قانتات حافظات- القوامة
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، يتجدد اللقاء معكم مستمعينا مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير، ومع حلقة جديدة من حلقات قانتات حافظات، فحياكم الله معنا مستمعين ومستمعات …إن كل آية ذكرت عن المرأة في القرآن هي وثيقة لكرامتها، فهي إما أمر بحفظ كرامتها ، أو نهي عما يخل بكرامتها ، مثل ما جاء في سورة النساء والأحزاب والطلاق والتغابن إلى غير ذلك مما يدل على أن المرأة تحظى في ظل الإسلام بمقام الاحترام والحفاظ على كرامتها .وفي هذه الحلقة سنتحدث عن مسألة نالت هجوما حادا من المستشرقين وأذنابهم، ألا وهي القوامة ، والهجوم هذا يعود لسببين ، الأول كراهيتهم للإسلام وأهله والثاني الجهل بمعنى القوامة . وسنحاول تفنيد هذه المسألة بشيء من التفصيل لبيان قضية من أهم قضايا علاقة المرأة بالرجل. يقول الحق تبارك وتعالى وهو أصدق القائلين: ” الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا ” ( النساء 34)
إن هذه الآية لها اتصال وثيق بقوله تعالى : ” ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن ” ( النساء 32) والتفضيل يرجع إلى أن الله تعالى خلق الرجل لمهمة والمرأة لمهمة أخرى .والقوامة ليست مقصورة على الرجل وزوجته، بل هي عامة وشاملة، فالأب قوام على بناته والأخ على أخواته وكل رجل مسئول عمن تحت يده وفي رعايته.والحق سبحانه وتعالى يطلب منا أن نقر أنه الخالق الذي أحسن كل شيء خلقه ووضعه في مكانه اللائق وفي وظيفته التي خلق من أجلها، فالقوامة هي عين الكرامة، ومن الذي يجرؤ أن يخالف هذا المنطوق الذي جاء بأعظم مفهوم.
بل إننا نرى حاجة المرأة لمن يقوم على شؤونها وبناتها من الأمور الفطرية عندها، فنرى الأم تدعو الله ليل نهار أن يرزقها بولد قائلة أريد ولدا يحمينا. والقوام تعني المبالغ في القيام، والاستبداد بالنظر فيه وحفظه بالاجتهاد وهذا القيام فيه مسئولية مصحوبة بمشقة وتعب. فالرجل مكلف بمهمة القيام على النساء أي يقوم بأداء ما يصلح الأمور، إذن فلماذا تؤخذ القوامة على أنها كتم أنفاس وانتقاص ولماذا لا تؤخذ على أنها سعي في مصالحهن ؟؟ والقارئ لقوله تعالى: ” بما فضل الله بعضهم على بعض” يجد أن وجه التفضيل منوطا بالمهمة الملقاة على عاتق كل منهم، فالرجل له الكدح وله الضرب في الأرض وله السعي على المعاش حتى يكفل للمرأة سبل الحياة التي تستقر بها.
والمتفهم لبلاغة القول عرف أن الفضل متبادل بينهم فتفضيل الرجل على أنه قوام بمسؤوليته وتفضيل المرأة على أنها سكن مع الراحة والاستراحة ، فعلى المرأة أن تفرح بذلك لأن الله اعطاها السكن وأعطى الرجل المشقة . وليس معنى قوامة الزوج على المرأة، وقيادته للبيت أنه المتسلط فيه، والحاكم الذي لا يرد له أمر، بل معنى قيادة الزوج للبيت هي رعاية شؤونه وإدارته، وليس السلطة أو الحكم فيه، ولذلك فإن للمرأة أن ترد على زوجها كلامه، وأن تناقشه فيه، وأن تراجعه فيما يقول، لأنهما صاحبان وليسا أميرا ومأمورا، أو حاكما ومحكوما، بل هما صاحبان جعلت القيادة لأحدهما من حيث إدارة بيتهما، ورعاية شؤون هذا البيت. وقد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم في بيته كذلك صاحبا لزوجاته، وليس أميرا متسلطا عليهن رغم كونه رئيس دولة، ورغم كونه نبيا. ففيما يروى عن عمر بن الخطاب أنه حدث عن نفسه قائلا: «والله إن كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمرا حتى أنزل الله تعالى فيهن ما أنزل، وقسم لهن ما قسم فبينما أنا في أمر أأتمره إذ قالت لي امرأتي لو صنعت كذا وكذا، فقلت لها وما لك أنت ولما ها هنا، وما تكلفك في أمر أريده، فقالت لي عجبا لك يا ابن الخطاب ما تريد أن تراجع أنت، وإن ابنتك لتراجع رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى يظل يومه غضبان. قال عمر فآخذ ردائي ثم أخرج مكاني حتى أدخل على حفصة فقلت لها يا بنية إنك لتراجعين رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى يظل يومه غضبان. فقالت حفصة والله إنا لنراجعه فقلت تعلمين أني أحذرك عقوبة الله، وغضب رسوله يا بنية لا يغرنك هذه التي قد أعجبها حسنها، وحب رسول الله صلى الله عليه و سلم إياها. ثم خرجت حتى أدخل على أم سلمة لقرابتي منها، فكلمتها. فقالت لي أم سلمة عجبا لك يا ابن الخطاب، قد دخلت في كل شيء حتى تبتغي أن تدخل بين رسول الله صلى الله عليه و سلم وأزواجه. قال عمر فأخذتني أخذا كسرتني به عن بعض ما كنت أجد، فخرجت من عندها» متفق عليه.
فالقوامة مسؤولية شاملة ورعاية دائمة، هذا معنى القوامة الذي يحاول أعداء الدين وذوو النفوس المريضة تحريف معناه، ليعيشوا في ليل بغير فجر ، لأن الليل يستر فضائحهم وفي الفجر نور ، واللصوص لا يحبون النور ….
أستودعكم الله العلي القدير ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أم سدين