد 36 عاماً من اقتحام القوات المصرية “خط برليف” الذي بناه يهود لحماية حدودهم من العدوان المصري، ها هو النظام المصري يقوم اليوم ببناء “خط برليف” جديد على حدودها مع غزة ولكن هذه المرة ليس لحماية حدودها من عدوان كيان يهود وليس لحماية حدودها من عدوان أوروبي أو أمريكي، بل لحماية حدود كيان يهود أنفسهم من أهل غزة العُزّل، وحتى لا يستطيعوا تهريب أي نوع سلاح لحماية أنفسهم من دبابات وطائرات يهود ، مع فارق بين الحاجزين، أن الأول كان باستطاعة الجيش المصري أن يزيله باستخدام أنابيب الماء، أما الحاجز الجديد فهو من المتانة بمكان أنه لا تستطيع المعدات البسيطة ولا حتى المتفجرات أن تخترقه، بل إن هذا الحاجز الجديد الذي يبنيه النظام المصري سيمنع دخول حتى الإمدادات الغذائية أو الطبية أو الحاجات الإنسانية إلا بموافقة كيان يهود وذلك حتى يرضى عنه ساكن البيت الأبيض وزعماء يهود.
ها هي مصر الكنانة، مصر التي كانت السدّ المنيع لصد العدوان عن الإسلام والمسلمين، فمن مصر انطلقت الجيوش الإسلامية لصد الغزو الصليبي عن أمة الإسلام زمن صلاح الدين، ومن مصر إنطلقت الجيوش الإسلامية لتوقف جيش المغول عند حدّه في عين جالوت، والجيش المصري هو الذي أزال خط برليف وكان بإمكانه أن يزيل دولة يهود عن الخارطة السياسية، إلا أن المسرحية السياسية في ذلك الوقت لم يكن الغاية منها إزالة كيان يهود عن الوجود وإنما فقط تقليم أظافره وإظهار قوة السادات تمهيداً لاتفاق السلام الذي تم في كامب ديفد سنة 1978.
هاهو النظام المصري بقيادة حكامه العملاء يقوم بدور الخادم الأمين لمصالح الغرب، وبدل أن يحرر فلسطين من كيان يهود ، فإنه يقوم بالتضييق عليهم وإغلاق المعابر وإمداد يهود بالغذاء أثناء العدوان على غزة، وأخيراً بناء حاجزٍ فولاذي تحت الأرض لقطع الطريق على الأنفاق، كل ذلك دعماً للمشروع الأمريكي في حل الدولتين وإغلاقاً للأبواب أمام المشاريع المطروحة الأخرى: الإنجليزية أو الأوربية.
لقد بلغ الذلّ منتهى الحد عند حكام مصر وأضافوا للخيانة معنى جديداً لم يعهده أحد من قبل، فلم تعد الخيانة تعني الوقوف إلى جانب الأعداء وطعن الصديق في الخفاء، بل في وضح النهار ودونما استحياء.