قضايا مصيرية في حياة الأمة الإسلامية – الحكم بما أنزل الله
الحمد لله حمد الشاكرين, والعاقبة للمـتقين, ولا عدوان إلا على الظـالمين, والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين, وعلى آله وصحبـه الطـيبين الطـاهـرين, ومن اهــتـدى بـهديـه, واستن بسنــته, وسار على دربـه, ودعا بـدعوتـه إلى يوم الدين , واجعلنـا معهم, واحشرنـا في زمرتـهم, بـرحمتك يا أرحم الراحمين. أما بعد:
إخوة الإيمان والإسلام :
تـبرز قـضية العودة إلى الحكم بـكتاب الله تـعالى, وسنـة نـبـيه صلى الله عليه وسلم باعتبارها ذلك التـحدي الكـبير للقـوانين الوضعية الفـاسدة المستـمدة من قـوانين الكـفر وحضارته, تلك القـوانين التي وصفـها ربـنا سبحانه وتعالى في كتابه بأنها حكم الطاغـوت, وأمرنا أن نكفر به, قـال عز من قائل:{ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا }النساء60.
كما وصفها سبحانه بأنـها حكـم الجاهليـة, فقال جــل شأنـه: {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون }المائدة50.
لقـد نـهانا الله تـبارك وتـعالى عن التـحاكـم إلى الطـاغـوت, وإلى أنظمة الجاهلية, ونـفـى عنـا صفـة الإيمان إن لم نـحكـم كتاب الله وسنـة رسوله, في كـل شأن من شـؤون حياتنـا, وأقـسم على ذلك بـنـفسه، قـال تـعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما }النساء65.
وقـد خـاطـب الله رسولـه, آمرا إيـاه أن يطبـق على المسلمين حكم الله تـعالى, ونـهاه عن اتـباع أهوائـهم, محذرا إيـاه من أن يـفتنـوه عن بعض ما أنزل الله إليه, وقـد نـص علم الأصول على أن خطاب الله للرسول هوخطاب لأمـته, ما لم يرد دليل يخصصه بـه, وهنا لم يرد دليل مخصص, فـيكون الخطاب موجها إلينـا نـحن المسلمين، قـال جل شأنـه: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك …..}المائدة49
هذا وإن هنالك الكثير من الآيات والأحاديث الصـحيحة الدالـة على تفصيلات الحـكم , وكـلــها أنزلـت للحـكم بها, وتطبيقها وتنفيذها, وقـد طـبقـت بالفعل في واقع الحياة العملـي أيام الرسول صلى الله عليه وسلم وأيام الخــلفـاء الراشدين, ومن أتى بعدهم من حـكام المسلمين, مما يدل دلالة واضحة على أن الإسلام نظام للحــكم وللدولة, وللمجتمع والحياة , وللأمة والأفراد, كما يدل على أن الدولة لا تـملك الحكم إلا إذا كانت تسير وفق نظـام الإسلام , ولا يكون للإسلام وجود إلا إذا كان حيا في دولة تــنـفـذ أحكامه, فقد جاءت رسالة الإسلام عامة شاملة للبشرية جمعاء تـنـظـم شؤون الحياة كــلــها, فـهـناك آيات تشريعية كثيرة منها:
- التـشريع الحربــي :
قال تعالى:{فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون} الأنفال57, وقال تعالى:{… فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها…} محمد4
- التـشريـع السياسي :
قال تعالى:{ فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من …..} المائدة 48, وقال تعالى: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك …..}المائدة49
- التشريـع الجنائــي :
قال تعالى: {ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب}البقرة179.
وقال تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم }المائدة38