شرح مواد النظام الإجتماعي في الإسلام- ح6- شرح المادة 116
والتي نصها: (لا يجوز أن تتولى المرأة الحكم، فلا تكون خليفة ولا معاونا ولا واليا ولا عاملا، ولا تباشر أي عمل يعتبر من الحكم، وكذلك لا تكون قاضي قضاة، ولا قاضيا في محكمة المظالم، ولا أمير جهاد).
جاء الإسلام بأحكام متنوعة، منها ما هو عام يشمل المرأة والرجل، ومنها ما خص بها الرجال دون النساء، ومنها ما خص بها النساء دون الرجال، وميز بين الرجال والنساء في قسم منها، وأمر أن يرضى كل منهما بما خصه به، ونهاهم عن التحاسد وعدم الرضى، يقول تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا).
لقد أوجب الإسلام على الرجل أعمالا وخصه بها دون المرأة، مثل الحكم والسلطان ومثل القوامة ، والعمل للإنفاق على الأسرة ، والصداق أي المهر فقد جعله على الرجل للمرأة، وغير ذلك من الأحكام، وأوجب على المرأة أحكاما وخصها بها دون الرجل، مثل حضانة الأولاد أبناء كانوا أم بنات ، وأحكام تتعلق بالحمل ، وأحكام تتعلق بالولادة والرضاع والحضانة وغيرها.
فالإسلام جعل السلطان أي الحكم للرجال دون النساء، بالدليل الذي أخرجه البخاري من طريق أبي بكرة قال: لما بلغ رسول صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس ملكوا عليهم بنت كسرى قال: ( لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة)، وهذا صريح في النهي عن تولي المرأة الحكم في ذم الذين يولون أمرهم النساء.
وولي الأمر هو الحاكم، قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، فولاية الحكم لاتجوز للنساء، يعني أن تكون خليفة أو ما دونها من المناصب التي تعتبر من الحكم، فمن شروط انعقاد الخلافة أن يكون الخليفة ذكرا، لأن إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم بنفي الفلاح عمن يولون أمرهم امرأة، هو نهي عن توليتها، إذ هو من صيغ الطلب، وكون هذا الإخبار جاء إخبارا بالذم لمن يولون أمرهم امرأة بنفي الفلاح عنهم، فإنه يكون قرينة عن النهي الجازم. فكانت تولية الأمر للمرأة حراما.
ولا يجوز أن تكون المرأة واليا، لأن الوالي هو الشخص الذي يعينه الخليفة حاكما على ولاية من ولايات دولة الخلافة وأميرا عليها، وهو نائب عن الخليفة، ويقوم بما ينيبه الخليفة من الأعمال، فكل من ينيبه الخليفة عنه في عمل من أعمال الحكم يعتبر واليا أو حاكما في ذلك العمل.
ولا يجوز أن تكون المرأة معاونا، لأن المعاون هو الوزير الذي يعينه الخليفة ليتحمل معه مسؤو لية الحكم والسلطان، فيفوض أليه تدبير الأمور برأيه، وإمضائها حسب اجتهاده وفق أحكام الشرع .
كذلك لا يجوز أن تكون المرأة عاملا، لأن العامل يعتبر حاكما على ما أسنده إليه الخليفة، فالولاية تقسم الى وحدات، تسمى كل وحدة منها عمالة، ويسمى كل من يتولى العمالة عاملا أو حاكما.
ولا يجوز للمرأة أن تكون أمير جهاد، لأن أمير الجهاد هو الشخص الذي يعينه الخليفة أميرا على النواحي الخارجية، والحربية، والأمن الداخلي، والصناعة للإشراف عليها وإدارتها. وأمير الجهاد ليس بحاكم ولكنه بمثابة الحاكم لكثرة ما يصدر عنه من أوامر لسعة دائرة أعماله التي تحتاج الى أوامر كثيرة. ولذلك سمي أمير على وزن فعيل مبالغة لأسم الفاعل {آمر} لكثرة ما يصدر عنه من أوامر.
أما القضاء، فيجوز للمرأة أن تتولاه، لأنه ليس من الحكم، فعمل القاضي هو فصل الخصومات بين الناس، وإخبار المتخاصمين بالحكم الشرعي على سبيل الإلزام.
فالقاضي موظف وليس بحاكم، فهو أجير عند الدولة كسائر الأجراء.
وقد روي عن عمر رضي الله عنه، أنه ولًّى الشفاء- وهي امرأة من قومه- ولاها السوق، أي قاضي الحسبة الذي يحكم على المخالفات جميعها.
وكان هذا على مرأى من الصحابة رضوان الله عليهم ولم ينكر أحد منهم عليه فكان إجماعا.
هذا بالنسبة للقاضي والمحتسب، أما بالنسبة لقاضي القضاة وقاضي المظالم، فإنه لا يجوز أن تتولاهما امرأة، لأنهما من الحكم، وواقعهما واقع الحكم، وينطبق عليهما الحديث الذي رواه أبو بكرة قال: لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس ملكوا عليهم بنت كسرى قال: ( لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة)، أخرجه البخاري.
وإلى حلقة قادمة ومادة أخرى من مواد النظام الاجتماعي في الإسلام نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبو الصادق